«يحملون جرائم آبائهم على الأكتاف»| أطفال مقاتلي داعش.. «بأي ذنب تُركوا»  

صورة من داخل دار الأيتام
صورة من داخل دار الأيتام

خدعوا الموت مرة.. فأعلن أهلهم وفاتهم وهم أحياء، وأورثوهم جرائم لم ترتكبها أيديهم يومًا.. كان ذنبهم الوحيد أنهم لم يستسلموا للموت تحت الكتل الخراسانية، أو في إحدى الغارات الجوية التي استهدفت آبائهم من مقاتلي داعش.


«أبناء داعش».. وصف يُطلق على الأطفال الذي ولدوا ليجدوا أبائهم يقاتلون في صفوف التنظيم الإرهابي، ودون أدنى اختيار منهم ظل اللقب عالق بهم حتى بعد وفاة آبائهم، عالقا بهم حتى وإن كان عمرهم لا يتعدى أشهر القليلة، فأصبحوا كسيزيف الذي كُتب عليه أن يحمل صخرته للأبد.


كأي طفل عادي يملك هؤلاء الأطفال أحلامًا بسيطة، أن تصبح إحداهم طبيبة لتعالج الجرحى، أو أن يصبح أحدهم لاعب كرة قدم، ألا أن «سارة» - ذات الـ11 عامًا فقط – فاجأت الجميع عندما قالت لمراسلة الـ«إندبندنت» البريطانية أن حلمها الوحيد هو أن تعود خالاتها من مدينة كركوك لاصطحابها معهم.


كلمات سارة فاجأت نائبة مدير دار الأيتام التي خصصتها الحكومة العراقية لإيواء الأطفال الذين توفي آبائهم خلال القتال بصفوف تنظيم داعش، لأنها المرة الأولى التي تتحدث فيها سارة عن شيء «شخصي» منذ قدومها.


«أغلب الأطفال القادمين إلينا يعانون من صدمة.. لقد حدث لهم غسيل مخ.. بعضهم أصبح متطرفا بالفعل.. لا يريدون الحديث مع أحد أو الاختلاط بباقي الأطفال.. لكننا لا نتركهم يستسلمون لهذا الأمر.. نسعى لدمجهم في المجتمع وكسر حاجز الخوف لديهم» هكذا وصفت غزوان محمد – مديرة دار زهور للأيتام بالموصل- الحالة النفسية للأطفال.


وأشارت غزوان إلى أن أغلب هؤلاء الأطفال تبرأت منهم عائلاتهم، وأصبحوا لا يرغبون في الاعتراف بهم أو حتى الاقتراب منهم، لمجرد أن آبائهم وليسوا هم كانوا يقاتلون في تنظيم داعش.


وتابعت أن دار الأيتام أصبحت تأوي الآن قرابة الـ33 طفلا بينهم 24 فتاة، إلا أنهم يعانون من نقص شديد في الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة لهم، لافتة إلى أن بعض الحالات التي تصل للدار تكون بحاجة إلى تأهيل نفسي، وفي بعض الأحيان تأهيل بدني أيضًا.


وتابعت أن أكثر الحالات صعوبة هي للأطفال الذين ولدوا في الأماكن التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش، والذين يجب أن يتم استخراج أوراق هوية لهم، وفي بعض الأحيان تتنازع العائلات على الطفل نفسه إلا أن تحليل الـDNA يحسم الجدل دائما.


وأشارت أمل عبدالله – نائبة مديرة دار الأيتام- إلى أن أصعب شيء يواجه هؤلاء الأطفال هي حالة النكران التي يواجهونها على يد أهلهم على ذنب لم يرتكبوه.


وأضافت أن أغلب العائلات لا تعترف بالأطفال لأنهم أبائهم «قتلة»، لافتة إلى أنهم يأتون لزيارتهم بين الحين والآخر إلا أنهم يرفضون أن يأخذوهم معهم.


وتابعت أنه في أحد المرات سألت أحدهم «لماذا لا تتحملون أنتم مسئولية ما فعل أشقائكم، وتحملونها بالكامل لهؤلاء الأطفال؟ إلا أن الصمت كان الجواب الذي حصلت عليه.


«لقد رأيت كثير من المرضى.. كثير من الجرحى.. أريد أن أصبح طبيبة.. أريد أن أنقذ حياتهم وأخلصهم من ألمهم» كلمات قالتها الطفلة سارة وهي تلعب بدميتها على الأرجوحة داخل دار الأيتام دون أن تعرف أن حلمها من الممكن ألا يتحقق لأنها – دون أدنى اختيار- ابنة أحد مقاتلي داعش.