بالصور| ننشر نص كلمة «المحرصاوي» بمنتدى «التعليم الجامعي والتصنيع الدوائي»

 محمد المحرصاوي
محمد المحرصاوي

وجه الدكتور محمد المحرصاوي، كلمة مميزة عن دور الأزهر الشريف في كافة المجالات التي من شأنها أن تخدم الإنسانية بوجه عام.

وأكد خلال منتدى «التعليم الجامعي والتصنيع الدوائي»، على أن صناعة الدواء تتطلب من العلماء والباحثين المتخصصين توفير ضمانات إنجاح هذه الصناعة الوطنية بالاستغلال الأمثل لأحدث التكنولوجيات فى العالم

وطالب بضرورة مواصلة العلماء والباحثين المتخصصين البحث العلمي الجاد عن اختراعات للإسهام في الإنتاج المحلي لأدوية تُعالج آلام المرضى، بما يُوفر الدواء في السوق المحلي بأسعار مخفضة لاتُمَّثل عبئًا على المواطنين خاصة محدودي الدخل.

وجاء نص الكلمة كالتالي:

كلمة الأستاذ الدكتور محمد المحرصاوى رئيس جامعة الأزهر فى منتدى التعليم الجامعى والتصنيع الدوائى:

—————
لعل من نافلة القول، أن الأمم لن تنهض إلا بالعلوم والمعارف المتطورة والتوظيف الأمثل لأحدث التكنولوجيات فى العالم، وأنه بالبحث المنهجى الجاد يمكن أن نتجاوز كل الأزمات ونتغلب على الصعاب؛ بما يؤكد الرابطة الحتمية والمقدسة بين البحث العلمى بالجامعات والمراكز البحثية المتخصصة وبين متطلبات العصر، ويفرض الدعم المتزايد لدفع عجلة البحث العلمى، وقدرات الإبداع وملكات الابتكار لدى الباحثين؛ للمضى قدمًا على طريق التنمية المستدامة فى شتى الميادين والمجالات. فلا أرى فائدة من وراء أبحاث تقليدية لا تمت بأى صلة أو علة للواقع أو المستقبل؛ إذ تدخل فى حكم العادة، إذا جاز التعبير، وقد صدق القائل: «الحاجة أم الاختراع»، وينبغى أن نُربى طلاب العلم فى حلقات الدرس على التفكير البنَّاء والإبداعى فى خدمة المجتمع والوطن؛ ليتمكنوا من المشاركة الفعَّالة فى إثراء الحضارة الإنسانية كما كان أجدادهم العظام الذين يُمكن أن نصفهم بملوك المعرفة.
نعم، لابد أن تكون هناك علاقة تكاملية بين البحث العلمى، ومتطلبات الصناعات الوطنية، والأزمات المعاصرة، وغيرها من احتياجات المجتمع عبر شراكات مثمرة تقوم فيها الجامعات والمؤسسات البحثية بدور «بيوت الخبرة» التى تُقَّدم الرأى والمشورة العلمية والحلول الناجعة للأزمات والمشاكل، وتقفز بالأداء فى مؤسساتنا إلى آفاقٍ رحبة تُوفر خلالها الوقت والجهد بمنجزات تاريخية تُجَّسد عبقريات فذة، تستطيع أن تقهر المستحيل وتتحدى التحدى.
السيدات والسادة،
نعم، نحن نسطيع أن نتجاوز أى تحديات أو صعاب، وقد أبهر المصريون العالم بتجاربهم الثرية فى شتى المجالات، التى لا يتسع المقام لسردها، وسأكتفى بالحديث عن بعض ما تنجزه مصر فى مجال الرعاية الصحية، وأقول: ما حققناه من نجاحات فى علاج أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من مرضى فيروس «سى» بـ «السوفالدى المصرى» فى زمن قياسى، يحظى بتقدير المؤسسات الدولية المعنية، خاصة فى ظل المبادرة الرئاسية الكريمة لإجراء المسح الطبى الشامل لكل المواطنين لعلاج مرضى فيروس «سى»، والأمراض غير السارية «السمنة والضغط والسكر»، وفى الإطار ذاته تأتى المبادرة الرئاسية أيضًا للقضاء على قوائم انتظار الحالات الحرجة والجراحات الدقيقة، وأود الإشارة إلى أن جامعة الأزهر حريصة على تلبية نداء الوطن وكل شعوب العالم وأداء واجبها، والإسهام بفاعلية فى كل المشروعات التى من شأنها تخفيف آلام المرضى، وإنهاء معاناتهم؛ تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذى يُولى اهتمامًا بالغًا بإيفاد قوافل طبية دورية لعلاج أشقائنا فى أفريقيا، إيمانًا بأن دور الأزهر لايقتصر على التعليم والدعوة فقط بل يمتد إلى خدمة الناس فى مختلف المجالات، اضطلاعًا برسالته السامية التى ترتكز على منهج علمى رصين يتسم بالوسطية والتعددية وإرساء قيم التعايش والسلام والحوار بين مختلف الثقافات.
السيدات والسادة،
لا يخفى على أحد، التحديات التى تُواجه صناعة الدواء، وتتطلب من العلماء والباحثين المتخصصين توفير ضمانات إنجاح هذه الصناعة الوطنية بالاستغلال الأمثل لأحدث التكنولوجيات فى العالم وتوطين الخبرات المتطورة فى مصر، وتعظيم المكَّون المحلى بما يُوفر العملات الصعبة، ويُسهم فى تخفيض أسعار الدواء، وفى هذا الإطار لا يفوتنا أن نتوجه بكل التحية والتقدير للجهود التى تبذلها الدولة؛ لتُتَّرجم التكليفات الواضحة للرئيس عبدالفتاح السيسى، ونكون على موعد مع إنجاز تاريخى جديد خلال عامين ببدء ضخ إنتاج مصنع أدوية الأورام فى السوق المحلية، الذى يتم إنشاؤه حاليًا ليُغَّطى احتياجاتنا، فضلاً عن التصدير للدول الصديقة والشقيقة، ومنها دول الجوار والقارة الأفريقية.
أدعو كل العلماء والباحثين المتخصصين إلى مواصلة البحث العلمى الجاد عن اختراعات تُسهم فى الإنتاج المحلى لأدوية تُعالج آلام المرضى، بما يُوفر الدواء فى السوق المحلى بأسعار مخفضة لاتُمَّثل عبئًا على المواطنين خاصة محدودى الدخل. 
وأتمنى على المشاركين فى منتدى التعليم الجامعى والتصنيع الدوائى، الذى تنظمه جامعة الأزهر بالتعاون مع اتحاد الجامعات الأفريقية، أن يصلوا إلى حلول واقعية لأزمة الدواء بما يُذَّلل أى عقبات قد تعوق الإنتاج المحلى أو تعظيم المكَّون المحلى فى الإنتاج، ويضمن تحقيق شراكات ناجحة بين الجامعات ومصانع الأدوية بحيث تتم الاستفادة من الثروة البحثية فى تطوير صناعة الدواء، ولا تظل الأبحاث العلمية الجادة والمتميزة حبيسة الأدراج، بحيث تمد الشركات المحلية والعالمية والمؤسسات المعنية يد العون، وتقَّدم كل الدعم حتى يظهر هذا الإنتاج البحثى للنور، وتستفيد منه البشرية كلها. 
السيدات والسادة،
ونحن إذ نثَّمن الجهود المثمرة التى يبذلها اتحاد الجامعات الأفريقية، نحو تطوير منظومة التعليم العالى، وفق أحدث التكنولوجيات فى العالم؛ بما يحقق التنمية الشاملة؛ فإننا ندعوه إلى تبنى مبادرة جديدة تُسهم فى تعزيز التعاون العلمى بين مؤسسات التعليم العالى بالقارة الحبيبة، فى مجال صناعة الدواء.
وأود الإشارة إلى قيام جامعة الأزهر بالتوسع فى إنشاء كليات الطب والصيدلة وتطوير المناهج الدراسية وفقًا لأحدث معايير الجودة التعليمية، بما يُلبى متطلبات العصر، وقد تم لأول مرة هذا العام استحداث مادة الفقه بكليات الطب بحيث يتضمن المقرر الدراسى ما يحتاج الطلاب إلى معرفته من القضايا المعاصرة مثل: قضايا تشريح الجثث ونقل الأعضاء وبنوك الأجنة واللبن وتأجير الأرحام وهدايا شركات الأدوية، وغيرها إضافة إلى أخلاقيات المهنة والعلاقة بين الأطباء والمرضى.
دعونى، فى ختام حديثى، أن أنقل إليكم رسالة من فضيلة الإمام الأكبر، فأقول: «اعملوا على خدمة وطنكم.. واصنعوا الأمل بين المرضى بأبحاث علمية جادة تُسهم فى إنهاء معاناتهم، وتُوفر العلاج بأسعار مناسبة، من خلال دعم الصناعة الوطنية للدواء، وتعظيم المكَّون المحلى فى إنتاجها؛ اضطلاعًا بمسئولياتكم الدينية والوطنية والاجتماعية والإنسانية».
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته