قبل القمة الخامسة بين «السيسي وترامب».. هذه أسباب كسر جمود العلاقات بين مصر والولايات المتحدة

الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

اكتسب الحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة في 2014 أبعادا على درجة كبيرة من الأهمية، على الرغم من حالة الصعود والهبوط التي تشهدها العلاقات بين البلدين، إلا أن تطور الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط  والتي بالتأكيد لا تصب في مصلحة القاهرة أو واشنطن، جعلت القيادة الأمريكية الجديدة تسعى إلى أن تذيب كل التوترات والشوائب التي تعوق العلاقات بين البلدين.

 

ولأن الدبلوماسية المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي دائما ما تتبع سياسة الباب المفتوح، بإقامة علاقات متوازنة مع كافة دول العالم، ظهر التوافق بين الرئيسين وبدأت العلاقات تتخذ مسارها الصحيح، مع الحفاظ على الثوابت التاريخية للسياسة الخارجية لمصر.

 

فطنة وحكمة القيادة السياسية في مصر تتجلى في إدراكها لأهمية العلاقات الإستراتيجية التي تربط مصر بالولايات المتحدة منذ عقود، كما أن نجاح تلك العلاقات في اجتياز العديد من التحديات خلال السنوات القليلة الماضية يؤكد عمقها وثباتها واستقرارها، فالرئيس السيسي يسعى إلى تعزيز التعاون والتنسيق مع إدارة الرئيس ترامب، في ضوء وجود تحديات مشتركة تتطلب تكثيف التعاون للتعامل معها.

 

30 يونيو

 

ولا شك أنه خلال السنوات الأربع الماضية، واجهت مصر محاولات عديدة للتدخل في شئونها الداخلية، ومن أبرزها تدخلات إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بشأن الوضع السياسي في مصر، فخلال فترة حكم المعزول محمد مرسي كانت العلاقات بين الجانبين المصري والأمريكي دافئة، بصورة دفعت الرئيس الأمريكي أوباما آنذاك إلى انتقاد إرادة الشعب المصري لنزوله في 30 يونيو يطالب بعزل مرسي، إلى جانب تعليق واشنطن المساعدات الأمريكية لمصر.

 

رأب الصدع

 

ومع تولي الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب  للسلطة عادت العلاقات المصرية الأمريكية إلى طبيعتها، ووجه ترامب الدعوة للرئيس عبدالفتاح السيسي لزيارة الولايات المتحدة، في محاولة لرأب الصدع الذي خلفته إدارة أوباما مع الدولة الأكثر ثقلا في منطقة الشرق الأوسط، حيث استطاع الرئيس السيسي كسر الجمود في هذه العلاقة، والتي وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلا: «كان هناك تفاهم جيد.. إنه شخص رائع ويسيطر بحق على زمام الأمور في مصر»‬، وخلال عام واحد فقط التقى الرئيسان 4 مرات من قبل، وبعد ساعات سوف تقعد القمة الخامسة بينهما.

 

زيارة الرئيس السيسي  للولايات المتحدة في 3 أبريل 2017 والتي كانت أول زيارة رسمية لرئيس مصري إلى الولايات المتحدة منذ ١٠ سنوات، كانت بداية قوية لحسم جميع الملفات التي تخص التعاون الثنائي وكذلك القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين العالمي والإقليمي، وبدأ الجانبان يحملان رؤية واحدة تجاهها، وهو ما أظهرته تصريحاتهما منذ كان ترامب مرشحا في انتخابات الرئاسة الأمريكية في أواخر عام2016، لتنتهي بذلك حقبة من التوترات التي شابت العلاقات بين البلدين.. كما عادت من جديد مناورات النجم الساطع بين الجيش المصري والأمريكي بعد أن توقفت 8 سنوات كاملة، وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس السيسي خلال زيارته للولايات المتحدة: «نجدد العلاقات بين جيوشنا إلى أعلى مستوى في هذه الأوقات أكثر من أي وقت مضى، أريد فقط أن أقول لك سيدي الرئيس، أن لديكم صديقا وحليفا في الولايات المتحدة».

 

زيارات متبادلة

 

بعد عودة العلاقات إلى طبيعتها شهدت الزيارات الرسمية المتبادلة قوة دفع كبيرة، وتحديدا منذ أغسطس ٢٠١٥ واستئناف الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي على مستوى وزيري الخارجية لأول مرة منذ عام ٢٠٠٩، وأعقبه زيارات وفود الكونجرس الأمريكي لمصر، وكذلك زيارات مسئولين مصريين إلى الولايات المتحدة، ففي يناير الماضي قام  نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس بزيارة لمصر، استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي، وبحث الجانبان سبل دعم علاقات التعاون بين البلدين في كل المجالات، بالإضافة لبحث آخر التطورات الإقليمية والدولية وعلى رأسها عملية السلام ومواجهة التنظيمات الإرهابية والأزمات في سوريا واليمن وليبيا، ثم قام ريكس تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي الأسبق قبل إقالته بزيارة لمصر في الشهر التالي لزيارة نائب الرئيس الأمريكي واستقبله الرئيس  وعقد سامح شكري وزير الخارجية معه مؤتمرا صحفياً، وكانت هذه الزيارة هى أول زيارة له لمصر بعد توليه منصبه، وفي يوليو الماضي قام رونالد لاودر رئيس الكونجرس اليهودي العالمي بزيارة لمصر استقبله الرئيس السيسي وبحث الجانبان عدداً من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث أكد الرئيس مساندة مصر لمختلف الجهود الرامية لاستئناف عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

 

وفي نفس الشهر قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السماح لمصر باستخدام قيمة مساعدات عسكرية أمريكية تم حجبها في السابق بسبب المخاوف من سجل حقوق الإنسان في البلاد تقدر بحوالي 195 مليون دولار، وعلق مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية، قائلا : «إن القرار أيضا يأتي في ضوء تعزيز الشراكة  بين الولايات المتحدة وذلك ضمن مساعدات تبلغ قيمتها الكلية نحو 1.3 مليار دولار». 

 

وفي أغسطس الماضي قام سامح شكري وزير الخارجية بزيارة لأمريكا، والتقى مع نظيره الأمريكي «‬مايك بومبيو» ومستشار الأمن القومي «‬جون بولتون»، وبحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين والتأكيد على أهمية تحقيق المصالح المشتركة في المجالات المختلفة والتنسيق بشأن مواعيد انعقاد الجولة القادمة للحوار الاستراتيجي وآلية «‬2+2» على مستوى وزيري الخارجية والدفاع بالبلدين، كما تم تبادل الرؤى والتقديرات بشأن عدد من القضايا والتحديات الإقليمية محل الاهتمام المشترك، حيث تحرص واشنطن والقاهرة على تكثيف التشاور والتنسيق حيالها بما يعزز من دعم الاستقرار والسلام في المنطقة.

 

القمة الخامسة


ومن المقرر أن يلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، نظيره الأمريكي دونالد ترامب، بمقر إقامته في نيويورك، مساء الإثنين 24 سبتمبر، في تمام الساعة الحادية عشرة مساءً بتوقيت القاهرة.
 
ويأتي اللقاء المرتقب بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، والرئيس دونالد ترامب، بناءً على طلب الرئيس الأمريكي الذي يجري 6 لقاءات مع زعماء عالميين.
 
ومن المقرر أن يتطرق اللقاء لعدة ملفات هامة يأتي على رأسها العلاقات الثنائية بين البلدين، والشراكة الإستراتيجية المصرية الأمريكية، فضلا عن ملف مكافحة الإرهاب، والقضية الفلسطينية، وسبل إنهاء الحرب السورية، بالإضافة إلى مناقشة الحلول اللازمة لإنهاء الأزمة الليبية.
  
وأخيراً وليس آخراً، تعتمد الدبلوماسية المصرية على  التنوع في العلاقات الدولية، وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة أن مصر دولة رشيدة لها وجه واحد، ولن نكون ضد أي دولة، لا نتآمر علي أحد، وهذه رسالتنا للعالم كله، نحن ندير سياسة شريفة في زمن عز فيه الشرف، وليس لديها سوي وجه واحد وتتحدث لغة واحدة مع الجميع، وتنشد الخير والسلام والبناء والاستقرار للإنسانية بأسرها.