ورشة «عم يسري» لصناعة الأمل

ورشة «عم يسري» لصناعة الأمل
ورشة «عم يسري» لصناعة الأمل

تخصص فى صناعة الأطراف الصناعية .. ويقدمها مجاناً للفقراء


فى مساحة لا تتعدى ثلاثة أمتار، يزاول عم يسرى عمله داخل ورشته الصغيرة لتصنيع الأطراف الصناعية بدقة وحرفية عالية.

 

وهى «الصنعة» التى أتقن صناعتها منذ أن كان فى العاشرة من عمره وتعلمها على يد والده الذى ورث عنه تلك الحرفة، وبرغم ما تحتاجه تلك الصناعة الآن من أجهزة وربما آلات ثقيلة، إلا أنه يعتمد على يديه فقط وبعض الأدوات البسيطة.

 

وتحتوى ورشته التى يزيد عمرها عن الثمانين عاما على بعض أنواع الجلود والجبس والمبارد وأسطوانات اللحام وغيرها من الأدوات الضرورية بالإضافة للمواسير والأربطة وغيرها مما يقوم بشرائه.

 

وتمر صناعة الأطراف الصناعية بمراحل عديدة، حيث يبدأ عم يسرى بأخذ مقاس دوران الرجل ثم يصب الجبس فى «فورمة» يعمل على تشكيلها من خلال نحتها بالمبرد بشكل دقيق ليخرج المقاس المحدد، ويعمل على لفه بالجلد الطبيعى ولصقه بالنيكل وأنواع شرابات لا ينتج عنها أى حرارة بحيث يستطيع جلد المريض تحملها، ثم يعمل على تثبيتها على ماسورة خاصة وتجميعها مع الأربطة التى تسهل ثنى الرجل والحركة بالإضافة إلى شكل القدم فى نهاية الطرف.

 

وبالرغم من ارتفاع سعر الطرف الواحد نتيجة لارتفاع أسعار بعض المواد المستوردة، يقوم عم يسرى بتصنيعه مجانا لمن لا يقدرون على ثمنه، وببساطته الشديدة وابتسامة الرضا على وجهه يقول لنا: «ماقدرش أرفض، لو معهوش خلاص بعملهوله بالظبط زى اللى بيدفع واعتبره صدقة جارية لأبويا».

 

وكما يؤكد فقد جاءه والده فى المنام وأوصاه بكل زبائن الورشة، ويشير إلى أن الرزق ليس مالا فقط، حيث يعتبر أن زوجته الصالحة وأبناءه رزق لا يقدر بثمن، كما أن ربنا قد يعوضه من خلال مريض آخر يدفع كثيرا.

 

ويعرف عم يسرى تفاصيل رجل الإنسان ومواضع العظام كما لو كان طبيبا،،ويقول إن صناعة الطرف تعتمد على مكان الجزء المقطوع من الرجل، فالقطع عند الركبة يختلف عن القدم عند الفخذ، كما قد يكون هناك قطع مع بقاء أجزاء من العظام، وهو ما يدفعه لفحص الشخص جيدا لتنفيذ الطرف المناسب له، بحيث يؤدى الوظيفة المطلوبة منه،ولا يتسبب له فى ألم قد ينتج عن احتكاك الطرف بالعظام.

 

ولم يكتف عم يسرى بالأطراف الصناعية، فهو يقوم أيضا بتصنيع الكراسى المتحركة باستخدام مواسير الحديد بعد صهرها وتجميعها من خلال لحام النحاس والمسامير بالإضافة إلى الفرش المناسب، ويدفعه حرصه على إخراج المنتج المناسب إلى معرفة وزن وحجم المريض.

 

بالإضافة إلى مساحة أبواب الغرف فى منزله لتسمح بمرور الكرسى بسلاسة،،كما يقول فهذه المهنة تتطلب وقتا وجهدا كبيرا، حيث يستغرق تنفيذ الطرف الصناعى أو الكرسى ما بين عشرة أيام إلى أسبوعين، ويشمل تفاصيل كثيرة ويمر بمراحل عديدة، قد تحتاج كل مرحلة إلى فنى متخصص، لكن عم يسرى يتقنها جميعها وينفذها فى ورشته بمفرده، كما يتحمل جهود رفع المريض ومساعدته على الحركة أثناء أخذ مقاسه، بالإضافة إلى أسلوبه الخاص مع من يعانون حالة نفسية سيئة وإعطائهم أمل العودة لحياتهم الطبيعية .