علاقة تفرضها المصالح الإستراتيجية..

واشنطن ومصر.. تعاون سياسى وملفات إقليمية مشتركة

واشنطن ومصر.. تعاون سياسى وملفات إقليمية مشتركة
واشنطن ومصر.. تعاون سياسى وملفات إقليمية مشتركة

شهدت العلاقات المصرية الأمريكية تطوراً كبيراً خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين من خلال التعاون فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، حيث عملت دبلوماسية الدولتين على إيجاد اطار مؤسسى يتسم بصفة الاستمرارية وهو ما يُطلق عليه الحوار الإستراتيجي، لتحقيق التفاهم بين البلدين. وقد جرت أول محاولـة فى هذا المجال فى عامى 1988 و1989 بعقد جلستين فى القاهرة وواشنطن للتحاور حول القضايا السياسية الدولية والإقليمية على مستوى الخبراء من الجانبين، غير أن هذا الحوار توقف بعد الغزو العراقى للكويت. وفى يوليو 1998 تم إحياء فكرة الحوار الإستراتيجى بين الدولتين فى أول جولة للحوار فى واشنطن، ثم عقدت الجولة الثانية فى القاهرة فى ديسمبر 1998، تلاها الجولة الثالثة فى فبراير عام 1999 بواشنطن.

تسوية مقبولة

مع بداية الألفية الثالثة اكتسب الحوار الإستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة أبعاداً على درجة كبيرة من الأهمية، لخطورة تطور الأوضاع فى المنطقة وضرورة وضع قاعدة للمصالح المشتركة من خلال لقاءات وتشاورات مستمرة بين البلدين، وعدم الاكتفاء بلقاء واحد كل عام، نظم هذه اللقاءات وزيرا خارجية البلدين حيث تم التوصل إلى الاتفاق بشأن النقاط التالية:

ـ الإسهام الفاعل فى إرساء تسوية مقبولة للقضية الفلسطينية تراعى حقوق ومطالب أطراف النزاع. والتوصل إلى السلام فى السودان بدون الإخلال بوحدة السودان كدولة.

وزيادة المساعدات الإضافية الأمريكية لمصر لمواجهة خسائر الحرب على العراق وكذلك الخسائر التى نجمت بعد أحداث 11 سبتمبر. كذلك بدء المفاوضات الرسمية بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين بعد تحقيق تقدم فى العلاقات التجارية فى إطار اتفاقية التجارة والاستثمار. وقد حرصت مصر والولايات المتحدة معا على تحديد ثلاثة أهداف كبرى لتعاونهما وهي: السلام والاستقرار الإقليمى  التصدى للإرهاب ـ الإصلاح الاقتصادي.. كما قررت الدولتان دعم مجالات العمل المشترك وهي: التحالف الإستراتيجى بما يعنيه من تعاون عسكرى وتدريب ومناورات مشتركة وبرامج تسليح وتصنيع عسكرى ومحاربة الإرهاب.

والالتزام بالسلام عبر تسوية سلمية للصراع العربى الإسرائيلى على جميع المسارات وتحقيق الأمن والاستقرار الوطنى والإقليمي.

غير أن هذا التطور فى العلاقات لا يعنى بالضرورة الاتفاق المطلق بين وجهتى النظر المصرية والأمريكية بشأن القضايا الدولية والإقليمية، وإنما يعنى التفاهم وعدم الخلاف رغم الاختلاف فى وجهات النظر فى بعض الأحيان. وقد حدث تقارب فى العلاقات المصرية - الأمريكية خاصة بعد التنسيق بين واشنطن والقاهرة فى عدة ملفات مهمة، أبرزها: الحرب على الإرهاب فى ليبيا والتنسيق للسيطرة على المد الإيرانى فى المنطقة، من خلال الحد من نفوذ الميليشيات الحوثية فى اليمن، وكذلك فى ضوء مشاركة مصر فى قوات التحالف الدولى للتصدى لداعش.

الشأن المصرى

وغيرت أمريكا من سياستها خاصة بعد أن وجدت نفسها مضطرة للتحالف مع مصر ودول الخليج فى الحرب على الإرهاب والتنظيمات الإرهابية. وكان للقيادة السياسية الدور الأهم فى إعادة العلاقات لمجراها الطبيعى بعد أن فرضت الإرادة المصرية على كافة الدول التى حاولت التدخل فى الشأن المصرى الداخلي، خاصة بعد نجاح ثورة 30 يونيو ، وجمعت ملفات إقليمية هامة بين مصر والولايات المتحدة كان أهمها عاصفة الحزم والتصدى للتوغل الإيرانى فى المنطقة من جهة، والتصدى والحرب على الإرهاب من جهة أخرى.

من ناحية أخرى طلبت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، من مصر استضافة قوة عربية مشتركة لمكافحة النفوذ الإيراني، كما جاء فى صحيفة «وول ستريت جورنال»، نقلا عن مسئولين عرب يحمل عنوان «الولايات المتحدة وحلفاؤها فى الشرق الأوسط يستكشفون إمكانية تأسيس تحالف عسكرى عربي».

ويقول التقرير: «التحالف المحتمل قد يتبادل معلومات استخبارية مع إسرائيل، بهدف مكافحة النفوذ الإيراني».

ويشمل التحالف المقترح السعودية والإمارات ومصر والأردن، وفقا لـ 5 مسئولين من البلدان العربية المذكورة المشاركين فى المناقشات.

وعلاوة على ذلك، قد تنضم دول عربية أخرى إلى التحالف. وأفادت الصحيفة أن التحالف سيكون على غرار «الناتو»، بحيث يكون أى اعتداء على أى دولة من أعضائه بمثابة اعتداء على الكل، إلا أن التفاصيل لم تتضح بعد.

دعم عسكرى

ومن المنتظر أن تقدم الولايات المتحدة دعما عسكريا واستخباريا للتحالف، يتجاوز ما تقدمه لنظيره الذى تقوده السعودية فى حربها ضد الحوثيين. لكن كلا من الولايات المتحدة أو إسرائيل لن تكونا ضمن معاهدة الدفاع المشترك.

كما طلبت أمريكا من مصر المشاركة فى الحرب السورية تمهيدا لانسحاب القوات الأمريكية من هناك وطالبت السعودية وقطر والإمارات بضخ مليارات الدولارات، وكذلك إرسال قوات عسكرية لاستعادة شمالى سوريا. ولكن مع ثبات الموقف المصرى بعدم إرسال قوات عسكرية خارج البلاد اقتنعت واشنطن بامكانية ان يقتصر الدور المصرى على تدريب القوات السورية فيما بعد.

وفِى مجال محاربة الاٍرهاب خصصت أمريكا مليار دولار فى فبراير الماضى للمساعدة فى دعم قدرات مصر عسكريا، وأكد وزير الخارجية الامريكى أن الجهود المشتركة فى محاربة الإرهاب ثابتة،لافتا إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم الدولة المصرية فى حربها ضد الإرهاب.