«دين الإخوان» أقصر طريق للإلحاد.. شوهوا الإسلام وعاثوا في الأرض فسادا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الإلحاد.. آفة المجتمع في زمن الإخوان، ارتبط ارتباطا وثيقا بهذه الجماعة الدموية التي تلاعبت بالدين، واتخذت منه ستارا لتحقيق أغراضها السياسية البعيدة كل البعد عن الإسلام.

 

وكانت أهم إنجازاتهم خلال العام الأسود الذي حكموا فيه مصر، هو ازدياد نسبة الإلحاد بين الشباب، الذين كانوا يعتبرونهم «المتحدثين باسم الدين»‬ حتى اصطدموا بواقعهم الإرهابي المرير من قتل، وحرق، وتدمير، وحدثت لهم ‬صدمة أفقدتهم الثقة في هؤلاء، وما يتبعونه من ‬دين فسروه على أهوائهم، وسخروه لخدمة مصالحهم، وزعموا أنهم «جنود الله في الأرض» والإسلام منهم بريء.

 


الدراسات والإحصائيات الدولية تؤكد ذلك، فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة ''إيسترن ميتشيجان'' الأمريكية، أن نسبة التدين في مصر انخفضت إلى 77% في عام 2013، بعدما كانت 100% في عام 2009.

 


وحسب المؤشر العالمي للأديان والإلحاد بمركز "‬ريد سي" التابع لمعهد "‬دبليو أي إن جالوب " فإن 32.4٪ من ملحدي مصر في الفئة العمرية من 15 إلى 24 سنة، و36٪ في الفئة العمرية من (25 : 34 سنة، و18.9٪ في الفئة العمرية من 35 حتى 44 سنة، و9.2٪ في الفئة العمرية من 45 حتى  54 سنة، وحوالي 2.5٪ في الفئة العمرية من 55 : 64 سنة، و1٪ في الفئة العمرية أكثر من 65 سنة.

 

كما أن 73.8٪ من الملحدين ذكور، و26.2٪ نساء، ووفقًا لاستطلاع معهد "جالوب"، أصبحت مصر في مقدمة دول الشرق الأوسط الأكثر إلحادًا، مشيرًا إلى أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هي القاهرة، تليها الإسكندرية، ثم الإسماعيلية، والشرقية.

 

آراء خبراء

 

أحمد كريمة: الإخوان حللوا حرامًا وحرموا حلالاً 

 

هويدا مصطفي: تطوير الخطاب الديني هو الحل


آمنة نصير: خطابات الإخوان الدموية وراء عزوف الشباب عن الدين

 

 

في البداية يقول د. أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن مشكلة الإلحاد ترجع إلى عدة أسباب متنوعة، أهمها قلة الوعي الديني عند هؤلاء الشباب المغرر به أو المعجب بنفسه أو المفتون بفكره، بالإضافة إلي قرب وسائل الاتصالات حيث سهولة عرض وترويج الأفكار والتأثر بها، كما أدت الحياة المادية خاصة في الغرب بأنماطها من المال والشهوات إلى البعد عن الحياة الوجدانية المعروفة.

 

وتابع أحمد كريمة: "يضاف إلى ذلك سوء فهم الدين، وعرضه من شيوخ وفصائل وجماعات منسوبة للدين بكل أسف، لأن معظم الشباب قاسوا الدين على تصرفات هؤلاء، فوجدوا الانفصال والانفصام المروع بين ما يرددون من شعارات وما يفعلون من تصرفات، مما ترتب عليه من التشكيك في الدين، وهذه الحقيقة أشار إليها الإمام أبو حامد الغزالي الذي قال إن جريمة الإلحاد يتحمل أوزارها مشايخ جهلة بغضوا الحق إلي الخلق".

 


وأكمل: "منذ القرن الماضي وظهور الجماعات السلفية الدعوية والجهادية، وعلى التوازي ظهرت جماعة الإخوان الإرهابية، ثم قبل نهاية القرن الماضي ظهر مزيج من الفكر السلفي والإخواني في جماعة التكفير والهجرة مع بدء تزايد بعض الفكر الشيعي، مما أصاب البعض بالتشتت، حيث وجدوا الدمار والإرهاب والعنف الفكري والمسلح، فكان رد الفعل النفور من الدين، لأنهم ظنوا أن الدين هو فهم هؤلاء المتطرفين بدءاً من حسن البنا وسيد قطب وشكري مصطفي وغيرهم، بالإضافة إلي ظهور "الدواعش" الذين يعتبرون أخطر تنظيم أثر على الشباب وأفكارهم تجاه الدين".


ويشير "كريمة" إلى أن "عدم وجود لجان علمية تخصصية في المؤسسات الدينية تعالج الإلحاد، يمثل مشكلة كبيرة، لأن هؤلاء الشباب الذين انخدع بعضهم بنظريات فيزياء الفضاء والكون ونشأته، لم يجدوا إلا ثرثرة وعظية لاتشفي غليلهم أو تنقذهم من الضياع الفكري".

 

واختتم أحمد كريمة حديثه قائلا: "من المشاكل تقوقع وزارة الثقافة في الأعمال الفنية فقط، واكتفاء وزارة الشباب والرياضة بالألعاب البدنية، وغياب الدور المؤثر في وسائل الإعلام، فالمشكلة تحتاج إلى تشخيص دقيق من علماء الاجتماع والعقيدة والأخلاق، ووجود خطاب ديني يسمو إلى علاج الأفكار الإلحادية بتأهيل مجموعة علمية إسلامية تتخصص في معالجات الإلحاد".

 


فقدان الثقة

 

تؤكد د. رحاب العوضي، أستاذة علم النفس، أنه تاريخيا بعد أي حروب تنمو أفكار الإلحاد، لفقدان الثقة في النفس وفي الله سبحانه وتعالي وقدرته علي تغيير مقادير البشر والاستجابة للدعاء، وبالنظر للصراعات والحروب في دول مثل سوريا وليبيا واليمن وغيرها، وفقدان ضحايا ليس لهم ذنب في هذه الحروب، ساعد ذلك على رواج هذه الأفكار الشاذة،.

 

وتابعت رحاب العوضي: "منالأسباب الهامة التي تؤدي إلى زيادة نسبة الإلحاد، رجال الدين وعدم قدرتهم علي التواصل الجيد مع المواطنين خاصة الشباب الذي تأثر كثيرا من التكنولوجيا والإنترنت الذي ساعدهم في الاطلاع أكثر على النماذج الغربية الناجحة التي لاتعترف بالأديان ، مما أثر بالسلب على أفكار الشباب الدينية، بالإضافة إلى القتل وسفك الدماء باسم الدين من قبل الجماعات الإرهابية، كما أن التصرفات الشخصية المسيئة لبعض الشيوخ ورجال الدين أضرت بصورة الدين في نظر الشباب الذي يعرف عنهم التهور في الفكر والاندفاع، مما دفع بعضهم إلى الاتجاه للإلحاد".


واختتمت "العوضي" حديثها قائلة: "للإلحاد خطورة على المجتمع من حيث عدم إقتناع تابعيه بالعقاب في الآخرة، مما يجعلهم يشيعون الفاحشة ومظاهر الانفلات الأخلاقي بالمجتمع فيهدده بالتفكك ومزيد من المشاكل النفسية والمادية وغيرها".

 


الجماعات الإرهابية

 


تشير د. عبلة البدري، أستاذة علم الاجتماع، إلى أن الإلحاد ظاهرة تستحق الدراسة، وتتمثل أسبابها في إظهار الأديان السماوية بشكل غير لائق، فهناك نماذج من المحسوبين على الدين تدعو للأسف إلي العنف والخراب والعنصرية باسم الدين، وغياب القدوة التي تشجع علي التدين، مما دفع بعض الشباب المغرر به إلى التشكيك والابتعاد عن الأديان".

 

وتابعت: "غياب دور الدولة من خلال مؤسساتها خاصة الدينية والإعلامية في التوعية السليمة ، وترسيخ مبادئ الأديان الحميدة يمثل مشكلة كبيرة، كما أن الإقبال الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي ساعد علي الترويج لهذه الأفكار في ظل غياب الجهات المضادة والمناهضة لها التي لاتستخدم نفس السلاح في التوعية، بالإضافة إلى أفكار الجماعات الإرهابية مثل الإخوان، وداعش، وكان لهم دور كبير في هذه المشكلة وغيرها من الكوارث التي ضربت المجتمع".


وتؤكد "البدري" أن لعلم الاجتماع دورا كبيرا في تحليل ودراسة الأزمة من أجل وضع الحلول المناسبة التي تساعد علي محاربتها، بالإضافة إلى دور الإعلام في إبراز القدوات الدينية في المجتمع، مع وجود أساليب حوار توعوية ضد الأفكار الإلحادية.

 


الأفكار المتطرفة


تقول د. هويدا مصطفي، رئيسة قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن ظاهرة الإلحاد انتشرت في فترة وجيزة، مضيفة أنها فكرة متطرفة نتيجة مجموعة من العوامل جزء منها مرتبط بتقوية الوعي، وجزء آخر متعلق بتقديم الدين بشكل متوازن ومبسط يمكن فهمه من قبل المواطنين.

 

وتابعت: "في الفترة الأخيرة ظهرت مجموعة من رجال الدين يعتلون المنابر بغير كفاءة، مما أديى إلى توصيل المعلومات بشكل خاطئ إلي الشباب، ويؤدي ذلك إلى تشكيك الناس في دينهم خاصة فئة الشباب التي تكون أكثر عرضة لأنها متأثرة بوسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة، والتي أدت إلى عزوف الشباب عن دينهم".


وأكملت: "ما حدث من الإخون في الفترة الأخيرة من استخدام لاسم الدين والتوظيف السياسي له، واستخدام الدين من أجل تحليل ما يحلو لهم وتحريم ما لا يعجبهم، أدى إلى التشكيك في المعتقدات الدينية خاصة لدى فئة الشباب، هذا بالإضافة إلى انتشار مجموعة رجال الدين غير المدربين بشكل كاف يمكنهم من اعتلاء المنابر، وهذه الظاهرة أيضاً سببها جماعة الإخوان التي شوهت الدين من أجل مصالحها الخاصة، ومكاسب سياسية، ومن أجل معالجة هذه الظاهرة يجب تجديد خطاب ديني معتدل متطور بعيد عن الأفكار المتطرفة التي تم زرعها في المجتمع خلال السنوات السابقة، مثلما شدد الرئيس في العديد من خطاباته السابقة".

 


واختتمت هويدا مصطفى حديثها قائلة: "وسائل الإعلام لها دور كبير في مواجهة ظاهرة الإلحاد التي تفشت في المجتمع، وتزايد أعداد الملحدين، وتتمثل الحلول في البرامج الدينية التوعوية، ونشر القيم الدينية الحقيقية التي يدعونا إليها الإسلام السمح، بالإضافة إلى نشر الدعوة إلى الوسطية في المعاملة، كل هذا سيساعد على توفير مناخ مناسب من أجل الحد من هذه الظاهرة".

 


المساءلة القانونية

 


وفي ضوء ذلك توضح آمنه نصير، عضو مجلس النواب، أن الإلحاد من عدمه قضية شخصية داخل مكنون الفرد، ولا يستطيع أحد أن يدخل إلي قلب أحدهم من أجل تغيير ما فيه، أما إذا ارتبط هذا التطرف بأفعال تضر الدولة على أرض الواقع، فيخضع الشخص في هذه الحالة للمساءلة القانونية، ويكون الإلحاد في هذا الموقف غير متعارض مع مادة حرية الاعتقاد في الدستور، حيث تنتهي الحرية عندما تضر بالآخرين.

 


أما عن الحلول من أجل مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، فتقول عضو مجلس النواب: "يجب أن يكون هناك شيوخ وأئمة مدربون على مستوى يمكنهم من تقديم خطاب ديني في إطاره الصحيح الوسطي، وألا نجعل الخطاب الديني يدور حول العنف والشدة مثلما كان في وقت إخوان الدم، والحرص على توجيه الشباب بمنطق يتماشي مع عقليتهم الحديثة، وتوصيل المعلومة إليهم بشكل صحيح، لأننا لا نملك سيكولوجية شبابية مطيعة، خاصة في ظل انتشار مفاهيم الحرية وحقوق الإنسان التي صدرها الغرب لنا".

 


وأستكملت آمنة نصير حديثها قائلة: "أي تطرف يحدث له سبب، وسبب انتشار هذه الظاهرة في مصر في الفترة الأخيرة هو جماعة الإخوان المسلمين، الذين تشددوا في خطاباتهم الدينية التي كانت تدعو إلي الدم، وهذا أدى إلى تشكيك الشباب في معتقداتهم وعزوفهم عن الدين، وأن الجماعات والتنظيمات الإرهابية المتشددة كانت أهم سبب في انتشار الإلحاد في المجتمع وتناميه في أوساط الشباب خاصة في الآونة الأخيرة، فالتوظيف السياسي للدين الذي تقوم به الجماعات المتطرفة كان أيضا أحد أسباب انتشار ظاهرة الإلحاد".

 


تطوير الخطاب الديني

 


من جانبه يوضح ماهر فرغلي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن تيارات الإسلام السياسي تعتمد دائما علي الرجوع إلى الأصول والنصوص، وتفسيرها بشكل غير صحيح يتماشى فقط مع مصالحهم، مما يؤدي إلي وجود رد فعل سلبي من البعض تجاه هذه النصوص القرآنية، والاتجاه إلى أن العلم والطبيعة أفضل وأكثر منطقية من النصوص، مما يجعلهم ينفرون من الدين ويتجهون إلي الإلحاد.

 

واختتم "فرغلي" حديثه قائلا: "تصرفات جماعات الإسلام السياسي مثل الإخوان من القتل والتخريب وغيرها، أدت إلي إنكار النصوص بالجملة والاتجاه إلى الإلحاد، ولذلك لابد من العمل على عودة الثقة في النصوص الدينية مرة أخرى من خلال تطوير الخطاب الديني".