قبل عاشوراء| سلفي يتهم الصوفية بالتشيع.. وعلي جمعة يرد بالسُنة

الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق
الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق

يحتفل المسلمون الخميس المقبل بيوم عاشوراء، بالصيام والتوسعة على أهل امتثالا لأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وقبل عاشوراء، بدأ السلفيون في توجيه اتهامات للصوفية وربطهم بالشيعة وكأنها حرب على أي ما يخالف فكرهم.

فقال الداعية السلفي سامح عبد الحميد، في تصريح له، إنه لا علاقة بين عاشوراء وبين الحسين رضي الله عنه، وأن عاشوراء ذكرى لنجاة موسى وأصحابه من فرعون، وكان الصحابة يصومون عاشوراء قبل مقتل الحسين رضي الله عنه، متسائلا: «لماذا يُصر الشيعة وأتباعهم على إحياء ذكرى مقتل الحسين؟».

وأضاف أن «الصوفية تقلد الشيعة في الذهاب لقبر الحسين في القاهرة، وطبعًا هذا قبر مزور، والحسين لم يُدفن في القاهرة يقينًا، والصوفيون لديهم كثير من البدع الشيعية، وضلالات مأخوذة من الشيعة، والشيعة تعتبر الطرق الصوفية الطريق لدخول مصر».

«علي جمعة»: التصوف تطهير للنفس والسلوك
وبالتزامن مع الهجوم على الطرق الصوفية، نشر الدكتور علي جمعة، مفتي الديار السابق وصاحب طريقة «الصديقية الشاذلية»، الرد على كل التساؤلات والشائعات التي تثار حول التصوف، عبر الصفحة الرسمية على موقع «فيسبوك» 

وبدأ منشوره بأن التصوف الروحي؛والسلوك الذي يرقى به المسلم إلى مرتبة الإحسان التي عرفها النبي صلى الله عليه وسلم هي أن «تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

وأضاف «جمعة» أن التصوف برنامج تربوي، يهتم بتطهير النفس من كل أمراضها التي تحجب الإنسان عن الله عز وجل، وتقويم انحرافاته النفسية والسلوكية فيما يتعلق بعلاقة الإنسان مع الله ومع الآخر ومع الذات، والشيخ هو القيم أو الأستاذ الذي يقوم بذلك مع الطالب أو المريد.

واستكمل: «النفس البشرية بطبيعتها يتراكم بداخلها مجموعة من الأمراض مثل: الكبر، والعجب والغرور، والأنانية والبخل، والغضب، والرياء، والرغبة في المعصية، والخطيئة، والرغبة في التشفي والانتقام، والكره، والحقد والخداع، والطمع، والجشع»، وقال تعالى حكاية عن امرأة العزيز: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ ومن أجل ذلك فطن الأوائل إلى ضرورة تربية النفس، وتخليصها من أمراضها للتتواءم مع المجتمع وتفلح في السير إلى ربها.

وأكد أن هناك أمور يجب توافرها في الصوفية، منها:

أولاً: التمسك بالكتاب والسنة، إذ أن الطريقة الصوفية هي منهج الكتاب والسنة، وكل ما خالف الكتاب والسنة فهو ليس من الطريقة، بل إن الطريقة ترفضه وتنهي عنه.

ثانياً: لا تعد الطريقة تعاليم منفصلة عن تعاليم الشريعة بل جوهرها.

ثالثاً: مظاهر رئيسية، حث على جميعها القرآن الكريم، وهي:

أولاً: الاهتمام بالنفس، ومراقبتها وتنقيتها من الخبيث، لقوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا - فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا - قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا - وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.

ثانياً: كثرة ذكر الله عز و جل، لقوله سبحانه: « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ولا يزال لسانك رطباً من ذكر الله».

ثالثاً: الزهد في الدنيا، وعدم التعلق بها والرغبة في الآخرة، لقوله تعالى « وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ».

وتابع، أما عن الشيخ الذي يلقن المريدين الأذكار ويعاونهم على تطهير نفوسهم من الخبث، وشفاء قلوبهم من الأمراض، فهو القيم، أو الأستاذ يرى منهجا معينا هو الأكثر تناسبا مع هذا المريض، أو تلك الحالة، أو هذا المريد أو الطالب، وهذا لا يعني ترك شيء من العبادة، وإنما هناك عبادة معينة يكثر منها السالك إلى الله توصله إلى الله عز وجل، وعلى أساسها تتعدد أبواب الجنة، ولكن في النهاية تتعدد المداخل والجنة واحدة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل أهل عمل باب من أبواب الجنة، يدعون بذلك العمل ولأهل الصيام باب يدعون منه يقال له الريان»، فكذلك الطرق تعد المداخل والأساليب، وفقاً للشيخ والمريد نفسه، فمنهم من يهتم بالصيام، ومنهم من يهتم بالقرآن أكثر ولا يهمل الصيام، وهكذا.

التصوف بريء من أعمال المجاذيب
وأكد « ذلك الكلام لا ينطبق على أغلب المدعين للتصوف، الذين يشوهون صورته، ممن لا دين لهم ولا صلاح، الذين يرقصون في الموالد، ويعملون أعمال المجاذيب المخرفين، فهذا كله ليس من التصوف ولا الطرق الصوفية في شئ، وإن التصوف الذي ندعو إليه لا علاقة لهم بما يراه الناس من مظاهر سلبية سيئة، ولا يجوز لنا أن نعرف التصوف ونحكم عليه من بعض الجهلة المدعين، وإنما نسأل العلماء الذين يمتدحون التصوف حتى نفهم سبب مدحهم له».

جمعة يجيب: «لماذا لا نتعلم آداب السلوك وتطهير النفس من القرآن والسنة مباشرة»
وأجاب عن هذا السؤال، بأن «هذا كلام ظاهره فيه الرحمة، وباطنه من قبله العذاب، لأننا ما تعلمنا أركان الصلاة وسننها، ومكروهاتها، بقراءة القرآن والسنة، وإنما تعلما ذلك من علم يقال له علم الفقه، صنفه الفقهاء واستنبطوا كل تلك الأحكام من القرآن والسنة، فماذا لو خرج علينا من يقول نتعلم الفقه وأحكام الدين من الكتاب والسنة مباشرة، ولن تجد عالماً واحداً تعلم الفقه من الكتاب والسنة مباشرة».

وأشار «جمعة» إلى أن هناك أشياء لم تذكر في القرآن والسنة، ولابد من تعلمها على الشيخ ومشافهته، ولا يصلح فيها الاكتفاء بالكتاب كعلم التجويد، بل والالتزام بالمصطلحات الخاصة به، فيقولون مثلاً، «المد اللازم ست حركات» فمن الذي جعل ذل المد لازماً، وما دليل ذلك من ألزمه الناس؟ إنهم علماء هذا الفن، كذلك علم التصوف علم وضعه علماء التصوف من أيام الجنيد - رضي الله عنه - من القرن الرابع إلى يومنا هذا، ولما فسد الزمان، وفسدت الأخلاق، فسدت بعض الطرق الصوفية، وتعلقوا بالمظاهر المخالفة لدين الله، فتوهم الناس أن هذا هو التصوف، والله - عز وجل - سيدافع عن التصوف وأهله وسيحميهم بقدرته، لما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}.

وأنهى منشوره، قائلا: « فيما ذكر بياناً لمعنى التصوف، والطريقة، والشيخ، وسبب تعدد الطرق، ولماذا نتعلم السلوك وتنقية النفس من ذلك العلم المسمى بالتصوف ونأخذه عن المشايخ ولا نرجع مباشرة إلى الكتاب والسنة».