جزر الكوريل .. إرث الماضي يحكم الحاضر في العلاقات الروسية اليابانية

شينزو آبي وفلاديمير بوتين
شينزو آبي وفلاديمير بوتين

اقترح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين على رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، توقيع معاهدة سلام بين البلدين قبل نهاية العام الجاري، ولكن شرط الرئيس الروسي الوحيد هو عدم وضع شروطٍ مسبقةٍ قبل بدء التفاوض.

 

اليابان وروسيا رغم أنهما لا يعيشان حالة من العداء السياسي في الوقت الراهن، لكنهما في ذات الوقت لا يعيشان حالة من الوئام ، في حين ترتمي القيادة السياسية في طوكيو في أحضان الولايات المتحدة، التي تُعتبر حليفًا أساسيًا لليابان.

 

وقد مضت ثمانين عامًا على انتهاء الحرب بين الاتحاد السوفيتي واليابان، دون أن يتم بعد توقيع اتفاقية سلام بين الجانبين، وهو ما تحدث عنه شينزو آبي، والذي اعتبر أن الوضع غير طبيعيٍ.

 

شينزو آبي بدا في لقائه بوتين منفتحًا على تحسين العلاقات مع الصين ، في ظل النزاع بين الجانبين على جزر ببحر الصين الجنوبي، كما أبدى استعداده للقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى عدم وجود أي اتفاق بهذا الصدد حتى اللحظة.

 

كل هذا كان خلال المنتدى الاقتصادي الشرقي في روسيا، الذي أُطلق منه شرارة البدء في محادثاتٍ بين طوكيو وموسكو، تنهي عقود عدم السلام الثمانية بين البلدين.

 

الجزر التي تمثل عائقًا

لكن اتفاق السلام ذلك سيعيقه قضية جزر "الكوريل"، والتي تُعتبر مربط الفرس في فتور العلاقات بين الجانبين طيلة ثمانين عامًا بعد الحرب السوفيتية اليابانية عام 1945.

 

وجزر الكوريل هي أربعة جزر تتألف من أربع جزر تقع بين شبه جزيرة كامتشاتكا الروسية وجزيرة هوكايدو اليابانية، تمتد هذه الجزر على شكل قوسين تفصل بحر أخوتسك عن المحيط الهادئ.

 

وتعود جذور هذه القضية إلى مطلع القرن التاسع عشر، حين بدأت اليابان وروسيا القيصرية التنافس على هذه الجزر، وتمكن اليابان من الحصول على هذه الجزر في البداية بعد الحرب الروسية اليابانية الأولى خلال عامي 1904 و1905.

 

ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، استعاد الاتحاد السوفيتي –سابقًا- السيطرة على الجزر، بموجب مؤتمر بوتسدام، الذي عُقد قرب العاصمة الألمانية برلين، بين الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفيتي (دول الحلفاء في الحرب العالمية الثانية)، وتم الاتفاق على منح موسكو الجزر الأربع، وهو ما أشعل التوتر السياسي بينها وبين طوكيو.

 

وبعد أحد عشر عامًا، وقعت روسيا واليابان اتفاقية، قضت بتقاسم الجزر الجنوبية الأربعة من جزر كوريل لتحصل كلٌ منهما على جزيرتين، بيد أن هذا الاتفاق لم يصمد طويلًا بعد توقيع اليابان اتفاقًا أمنيًا مع الولايات المتحدة، إبان اشتعال الحرب الباردة، مما جعل موسكو تتخلى عن التزاماتها بشأن هذا الاتفاق.

 

وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، اتفق الجانبان عام 1993 على الالتزام بالاتفاقية الموقعة عام 1956، لكن اليابان هذه المرة غيرت رأيها وأصرت على تملك الجزر الأربع، ولم يطرأ أي جديدٍ منذ ذلك العام، رغم مرور ربع قرنٍ من الزمن على ذلك.