في ذكرى رحيله الـ25..

بليغ حمدي.. «ملك الموسيقى» الذي حقق نبوءة محمد فوزي

بليغ حمدي
بليغ حمدي

"عندي ليكي حتة ملحن يجنن.. مصر حتغني ألحانه أكتر من 60 سنة قدام".. بهذه الجملة بدأ الفنان الكبير محمد فوزي كلامه لـ"أم كلثوم"، حينما أراد أن يقدم لها الموسيقار بليغ حمدي للتعاون معه، وقد تحققت نبوءة "فوزي" في مستقبل "بليغ"، الذي لا تزال ألحانه تغنى عبر الأجيال.

بليغ حمدي، الذي تحُل ذكرى وفاته الـ25، غدًا الأربعاء 12 سبتمبر الجاري، اشتهر بسهولة وبساطة ألحانه، وهذا جعل كل متذوق للموسيقى قادر على التفرقة بين موسيقاه وأي موسيقى أخرى يسمعها.

ولد بليغ عبد الحميد حمدي مرسي، في حي شبرا بالقاهرة في 7 أكتوبر 1931، وكان والده يعمل أستاذًا للفيزياء في جامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليا).

موهبة طفولية

أتقن "بلبل" العزف على العود وهو في سن التاسعة من عمره، وحاول الالتحاق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى - معهد الموسيقى العربية حاليا- وهو في سن الثانية عشرة، لكن سنه الصغير حال دون ذلك. 

 

التحق "بليغ"، بمدرسه شبرا الثانوية، في الوقت الذي كان يدرس فيه أصول الموسيقى في مدرسة عبد الحفيظ إمام للموسيقى الشرقية، ثم تتلمذ بعد ذلك على يد درويش الحريري، وتعرف من خلاله على الموشحات العربية، والتحق بكلية الحقوق، وفي نفس الوقت، التحق بشكل أكاديمي بمعهد فؤاد الأول للموسيقي.

4 أغنيات بصوته

اتجه "حمدي" في بداية مشواره للغناء، حينما أقنعه محمد حسن الشجاعي مستشار الإذاعة المصرية، باحتراف الغناء، وبالفعل سجل للإذاعة 4 أغنيات بصوته، لكنه توقف ووضع كل تركيزه في التلحين.
 

علاقة بليغ حمدي مع الموسيقار محمد فوزي كانت قوية، حيث منحه الأخير فرصة التلحين لكبار المطربين والمطربات من خلال شركة "مصر فون".


اللقاء الأول مع "أم كلثوم"

كان "فوزي" أول من قدم "بليغ" لكوكب الشرق أم كلثوم، بعدما طلبت منه لحن أغنية، إلا أنه اعتذر، وقال لها: "عندي ليكي حتة ملحن يجنن مصر حتغني ألحانه أكتر من 60 سنة قدام"، فكان اللقاء الأول في حفل بمنزل د. زكي سويدان أحد الأطباء المعالجين لأم كلثوم، وهناك بدأ بليغ في تلحين الكوبلية الأول من أغنية "حب إيه" وهو جالس على الأرض وسط ذهول الحاضرين، فما كان من "أم كلثوم" إلا أن فعلت مثله وجلست بجواره وطلبت منه أن يكمل اللحن، وتغنت بأول ألحانه في ديسمبر 1960، وحققت نجاحا كبيرا وتوالت الأعمال بينهما.


رحلته مع العندليب

وشهد العام 1957، التعاون الأول بين الموسيقار بليغ حمدي والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ،  من خلال أغنية "تخونوه".

 

وشارك "بليغ" في تلحين مجموعة من الابتهالات الدينية منها مجموعة للشيخ سيد النقشبندي، وأشهرها "مولاي".
 

لم يغفل بليغ حمدي تلحين أغاني الأطفال، فقام بوضع الألحان لمجموعة من أغاني الأطفال منها "أنا عندي بغبغان" لوردة.

بعد وفاة الموسيقار فريد الأطرش، وقبل أن ينتهي من تلحين أغنية "كلمة عتاب" لوردة، طلب ورثة "فريد" من "بليغ" استكمال لحن الأغنية، وبالفعل حملت "كلمة عتاب" ألحان "فريد وبليغ".

المطربة المغربية سميرة سعيد تًعد من أكثر مطربات جيلها الذين غنوا من ألحان بليغ حمدي، حث أن أول أغنية قدمتها من ألحانه هي "زي البحر حبيبي"، وطرحت في ألبوم "بقى ده اسمه كلام" عام 1978.


موسيقى تصويرية بتوقيع "الملك"

وضع بليغ حمدي الموسيقي التصويرية لكثير من الأفلام والمسرحيات والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية، ومن الأفلام: "إحنا بتوع الأتوبيس، وشيء من الخوف، وأبناء الصمت، والعمر لحظة، وآه يا ليل يا زمن، وأضواء المدينة"، ومن المسرحيات: "ريا وسكينة، وزقاق المدق، وتمر حنة"، ومن المسلسلات: "بوابة الحلواني" وهي آخر ما قام بليغ بتلحينه في حياته.

إبداعات في حب مصر

عرف عن بليغ حمدي حبه الشديد لمصر، ويعد من أكثر الموسيقيين تلحينا لأغاني في حب مصر، وكتب وغنى بعضها بنفسه منها "عدى النهار" وقدمها بعد حرب 67، وأغنيه "على الربابة بغني" التي غنتها وردة بعد حرب أكتوبر، و"البندقية اتكلمت" و"لو عديت" و"عبرنا الهزيمة" و"فدائي" و"بسم الله" و"عاش اللي قال"، وكانت أشهر أغانيه الوطنية على الإطلاق هي أغنيه "ياحبيبتي يامصر" للفنانة شادية.

مُنع من دخول الإذاعة

كتب بليغ حمدي بعض أغانيه تحت اسم مستعار هو "ابن النيل"، ويذكر المهتمون بسيرة بليغ حمدي، أنه وفي أثناء حرب أكتوبر 1973 ذهب وزوجته الفنانة وردة الجزائرية لمبني الإذاعة والتلفزيون، ومنع من دخول المبني نظرًا لظروف الحرب إذ لم يكن مسموحا دخول مبني الإذاعة لغير العاملين فيه، فما كان من بليغ إلا أن طلب صديقه الإذاعي الكبير وجدي الحكيم قائلا له: "حعملك محضر في القسم يا وجدي عشان مش عاوز تخليني أدخل أعمل أغنيه لبلدي".

كان "بليغ" يتحدث بمنتهى الجدية فضحك الجميع وتم السماح له بالدخول، ولكن بعدها كتب بليغ حمدي تعهداً على نفسه بتحمل أجور جميع الموسيقيين بحجة عدم وجود ميزانية لتسجيل أغاني النصر، وتم تسجيل أغنيتي "علي الربابة بغني" و"بسم الله".

"بليغ" متهمًا

في العام 1984، اتهم بليغ حمدي في حادث انتحار الفنانة المغربية الصاعدة سميرة مليان، حيث وقعت الحادثة في منزله، الذي كان بمثابة ملتقى أهل الفن الكبار منهم والصغار، وبعد أن ترك المدعوين في منزله وذهب للنوم، لقيت الفنانة الصاعدة مصرعها إثر سقوطها من شرفة بالشقة، وتسبب هذا الاتهام في غيابه عن مصر لعدة سنوات قضاها متنقلا بين باريس ولندن ودول أخرى، ثم عاد في 1989، بعد أن تم تبرئته في القضية.

ألقابه

حمل بليغ حمدي عدة ألقاب منها: "سيد درويش العصر"، و"ملك الموسيقى"، و"بلبل"، و"ابن النيل".

زواجه من وردة

تزوج بليغ حمدي من المطربة الجزائرية وردة في منزل نجوى فؤاد، حيث كانا معزومان على عقد قرانها، وطلب بليغ من وردة الزواج، ووافقت، وزوجهما نفس المأذون الذي عقد قران نجوى فؤاد عام 1972 بعد قصة حب عنيفة، واستمر الزواج لسنوات، تعاونا فيها الزوجان في العديد من الأغنيات، حيث تعتبر وردة أكثر من لحن لها بليغ.

وفاة "بلبل"
توفى "ابن النيل"، في 12 سبتمبر 1993، عن عمر ناهز 62 عامًا بعد معاناة مع مرض الكبد.