حكايات| وجبة الترسة الإسكندراني.. «أكسير بحري» يزوج العانس ويدمر البيئة 

الترسة البحرية
الترسة البحرية

يتهافت محبو الطبيعة لرؤية الترسة البحرية، إذ تمثل قيمة بيئية كبيرة وفق منظورهم الخاص، على جانب آخر هناك محبين لهذا الزاحف العائم، بطريقة أخرى إذ يمثل دمها ولحما دواء وغذاء وفق معتقد في حي بحري بالإسكندرية.

 

يسود معتقد لدى أهل الإسكندرية وخاصة حي «بحري»، أن دم الترسة يعد «أكسير» يزيل الألم ويداوي العقم ويعالج النحافة وأمرض السكر والكبد وغيرها، كما أن لحمها لا يضاهيه سمين، إذ تعد من أهم الأطباق الإسكندرانية القديمة التي اشتهر بها أهل منطقة بحري.

 

طعام بنات بحري

 

كانت الترسة مخصصة فقط للفتيات اللاتي أصابتهن النحافة في منطقة بحري، اعتقادا منهن أن شرب دمائها من الأشياء التي تكسبهن زيادة في الوزن دون عناء، ففي أزمان مضت كانت السمنة من علامات الأنوثة والجمال، فالكثير من الفتيات بحثن عن اكتساب الوزن الزائد سريعاً. 

 

الفتيات كنّ يذهبن في الصباح الباكر بصحبة الصيادين إلى الشاطئ بمنطقة «الأنفوشي»، والتي تقع بها حلقة السمك فيقوم الصياد بذبح الترسة أمامهن ومن ثم تعبئة بعض الأكواب بدماء الترسة لتتناولها الفتيات ليحققن حلم الوزن الزائد سريعاً.

 

طريقة طهي خاصة

 

تقول الشيف الإسكندرانية نيفين عباس إن «الترسة» من الأطباق التي بدأت تندثر بشكل كبير جداً في المطبخ الإسكندراني، فلم يعد أحد يقوم بإعدادها الآن إلا نادراً، وكانت تطهى بطريقة خاصة، فهي لا تمسك باليد حتى لا تنزلق، وكانت تصفى بواسطة مصفاة ومن ثم يسكب الماء المغلي عليها حتى تتأكد ربة المنزل من غسلها جيداً ومن ثم يوضع لها الماء والبصل والبهارات.
 

 

٧ أنواع مهددة بالانقراض

 

الترسة ٧ أنواع في العالم، 5 منها تمر بالسواحل المصرية بالبحرين الأحمر والمتوسط، وتتواجد في كل شواطئ العالم عدا المناطق القطبية.

كل أنواع الترسة مهددة بالانقراض وذلك بسبب ارتفاع سن التزاوج الذي يبدأ عند بلوغ الأنثى 30 سنة، كما أنه لا يمكن التزاوج بين السلاحف من الأنواع المختلفة. 

 

ويعتبر الصيد الجائر والاتجار غير المشروع من أهم أسباب انقراضها، وذلك بسبب الاعتقاد الشعبي السائد بأن تناول دم الترسة يقوى القدرة الجنسية، ويساعد النحاف على زيادة الوزن، وكذلك لأخذ الصدفة الموجودة بها وطحنها لاستعمالها في أعمال السحر والشعوذة.

 

صيد الترسة جريمة

 

حرّم القانون المصري صيد السلاحف البحرية، إذ وقعت مصر على كل الاتفاقيات الدولية التي تحرم صيد السلاحف البحرية حفاظًا عليها من الانقراض، وتصل عقوبة الذبح أو الاتجار فى السلحفاة البحرية إلى الحبس 3 سنوات وغرامة من 5 آلاف إلى 50 ألف جنيه.


 

 

للترسة فوائد أخرى 

 

تعرضت مصر لهجة شرسة من القناديل العام الماضي، ووجدت وزار البيئة إن الحل الوحيد كان في سلاحف الترسة، إذ أطلقت 40 منها للموازنة البيولوجية.

 

وأكد د. أحمد غلاب مدير عام محميات البحر الأحمر تنفيذ برنامج لرصد السلاحف البحرية ﻹعادة توازنها بعد تراجع أعدادها ولمواجهة ظاهرة انتشار قناديل البحر حيث تعد هذه القناديل غذاء للسلاحف.

 

 

حماية من الانقراض

 

وقال غلاب «إننا كنا نعانى من انتشار هذه القناديل في البحر الأحمر ولكن في عام 2015 أطلقنا لحفظ السلاحف البحرية ونجحنا في أن نوصل بحالة السلاحف البحرية في البحر الأحمر من حالة مهددة بالانقراض إلى حالة الاستقرار عن طريق حمايتها في موسم التعشيش الخاص بها فى فصل الصيف، بالإضافة إلى نشر التوعية والندوات البيئية التى توضح الأهمية الاقتصادية لهذه السلاحف« .

 

وعن الاتفاقيات الدولية لحماية السلاحف البحرية «الترسة»، أشار غلاب إلى أن هناك عدة اتفاقيات دولية أهمها اتفاقية «سايتس» حيث تتضمن ملحقا خاصا بالسلاحف البحرية المهددة بالانقراض والتي يمنع تداولها والاتجار بها.

 

وأضاف غلاب «نمتلك جزيرتين لتعشيش السلاحف إحداهما في الشمال وأخرى في الجنوب، كما نمتلك نوعين من السلاحف، التي تقوم بعملية التعشيش في تلك الجزيرتين وهما السلاحف الخضراء التي تعيش بكميات كبيرة على جزيرة الزبرجد جنوب البحر الأحمر وسلاحف صقرية المنقار التي تعشش في جزيرة الجفتون شمال البحر الأحمر».

 

وأوضح أن الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أدرج السلاحف البحرية على قائمة الكائنات المهددة بالانقراض،مشيرا إلى أن السلاحف تعرضت إلى عمليات صيد جائرة لذلك بدأت المحميات في خطة للقضاء على الصيد الجائر الذي يهدد السلاحف بالانقراض.