حكايات من السجون| سنة أولى جريمة

المتهم وزوجته
المتهم وزوجته

» دموع سنة أولى جريمة

» الزوج لم أنوى القتل وكان هدفي السرقة فقط

» صرخة زوجة.. الطمع ألقى بنا خلف القضبان


إحنا رسبنا في سنة أولى جريمة، دفعنا ثمن الطمع غاليًا، خسرنا كل شئ وسنمضي المتبقي من عمرنا في غياهب السجون، كانت هذه الكلمات البسيطة هي أخر ما نطق به المتهمان بقتل الجواهرجي.


كانت حياتهما هادئة، جمعتهما قصة حب ملتهبة منذ الجامعة وحتى التخرج، وفور تخرجهما من الجامعة تزوجا، مرت السنوات الأولى للزواج على أفضل ما يكون، ثم ما لبثت أن تدهورت الأحوال المالية للزوج ما دفعهما للتفكير في ارتكاب جريمة سرقة، صور لهما الشيطان أن هذه الجريمة تمثل خبطة العمر بعدها لن يحتاجا لأي شيء، تم التخطيط بإحكام للجريمة واختيار الضحية المناسبة، «رجل مسن يمتلك محل ذهب»  صارت الخطة كما خططا لها الزوجان بالضبط باستثناء أنهما كانا ينويان تهديد صاحب المحل فقط حتى يتمكنان من إتمام عملية السرقة، لكن التغيير الجوهري في الخطة كان في الدفاع المستميت من صاحب المحل «المسُن» عن نفسه ما دفع الزوجان لقتله بالرصاص، حتى صدر ضدهما حكمًا مشددً بالأشغال الشاقة المؤبدة..


تفاصيل مثيرة في القضية كيف بدأت ووصلت القصة لهذه النهاية المأساوية؟، وما هي الظروف والملابسات التي دفعت الزوجان للسرقة والقتل لأول مرة في حياتهما؟ أسئلة كثيرة نحاول الإجابة عنها في السطور القادمة..


حب العمر

 جمعتهما نفس الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتشابهة، منذ اللحظة الأولى التي التقت فيها أعينهما وقعا كل منها في غرام الأخر، طوال سنوات الدراسة كان الحب بينهما يكبر شيئا فشيئا، تشابهت نفس ظروفهما الصعبة، لكن جمعتهما أيضًا نفس الأحلام الوردية ونفس درجة الطموح، عقدا العزم على أن يعيش كل منهما بشكل يختلف كلية عن الطريقة التي عاش وتربيا عليها، كانا  يعدان الأيام والشهور حتى تنتهي المرحلة الجامعية ليجمعهما سقف بيت واحد، وبمجرد أن حصلا الاثنان على الشهادة الجامعية التحق الشاب بالعمل بإحدى الشركات كمندوب مبيعات، وسرعان ما تقدم لخطبة حبيبة العمر وقام باستئجار شقة الزوجية، وبعد فترة خطوبة استمرت لعامين انتهى العريس من تأسيس منزل الزوجية وتم عقد القران والزفاف في حفل رقيق حضرة أسرة العروسين والأقارب والأصدقاء، ثم انتقلا سويًا لحياتهما الجديدة. 


صارت الحياة بين العروسان على أفضل ما يكون وأثمر الزواج عن طفلة جميلة كانت قرة أعينهما، لكن سوء الأحوال المادية بدأ يضرب الأسرة في الصميم، ولم يعد دخل الأسرة كافيًا للوفاء بمتطلبات المعيشة، والأسوأ من ذلك عجز الزوج عند دفع الإيجار الشهري لشقته لأول مرة منذ الزواج، تراكم عليه الإيجار شهرًا بعد الأخر لدرجة أن صاحب العقار هدده بالطرد لو لم يلتزم بدفع المتأخرات حاول الزوج الاستدانة من البعض حتى لا يكون مصيره الشارع، لكن لم يتمكن من الوفاء بكل الالتزامات الواقعة على عاتقه، ما دفعة لترك شقة الزوجية والانتقال لشقة أخرى بقيمة أقل، لكن سرعان ما ينتهي عقد الإيجار ولا يتمكن من دفع الزيادة السنوية المقررة للإيجار فيترك شقته ويذهب لإيجار شقة أخرى بمواصفات أقل وفى منطقة مختلفة، أربعة سنوات مرت على عمر هذا الزواج شهدت فيه الحياة تقلبات كثيرة. 


حلم شقة العمر

بدأ الزوجان يفكران في طريقة أو حل قاطع يرحمهما من هذه الظروف العصيبة، فكرت الزوجة في الخروج لمجال العمل حتى تساعد زوجها لكن ما كانت تحصل عليه بالكاد يكفي احتياجاتها الشخصية، لذلك كان لابد من وجود حل قاطع ينهي هذه الأزمة وأثناء استغراقهما في التفكير شاهدا على شاشات التلفاز فيلمًا سينمائيًا تتشابه ظروف أبطاله مع نفس ظروفهما، فأوحى لهما هذا العمل الفني الفكرة الجهنمية التي ظنا سويًا أنها الحل الأمثل للخروج من كبوتهما حيث كان أبطال العمل يبحثان أيضًا عن شقة سكنية وعندما فشلا في تحقيق حلمهما بالطرق المشروعة اتجها للسرقة والنصب.


فجأة خطرت على رأس الزوج فكرة شيطانية تحقق أمله في أن يمتلك شقة وهي أن يقوم بتنفيذ عملية سرقة صغيرة بمساعدة زوجته بعدها تبتسم لهما الحياة، أيام عديدة ظلت هذه الفكرة تراوده خياله حتى اكتملت أركانها في رأسه ثم صارح زوجته بكل ما يدور بخلده ويتلاعب برأسه، والمفاجأة أن زوجته أيدت الفكرة ولم تبدي أي اعتراض، ولم يتبقى سوى تحديد الهدف والضحية ووقت وطريقة التنفيذ، وبعد البحث والتحري وقع الاختيار على إحدى محلات الذهب الذي يقع في شارع هادئ بمنطقة الجيزة كما أن صاحب المحل رجلًا مسنً وبالتالي لن يُبدي أي مقاومة تذكر وهو المطلوب بالضبط. 


التحالف مع الشيطان

ووفقًا للخطة الموضوعة ذهب الزوج للمحل المقصود، ارتدى أفخم الثياب ووضع أرقى أنواع العطور، قام باستئجار سيارة فخمة حتى تكتمل أركان عملية الخداع، واقنع صاحب المحل بأنه يريد شراء مجوهرات ثمينة لزوجته بمناسبة عيد زواجهما، أظهر صاحب المحل أفضل ما لدية من مشغولات ذهبية ليعرضها عليه وأبدى الزوج إعجابه الشديد بها ثم اتفق مع صاحب المحل أن ينتظره لدقائق معدودة حتى يقوم باستدعاء زوجته لتختار ما يناسبها، لم تمر سوى دقائق معدودات حتى غادر الزوج ثم عاد بصحبه زوجته، التي بمجرد رؤيتها للذهب سال لعابها وأكدت لزوجها أن كل المعروض أمامها شئ جميل وستقوم بشرائه، انفجرت أسارير صاحب المحل وهو يستمع لهذا الحوار فهو سيحقق من وراء هذه البيعة مكسبًا محترمً  لم يكن يعلم ماذا تخبئ له اللحظات القادمة؟.


مقاومة عنيفة

وضع صاحب المحل المجوهرات أمامه في انتظار دفع الحساب إلا أن الزوج بدلًا من أن يخرج من جيبه النقود أخرج مسدسه ووجهه إلى رأس صاحب المحل وهدده بالقتل لو لم يلتزم الصمت، لكن صاحب المحل لم ينصت لهذا الكلام، وقعت مشاجرة بين الطرفين قام على إثرها الزوج النصاب بدفع صاحب المحل بشده ثم عاجله بإطلاق الرصاص عليه فسقط غارقًا في دمائه، ثم قام بإطلاق الأعيرة النارية في الهواء حتى يبتعد عنه الناس مستقلًا السيارة الفارهه وفرا هاربًا بصحبة زوجته و المشغولات الذهبية.


لم تمر سوى دقائق معدودة حتى تجمع المارة وحملوا صاحب المحل في محاولة لإنقاذه لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل وصوله للمستشفى، بعدها قام الأهالي بإبلاغ رجال الشرطة وقاموا بتحرير محضرًا بالواقعة، تضمنت سطور المحضر وصفًا تفصيلًا لكل ما حدث وتحديدًا دقيقً لشكل وملامح الجناة.


كان أول خيط لفك طلاسم القضية هو كلام أحد الشهود الذي تمكن من التقاط أرقام السيارة الفارهه التي فر فيها الزوجان أثناء الهروب، حيث تم استدعاء صاحب معرض السيارات الذي تم استئجار السيارة منه و أخبر رجال الشرطة عن عنوان السكن المدون في البطاقة عند استئجار السيارة، ولسوء حظ الزوجان ونظرًا لعدم خبرتهما في عالم الإجرام قررا بعد السرقة الاتجاه لمحل إقامتهما للحصول على بعض المتعلقات، لكن لم تمر سوى ساعات معدودة حتى تمكن رجال مباحث الجيزة من إلقاء القبض عليهما وبحوزتهما المسروقات، ولم يبديا أي مقاومة تذكر أثناء القبض عليهما.


سنة أولى جريمة

فور سقوط المتهمان في قبضة رجال الشرطة أكدا إنهما لم يقصدا قتلة بهذه الطريقة، قالا لقد رسبنا في سنة أولى جريمة، حيث كانت الخطة تقوم على السرقة فقط ومغادرة المكان، لكن صراخ صاحب المحل ومقاومته الشديدة دفعنا لإسكاته بقتله.

تمت إحالة المتهمان للنيابة ومنها إلى محكمة الجنايات التي أصدرت قراراها المتقدم بسجنهما 20 سنة بتهمة القتل المقترن بالسرقة.