تركيا في أزمة القس «آندرو برانسون» .. الشيء ونقيضه

القس آندرو برانسون ورجب طيب أردوغان
القس آندرو برانسون ورجب طيب أردوغان

لا تزال الأوضاع السياسية بين الولايات المتحدة وتركيا ليست على ما يُرام، والسبب أزمة القس الأمريكي آندرو برانسون، الذي شارف على إكمال العامين من المكوث رهن الاحتجاز من قبل السلطات التركية.

 

أنقرة تتهم القس الأمريكي بالصلة بشبكة رجل الدين فتح الله جولن، كما تتهمه أيضًا بدعم حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردًا عسكريًا جنوب شرق تركيا منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة رفقة واشنطن إلى جانب الاتحاد الأوروبي على إنه منظمة إرهابية.

 

بيد أن واشنطن ترى أن تلك الاتهامات جرى رمي برانسون بها جزافًا، وقد قال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، من قبل إن القس الأمريكي بريءٌ، ويجب الإفراج عليه فورًا.

 

تناقض تركي

وفي ساعةٍ متأخرةٍ من يوم الثلاثاء 4 سبتمبر، قالت وزارة الخارجية الأمريكية أن عميدها مايك بومبيو  اتفق مع نظيره التركي مولود تشاويش أوغلو على مواصلة المباحثات لحل مسألة احتجاز القس الأمريكي برانسون.

 

وبعد لحظات من الاتصال الهاتفي الذي جمع تشاويش أوغلو بمايك بومبيو، نقلت صحيفة حريت التركية عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء إنه لا يمكن لتركيا تنفيذ مطالب غير قانونية فيما يتعلق بقضية القس الأمريكي آندرو برانسون، مضيفًا أن بلاده تتبع سيادة القانون وأن الولايات المتحدة لن تحقق تقدمًا في القضية باستخدام التهديدات، حسب تعبيره.

 

أردوغان تمسك باستمرار مقاضاة القس الأمريكي، رغم ما جلبت على بلاده مسألة محاكمته خسائر فادحة، ضربت الاقتصاد التركي، وأفقدت العملة المحلية "الليرة" 40% من قيمتها، جراء العقوبات الأمريكية المُنزلة على تركيا بسبب هذه القضية.

 

لكن أردوغان نفسه قبل نحو عامٍ واحدٍ، عرض على الولايات المتحدة تسليمها القس برانسون في مقابل شيءٍ واحدٍ هو تسليم الأخيرة الداعية الديني فتح الله جولن، حليف أردوغان السابق وخصمه الحالي والمتهم الأول من قبل أنقره بتدبير الانقلاب العسكري افاشل في منتصف يوليو 2016، وقال خلال مؤتمرٍ لحزبه العدالة والتنمية في أكتوبر من العام الماضي موجهًا حديثه للولايات المتحدة "أعطونا رجلنا الذي نريده، نعطيكم قسكم".

 

مساواة أردوغان للولايات المتحدة آنذاك لم تلقَ قبولًا لدى الإدارة الأمريكية، التي رفضت تسليم أنقرة فتح الله جولن، وهو ما جعل أردوغان يتمسك باحتجاز القس برانسون، بعدما كان قد فتح الباب أمام الإفراج عنه، لتبدو أن المسألة تتعلق بمساومةٍ سياسيةٍ لا علاقة لها بتمسكٍ بسيادة الدولة التركية.