في ذكرى وفاته.. 

فيديو وصور| «الفحام».. شيخ الأزهر خريج «السوربون».. وهذه طرائفه مع السادات

شيخ الأزهر الأسبق الدكتور محمد الفحام يصافح الرئيس الراحل السادات
شيخ الأزهر الأسبق الدكتور محمد الفحام يصافح الرئيس الراحل السادات

- تولى المشيخة بعد النكسة وأثناء حرب الاستنزاف وقام بتعبئة الجبهة الداخلية لحرب أكتوبر

- زار مدن القناة مع قائد المقاومة الشعبية «حافظ سلامة».. وتصدى لحملات التبشير والتنصير بآسيا وأفريقيا

- استقال اعتراضا على وصاية «الأوقاف» على الأزهر.. وغادر لمنزله سيرا على الأقدام

- موريتانيا منحته الجنسية ووفد ياباني زار قبره.. ومحافظ الإسكندرية أطلق اسمه على شارع بمسقط رأسه

 

تحل اليوم 31 أغسطس، ذكرى وفاة الشيخ العلامة محمد محمد الفحام، شيخ الأزهر الأسبق، إبان الفترة من 1969 وحتى 1973، أي تولى مشيخة الأزهر في فترة عصبية من تاريخ مصر عقب نكسة 1967 وما تبعها من حرب الاستنزاف وتعبئة الجبهة الداخلية للمعركة الكبرى لتحرير سيناء واسترداد الأرض 1973.

 

كما تولى شيخ الأزهر الأسبق الدكتور «الفحام» منصبه في فترة انتشار حملات التبشير والتنصير في آسيا وأفريقيا، وكان عليه بحكم منصب الإمام الأكبر للمسلمين التصدي لتلك الحملات، وفي ذات الوقت خلق توازن مع تماسك الجبهة الداخلية ووحدة الصف في فترة تاريخية هامة، كما تصدى لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي لشق الصف المصري والعربي باصدار كتابين يدعيان للفتنة هما «الحوار المسيحي الإسلامي» و«دراسات قرآنية»، إلا أن شيخ الأزهر استطاع التصدي لتلك الكتابين.

 

ويعتبر الشيخ «الفحام» أبرز من دعوا لوحدة العالم الإسلامي وزار إيران، وكذا انفتاحه على رجال الدين المسيحي، وأول شخصية دينية رسمية تزور روسيا، وذلك كله لما كان يتميز به من حكمة وهدوء واعتدال واتزان ورجاحة عقل منقطع النظير.

 

 

وقامت «بوابة أخبار اليوم» بالتواصل مع أسرة الشيخ «الفحام» للتعرف على كثير من جوانب حياته، وأسباب استقالته من المشيخة - لاسيما ويعتبر شيخ الأزهر الوحيد الذي يستقيل من منصبه – وأبرز لقاءاته وسفره للخارج، وكيف قضى حياته بعد الاستقالة، وطرائفه مع الرئيس الراحل السادات، وتعليمه، وردودهم على الشائعات الساذجة التي تمس العقيدة الدينية والتي لحقت بالشيخ العلامة من بعض المغرضين ومروجو الأكاذيب والفتن، وكذا إلقاء الضوء على شخصية دينية وتاريخية هامة لم تلق الاهتمام الكافي بها مقابل ما قدمته من إنجازات، خاصة أن الشيخ لم يحب الظهور كثيرا بالداخل وكان يولى كل الاهتمام بالمسلمين المقيمين بالخارج.

 

 

أبنائه

في البداية يقول المهندس محمد إبراهيم محمد الفحام، حفيد شيخ الأزهر الأسبق، «55 عام»، أبناء الشيخ «الفحام» قضوا نحبهم، ماعدا ابن وبنت هما محمود الفحام، 85 عام، ومقيم بالإسكندرية، وكان مدير بنك القاهرة، وبنته إحسان الفحام، تقيم بالقاهرة، 73 عام، أما ابنه الأكبر محمد توفاه الله، ووالدي إبراهيم الفحام أيضا توفاه الله، وكان يعمل لواء بالشرطة في التنظيم والإدارة بوزارة الداخلية، وبنته رشيدة الفحام توفاها الله.

 

 

حياته وتعليمه

وتابع: «كانت حياة جدي شيخ الأزهر بسيطة ويسودها التواضع ولا يبحث عن المناصب، ويقضي غالبية وقته في القراءة، وكان يصوم يوميا حتى عندما كان في فرنسا كان يصوم حوالي 18 ساعة، وكان بشوش الوجه لا ينهر أحدا، طيب السجية، ولديه رضا وقناعة من الله، صوته هادئ، وأبحاثه العلمية معظمها في اللغة العربية والتاريخ والبحوث الدينية، وكانت رسالته للدكتوراة بجامعة السوربون بفرنسا في معجم عربي فرنسي للمصلحات العربية في النحو والصرف، وهو مجال دراسة صعب جدا، ودرس اللغة الفرنسية، وأثناء إقامته بفرنسا قامت الحرب العالمية الثانية فاضطر للمكوث بها فترة أطول، وعاد بعد انتهاء الحرب بصحبة أولاده بعد إجراء عدة دراسات وأبحاث بفرنسا».

 

 

واستكمل: «كان جدي يقيم في الإبراهيمية بالإسكندرية، وكان يتنقل بين القاهرة والإسكندرية، وكان هوايته المشي، وكان بيته في الإبراهيمية عبارة من مكتبة كبيرة، وبها كتب لغات لأنه كان يجيد الفرنسية، وعاصرته حين كنت في المرحلة الثانوية ولم أره يشاهد التلفاز أبدا أو يسمع الراديو أو الموسيقى، وإنما كانت القراءة فقط، وكان عضوا بمجمع اللغة العربية».

 

 

توليه المشيخة وأسباب استقالته

وأوضح: «جدي تولى مشيخة الأزهر سنة 1969 وكان عمره وقتها 75 عام، واختاره الرئيس جمال عبد الناصر، وترك منصبه في 1973 لظروف صحية لا تسمح له القيام بمهام منصبه، وأيضا كان السبب الرئيسي هو وجود خلافات بين مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف حين كان للأوقاف وصاية وهيمنة على تحركات شيخ الأزهر في السفر للخارج والمؤتمرات وهو ما رفضه الشيخ «الفحام» وعلى أساس هذه الخلافات وحالته الصحية قدم استقالته وقبلها الرئيس السادات».

 

 

واستطرد: «كما كان هناك سابق خلافات بين الشيخ الفحام ووزير الأوقاف حين رفض جدي انضمام وزير الأوقاف أنذاك لمجمع البحوث الإسلامية، مما زاد حدة الخلافات بينهما، وحين تولى الشيخ عبد الحليم محمود مشيخة الأزهر خلفا له أكمل نفس التوجه وهو رفض هيمنة الأوقاف على شيخ الأزهر حتى استطاع التخلص من تلك التبعية وأصبح شيخ الأزهر مستقل تماما عن الأوقاف وتم فصل الاختصاصات بينهم».

 

سحب السيارة منه وإكرام السادات له

وأشار إلى أن الشيخ «الفحام» حين استقال، قام وزير الأوقاف بسحب السيارة المخصصة لنقله، وعاد لمنزله من منطقة باب اللوق «محطة مترو محمد نجيب حاليا» إلى منطقة المهندسين سيرا على الأقدام، ووقتها كان كبير السن، وعندما رآه كبير «اليوروان» وعلم بالقصة كاملة، ووصلت المعلومة للمسئولين فجاء له رئيس الوزراء بمنزله واعتذر له، وخصصوا له سيارة تابعة لرئاسة الجمهورية لنقله حيثما يريد.

 

 

الرد على الشائعات المغرضة

وشدد على أن هناك شائعات انتشرت من بعض المغرضين على جدي وعلى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ طنطاوي، مستغلين استقالة جدي على غير المعتاد، حيث لا يترك شيخ الأزهر منصبه حتى الوفاة، وأيضا استغلوا انفتاحه على رجال الدين المسيحي وسماحته معهم، وروجوا بعض الشائعات التي تمس عقيدته الدينية، وهو ما رد عليه في حياته عبر سلسلة حلقات بإذاعة القرآن الكريم بعنوان «إن الدين عند الله الإسلام»، وكذا لم تنقل وسائل الإعلام الغربية أي شئ حول تلك الشائعات ولو كانت حقيقية لاحتفت بها وسائل الإعلام الغربية، وتم تأبينه في مجمع اللغة العربية بخطبة تأبين بعد وفاته.

 

 

«حافظ سلامة ومحمد رفعت»

وأوضح أن الشيخ «الفحام» زاد مدن القناة المواجهة للجبهة قبل حرب أكتوبر، والتقى قائد المقاومة الشعبية الشيخ حافظ سلامة، وكان متأثر بالشيخ محمد رفعت ويأتي خصيصا من الإسكندرية للقاهرة للاستماع لقراءة القرآن بصوته الملائكي. 

 

 

زيارته لروسيا وموريتانيا

وأكد أن الشيخ الفحام يعتبر أول شخصية دينية رسمية تزور الاتحاد السوفيتي وعند الزيارة اشترطوا عليه زيارة قبر الزعيم الشيوعي «لينن» وهو ما رفضه جدي، ما اضطر روسيا للرضوخ لرأيه ووافقوا على قدومه دون زيارة القبر، وزار المسلمين في جمهوريات الاتحاد السوفيتي وكازخستان وباكستان وغيرها، كما زار إيران ودعا لوحدة العالم الإسلامي، وزار مسلمي نيجريا ولازال ترفع صوره في منازل المسلمين هناك، وكذا زار موريتانيا ولإجادته اللغة العربية الفصحى منحته موريتانيا الجنسية الموريتانية.

 

 

زياراته لليابان وتأثير الزيارة 

وذكر أنه كان يولي كل الاهتمام بالمسلمين بالخارج لأنه أكثر من يحتاجونه، وكان للأزهر مجلة شهرية تتحدث عن المسلمين بالخارج، والأجانب الذين اعتنقوا الإسلام، وتم دعوته في اليابان ضمن فعاليات مؤتمر لتجمع الأديان كممثل للدين الإسلامي، وبعد وفاته زار وفد ياباني قبره في المنارة بالإسكندرية ووقفوا دقائق حداد على وفاته لأنه ترك انطباعا قويا عند زيارته لليابان.

 

 

شارع يحمل اسمه بالإسكندرية ووسام الجمهورية

وقال: «كان جدي يسكن في شارع أبي قور بالإبراهيمية بالإسكندرية وقبل وفاته قام المحافظ بتغيير اسم الشارع بشارع الدكتور محمد الفحام، ومنحه الرئيس الراحل السادات وسام الجمهورية من الدرجة الأولى بعدما ترك المشيخة».

 

 

طرائفه مع السادات

وأوضح أن من ضمن طرائفه مع الرئيس السادات حين ألقى السادات خطبة في حضوره، وبعد الانتهاء منها وجه السادات له كلامه قائلا: «أتمنى يا مولانا ميكونش فيه أخطاء لغوية ونحوية في الخطبة»، فرد عليه الشيخ «الفحام» ضاحكا: «فيه يا ريس أخطاء كذا وكذا» وظل يصحح للرئيس السادات.

 

 

حملات التبشير

وذكر أنه في فترة توليه المشيخة أصدر الأزهر كتيبات كثيرة جدا للتصدي لموجات التبشير والتنصير ومحاولات شق الصف، مضيفا أنه كان يرافقه في زياراته بالخارج الشيخ الحصري والشيخ عطية صقر.

 

 

مرضه ووفاته

ولفت إلى أنه آخر حياته أصيب بكسر في عظمة الحوض حين كان يتوضأ، ولكبر سنه من الصعوبة إجراء عملية جراحية، وظل بضع شهور حتى لقى ربه، وكانت زوجته قد سبقته بعام إلى الرفيق الأعلى.

 

 

أصوله الصعيدية.. ووأد الفتنة الطائفية

واتفق معه اللواء دكتور محسن الفحام، مدير مباحث أمن الدولة العليا السابق فرع مطار القاهرة والأستاذ بكلية الشرطة، أن الشيخ «الفحام» من مواليد 1894، وله أصول صعيدية من قرية بني مر بأسيوط وهي مسقط رأس الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعندما تولى المشيخة كانت الروح المعنوية للشعب منخفضة ما بعد النكسة بعامين، وكانت هناك تطورات بالمجتمع كبوادر خلافات بين المسلمين والمسيحيين وكان عليه واجب وطني لرفع الروح المعنوية للشعب المصري، وقام بجولات ميدانية في مدن القناة الثلاثة في جبهات القتال، بالإضافة إلى أنه تواصل مع البابا ماتريوس آنذاك لوئد الفتنة بين الأقباط والمسلمين في ذات الوقت.

 

 

لم الشمل وتعبئة الشعب للحرب

وأضاف أن الشيخ «الفحام» تواصل مع قوات الدفاع الشعبي في السويس وخاصة الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية، وكان يصطحبه لزيارة مواقع القوات المسلحة، ونجح بالفعل في لم الشمل وتأمين الجبهة الداخلية وتحفيز القوات المسلحة أثناء حرب الاستنزاف، والتجهيز لحرب أكتوبر 1973.

 

 

زهده في المناصب

وتابع أن الشيخ الدكتور «الفحام» لم يكن ساعيا للمناصب وكان معظم وقته يعتكف للدراسة والقراءة وخاصة كتب التاريخ والجغرافيا، ولما بدأ يشعر بالوهن وعدم القدرة الجسمانية للقيام بمهام عمله خاصة أنها تحتاج لمجهود كبير في الجولات الميدانية لإعداد الجبهة الداخلية وإعداد كوادر دينية للقيام بمهامها، ولما اصطدم بوزير الأوقاف آنذاك في وقت كان في العقد السبعين من عمره رشح الدكتور عبد الحليم محمود ليخلفه في المشيخة، وأكمل نفس مشواره في استقلال الأزهر عن الأوقاف حتى نجح فيها، حتى تحقق نصر أكتوبر المجيد.