كوفي عنان .. بين النجاح والإخفاق في أبرز محطاته الأممية

كوفي عنان
كوفي عنان

سيذكر التاريخ لكوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المتحدة والحاصل على جائزة نوبل للسلام الذي توفي يوم السبت أنه كرس حياته للجوانب الإنسانية لكن مسيرته المهنية خيمت عليها الصراعات الدولية التي خرجت عن نطاق السيطرة.

 

الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة الذي رحل عن عالمنا اليوم السبت، بعد أن أمضى ما يربو على نصف قرنٍ من الزمن في العمل داخل أروقة المنظمة الأممية، متقلدًا المناصب خلالها تلو الأخرى، عمل في بداية حياته في  القاهرة، بعدما تم تعيينه في منتصف الستينات ضمن قوات الطوارئ الدولية الموجود في الإسماعيلية، لتكون ثاني محطاته الدبلوماسية في الأمم المتحدة، قبل أن يصعد نجمه ويصبح بعد نحو ثلاثة عقود أمينًا عامًا للمنظمة الأممية.

 

الرجل الذي وصفه سفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة ريتشارد هولبرووك بأنه "أفضل أمين عام للأمم المتحدة في تاريخها" غيّبه الموت اليوم عن عمرٍ ناهز الثمانين عامًا، بعد أن حصل خلال مسيرته العملية علي جائزة نوبل للسلام في 2001 بسبب جهود لإصلاح المنظمة الدولية وإعطاء الأولوية لقضايا حقوق الإنسان.

 

محطاتٌ مهمةٌ عاشها كوفي عنان طيلة حياته، وهو يبحث عن ذاته، ورغبة ابن كوماسي الغانية هو أن يتحاشى لعنة التاريخ، خاصةً أن الرجل الذي سعى بشدةٍ نحو السلام، تولى مقاليد الأمور في الأمم المتحدة في خضم صراعٍ مريرٍ يعيشه العالم، وأبرزه الصراع العربي الإسرائيلي المستمر منذ عام 1948، والحرب الأمريكية على العراق.

 

كوفي عنان أعلن في أكثر من مرةٍ أن غزو العراق كان غير قانونيٍ، وأن فترة الحرب كانت محبطةً، وذلك رغم ثنائه في أحد المرات على الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش.

 

نجاح في كينيا 2007

 

أبرز نجاحٍ حققه كوفي عنان، بعد عامٍ واحدٍ من رحيله عن الأمم المتحدة تمثل في إنهاء الصراع في كينيا بعد الانتخابات الرئاسية عام 2007، والتي فاز خلالها الرئيس مواي كيباكي على حساب زعيم المعارضة رايلا أودينجا، والتي اشتعل النزاع في البلاد بعد انقضائها، لتعيش البلاد حينها أوقاتًا عصيبةً.

 

وراح 1200 شخصٍ ضحية العنف الذي أعقب الانتخابات، التي طعن مرشح المعارضة أودينجا في نزاهتها، ليتحول الصراع هناك إلى صراعٍ قبليٍ عرقيٍ، تسبب في نزوح مئات الآلاف من الكينيين علاوةً على عدد القتلى الذين راحوا ضحية هذا الصراع الدامي.

 

وأنهى عنان، الذي تولى مساعي الإصلاح بين الجانبين ووقف شلالات الدماء هناك، الصراع، باتفاقٍ بين الرئيس كيباكي وزعيم المعارضة أودينجا على تقاسم السلطات، على أن يتولى زعيم المعارضة رئاسة الوزراء، ويبقى كويباكي في منصبه رئيسًا لولايةٍ أخيرةٍ في حكم البلاد.

 

وتم الاتفاق وقتها على قصر ولايات الحكم الرئاسية عند حاجز الولايتين، وهو النظام المتبع في كينيا إلى الآن.

 

وقال زعيم المعارضة الكينية رايلا أودينجا لقناة سيتيزن تي.في. الخاصة "لم نتوقع وفاة كوفي على هذا النحو المفاجئ. كوفي عنان رجل نزيه وأفريقي عظيم وقائد عظيم للعالم".

 

إخفاقه الأول

 

لكن بداية بروز اسم كوفي عنان بقوة، كان مطلع تسعينات القرن الماضي، وقد تولى رئاسة بعثة الأمم المتحدة في رواندا، بهدف وقف الإبادة الجماعية الحادثة في كيجالي وما حولها، وهو الأمر الذي كان شاهدًا على إخفاق عنان.

 

وتعرض عنان للانتقاد عندما كان رئيسًا لعمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام بسبب إخفاق المنظمة الدولية في وقف الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا في التسعينيات.

 

وتعرض الروانديون لما أشبه بهولوكست جديد، خلال الفترة ما بين أبريل ومنتصف يوليو من عام 1994، حيث لقى أكثر من 800 ألف شخص مصرعهم، نتيجة صراع عرقي بين أكبر قبيلتين في البلاد هما التوتسي والهونو.

 

واعترف عنان وقتها بأنه كان يتعين فعل المزيد للحيلولة دون مقتل 800 ألف شخص في رواندا من قبليتي التوتسي والهونو.

 

وقال عنان بعد سنوات "اعتقدت في ذلك الوقت أنني أبذل قصارى جهدي، لكنني أدركت بعد الإبادة الجماعية أنه كان هناك الكثير الذي كان يتعين علي أن أفعله لدق جرس الإنذار وحشد التأييد".

 

إخفاق في سوريا

 

أما الإخفاق الأكبر لكوفي عنان تمثل في سوريا، حينما تم تعيينه مبعوثًا دبلوماسيًا للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية من أجل إنهاء الصراع الدائر هناك منذ مارس عام 2011.

 

واستقال كوفي عنان في أغسطس عام 2012، بعد إخفاق قوى عالمية في الوفاء بالتزاماتها تجاه سوريا، وقد قال حينها "خسرت قواتي وأنا في الطريق إلى دمشق".

 

"واجهتنا صعوبات في الماضي لكن في بعض الحالات كان للقيادة شأن، أنا متفائل عنيد، ولدت متفائلًا وسأظل متفائلًا، لحظة أن أفقد الأمل كل شئٍ يضيع، أدعوكم للتشبث بالأمل مثلي"، هكذا قال كوفي عنان في أبريل الماضي وهو يحتفل بعيد ميلاده الثمانين، وقتما كان يسعى للتخلص من شبح ما حدث في رواندا، دون أن يكن يعلم أنه تلك الكلمات ستدون في آخر ما قاله عنان  في حياته.