«مدابغ مجرى العيون»| رحلة الجلود من «الأضاحي» إلى ملابس وأحذية الزبائن

«مدابغ مجرى العيون»| رحالة الجلود من «الأضاحي» إلى ملابس وأحذية الزبائن
«مدابغ مجرى العيون»| رحالة الجلود من «الأضاحي» إلى ملابس وأحذية الزبائن

 جلود البقري بـ500 جنيه والجاموسي 400 والضأن والماعز بين 40 و25 جنيها

«رحلة صناعة الجلود».. من الشمس والملح إلى الصباغة والتصنيع

«البقري» لـ«الأحذية» و«الجملي» لـ«النعال» و«الجواكت والحقائب» من «الضأن»


عيد الأضحى موسم لا يقتصر على القصابين «الجزارين»، أو بائعي رؤوس المواشي، بل فيه مآرب آخرى لآلاف ينتظرونه سنويا، في منطقة المدابغ خلف سور مجرى العيون، بمجرد أن تطأ قدماك تلك المنطقة تشعر وكأنك أما حالة استنفار قصوى، الكل يستعد لاستقبال الرزق الآتي من العيد.. «بوابة أخبار اليوم» تجولت في تلك المنطقة لترصد تفاصيل الموسم منذ تسلم الجلود الخام حتى مراحل تصنيعها.

 

على امتداد السور التاريخي تعرفه عيناك من الشوادر المنتصبة أمامه وخلفه، «صبيان الورش» منتشرون لاستقبال وشراء الجلود من المضحين، أو من أصحاب محلات الجزارة، أو عربات الكارو التي تجمعها، الأرض تحولت إلى جلود افترشها أصحاب الورش، واضعين عليها الملح والمواد الكيميائية؛ حتى لا تتعرض للتحلل والتعفن.

 

 

 

رائحة نفاذة كريهة غير محببة للنفس تفوح على امتداد سور مجرى العيون.. أنت هنا في منطقة المدابغ، أصل تلك الرائحة تعود إلى عملية تحنيط الجلود ودبغها وإعادة تصنيعها، لتتحول إلى مفرش وحذاء وشنطة وحزام وبالطو وجاكت – حسب نوع الجلد جملي أو بقري أو ماعز أو ضأن - يشتريه المستهلك في النهاية كسلعة.

 

 

والعيد بالنسبة لأصحاب المدابغ فرحتان نظرا للإقبال الكبير من الزبائن على المنطقة لبيع الجلود، وحالة الرواج التي تعوض ركود العام كله، وتسعى الدولة لنقل تلك الورش لمنطقة «الروبيكي» للحد من نسب التلوث العالية وإدخال احتياطات الأمان والسلامة للعاملين بها؛ إلا أن التفاوض لا يزال قائما مع أصحابها حتى الآن. 

 

 

في الأسعار كانت لنا جولة خاصة، للتعرف على أسعار الجلود المختلفة هذا العام، ورحلة صناعة الجلود، والاستعدادات لموسم العيد.

 

 

أسعار الجلود

في البداية يقول إسماعيل صلاح، صاحب ورشة لدباغة الجلود، إن الأسعار هذا العام ستشهد زيادة عن العام الماضي نظرا لموجة الغلاء التي طالت جميع السلع في مصر، وبالتالي وصول السلعة للمستهلك في النهاية ستكون بسعر أكبر مقارنة بالعام الماضي، مضافا لها مستلزمات الإنتاج من الماكينات والمواد الكيميائية وأجرة العمال والكهرباء والمياه والضرائب المدفوعة للدولة زادت، والتالي المنتج النهائي سيزيد.

 

 

وأوضح أن سعر الجلود البقري تعتبر الأغلى وستصل لـ500 جنيه، والعجول تزيد عنها لترتفع إلى 550 جنيه، ويليه سعر جلود الجاموس ستصل لـ400 جنيه، وجلد الخرفان حوالي 35 أو 40 جنيه، والماعز حوالي 25 جنيها.

 

 

وذكر عبد المقصود عرفة، صاحب ورشة دباغة، أن الأسعار تكون منخفضة في العيد نظرا لسياسة العرض والطلب، فالمعروض من الجلود يكون متوافرا وبكثرة، والزبون ليس أمامه مفرا من التخلص من الجلد في يوم العيد نظرا لأنه سريع التعفن والتحلل، فهو مضطر لبيعه سريعا إما لورش المدابغ أو للجزارين أو لعربات الكارو التي تجمع الجلود، مضيفا أنه في باقي أيام السنة تكون الأسعار أعلى من ذلك بالتأكيد.

 

 

محمود عبد البر، 25 عاما، يقول إن أيام العيد نظرا لضغط الشغل الورش تعمل لمدة 24 ساعة متواصلة، فالإقبال الكبير في العيد يعوض ركود باقي أيام العام، مضيفا أن كل ورشة تنشر صبيانها لاصطياد الزبائن الراغبين في بيع الجلود حول سور مجرى العيون، لافتا إلى أن كل واحد من العمال له دور محدد يقوم به أيام العيد.

 

 

رحلة صناعة الجلود    

يضيف على محمد، صاحب ورشة دباغة «الجلد يأتي للورشة بعد الذبح مباشرة بشعره، ويتم تمليحه ويوضح في الشمس لطرد الرائحة الكريهم منه، ثم يوضح في برميل وعليه الجير، ويتم لف الجلد بالجير عدة مرات، ثم تأتي مرحلة الدق والتي تفصل الجلد عن أي شوائب، ومرحلة الأساس التي تحافظ على الجلد من التحلل والتعفن، ثم يخرج كروم، ونعيده للبرميل مرة آخرى ليأخذ لونا حسب ما نريد بني أو أسود أو هافان وذلك حسب الطلب والمواصفات للعميل».

 

يتابع محمد فيقول: «بعدما يخرج من برميل الصباغة يدخل مرحلة الماكينات وتبدأ مرحلة العصارة ثم فاكيم مجفف، ثم تعليقها وبعدها تنزل للتفتيح، ويتم شدها وتأخذ فاكيم جاف، ثم قياسها وتأهيلها للتشطيب، وأخيرا تذهب لأصحاب الورش والمصانع التي تقوم بتفصيلها على هيئة سلعة».

 

 

والتقط منه محمود لطفي، صاحب ورشة دباغة، طرف الحديث قائلا: «مرحلة هامة في صناعة الجلود أنها يتم تحييفها حتى لا تأخذ مواد كثيرة أثناء عملية التصنيع، والجلد يأتي إلينا وينقع في الماء والملح يوم كامل، وثاني يوم يتم شطفه، ثم يأخذ مادة كاوية وجير، ويتم دورانه في الماكينة يومين أو يوم كامل، ثم يوضع على الأرض ونضع عليه مياه نارية، ونستكمل عملية صباغته وبيعه إلى المصانع التي تصنعه منتجات جلدية كالأحذية والجواكت وأحزمة وملابس شتوية».

 

وأشار أحمد سعيد، صاحب ورشة دباغة، إلى أنه يعمل في جلود الجاموس وتسمى «نباتي» ويتم تمليحها وفردها وبيعها لأصحاب الورش لتصنيعها أحزمة، لافتا إلى أن المهنة بها مخاطر كبيرة أثناء مراحل التصنيع حتى بعد إدخال الماكينات الحديثة إليها، مضيفا أنه فقد إصبع يده أثناء العمل.    

 

 

استخدامات الجلود     

ولفت إبراهيم مرتضى، صاحب ورشة دباغة، إلى أن كل نوع من الجلود وله استخدامات محددة فمثلا جلد الضأن فيصنع منه الجواكت والحقائب الحريمي، وجلود الإبل فتدخل في صناعة نعال الأحذية، وجلود الأبقار تستخدم في صناعة الأحذية والأحزمة والتنجيد، أما الجلد الجاموسي فيصنع منه جلد الأحزمة والتنجيد للدرجة الثانية.

 

وذكر أن بعض الناس لا تدرك قيمة الجلد ويتركه للجزار، لكن من الأفضل لهم بيعه للمدابغ أو تسليمه لنا وصناعته مفرش للسيارة أو الأرضية مقابل مبلغ مالي.