الوجه الآخر لـ«عرفات»| الأغنياء «رفاهية ومراجيح وفشار».. وللبسطاء «العصير»

وقوف الحجاج بجبل عرفة.. أرشيفية
وقوف الحجاج بجبل عرفة.. أرشيفية

من كل فج عميق بوصلتهم واحدة، الكل يقصده، دونه تضيع رحلة شاقة وأموال تهدر كأنها هباء منثورا، تشتاق إليه قلوب مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، الخطوات عليه بقدر معلوم، أقدام لبت نداء «وأذن في الناس بالحج يأتوك».. إنه جبل، لكنه ليس ككل جبل، الوقوف عليه أعظم منسك في الحج فـ«الحج عرفة» كما يقول الرسول.. ملايين جمعت بينهم أرضه، وفرقتهم برامج الحج المختلفة كل حسب استطاعته.. «بوابة أخبار اليوم» سبقت الحجيج على الجبل الأعظم لترصد تجهيز معائش مليون و486 و958 حاجا.     

      

جهود ما قبل الصعود

الحجيج في عبادتهم يتجهزون للصعود على جبل عرفات الذي وقفت عليه أقدام رسولهم «صلى الله عليه وسلم» قبل نحو 1500 عام ليقم عليهم حجته «ألا هل بلغت اللهم فاشهد»، لكنهم لا يعلمون ما يدور في الكواليس من تجهيزات للتيسير عليهم في هذا المشهد العظيم، قبل هذا المشهد هناك آخر لا تظهره الكاميرات، فآلاف العمال والمهندسون وأجهزة دولة كاملة سبقوا الحجيج كأنهم يصارعون الزمن للانتهاء من أماكن معائش أكثر من مليون ونصف المليون حاج، كأنك ترى مشروعا عظيما الكل يجتهد لخروجه في أحسن حال.

 

 

«خلية نحل».. «عرفات العمال الشقيانين»

«خلية نحل» هذا أكثر الأوصاف اقترابا من الحال الآن قبل المشهد الأعظم بيومين، أوتاد هنا وهناك تنصب لمخيمات الحجاج بمستوياتها المختلفة مع تجهيزها طبقا لمستوى برامج الحج، أقوال وارتكازات أمنية انتشرت مع سلطات الدفاع المدني والبلدية السعودية تتجهز لأخذ مواقعها بشوارع عرفات، تحديد مواقف للسيارات مع إجراءات مشددة لتنظيم المرور، لافتات اتجاهات المناسك أمام عينك في كل مكان، عمال يتأكدون من جاهزية إضاءة الشوارع، معدات الدفاع المدني والحريق وسيارات الإسعاف على أهبة الاستعداد.

 

الحج أنواع ومستويات

بمجرد أن ترى عينك رؤوس المخيمات من بعيد تراها متساوية كأسنان المشط، لكن تحت تلك المخيمات واقع آخر يفرضه نوع برنامج الحج، بين «اقتصادي وبري وسياحي وفاخر»، تجولت «بوابة أخبار اليوم» ورصدت بالصوت والصورة تلك الفروق، التي يمكن من خلالها أن تضع حدا فاصلا بين حج «البسطاء والأغنياء»، فللأولون «الاقتصادي والبري» الذي لا يتجاوز سعره 50 ألف جنيه مصري، والآخرون «السياحي والفاخر»، الذي يتراوح بين 150 و 400 ألف جنيه.

 

شماسي ومراجيح للأغنياء

«مخيمات مكيفة ووجبات طعام ساخنة وباردة، ودورات مياه مجهزة» هذه ليست تجهيزات الأغنياء فنحن لم نبرح حتى الآن مخيمات البسطاء من خدمات تقدمها لهم شركات السياحة المختلفة حسب البرامج المتفق عليها، ففي برامج «الخمس نجوم» حياة أخرى غير ما وطأت أقدامك مخيمات البسطاء، هنا تجد الفارق كبيرا لكنه يتناسب مع فارق السعر بين البرنامجين «بوفيهات طعام مفتوحة وشماسي، ومراجيح وعصارات قصب وسيارات حُمُّص شام وفيشار، إضافة إلى أشهر الشيفات مثل الشيف شربيني وغيره».

«الحج الفاخر».. رفاهية فوق جبل الرحمة

كل ذلك لم نأت إلى «الحج الفاخر»، هنا قمة الرفاهية، فبمجرد أن تدلف قدماك إلى إحدى المخيمات المخصصة لذلك البرنامج لا يمكن أن تشعر أنك فوق جبل، بل إنك في أغلى وأعلى المنتجعات السياحية، الرفاهية فيها على أنواع وأشكال، «حدث ولا حرج».. أفخر أنواع الطعام على موائد يأخذ عينيك فيها لون الذهب على الأواني قبل اشتهاء الطعام، قاعات الطعام تفوق الفخامة، دورات المياه فيها كأنك في فنادق 7 نجوم، المشقة ليس لها مكانا في هذه المواقع فهي مخصصة «للأغنياء فقط» البسطاء لم يستطيعوا الوصول إليها سبيلا.    

 

 

بعثة السياحة تتأكد من التجهيزات

صباح بعد غد الأحد، الغني والفقير سيبدؤون في التفويج إلى جبل الرحمة، وقبل أن يصعدوا رافقت بعثة الحج السياحي التي انتهت، اليوم الجمعة، من معاينة المخيمات التي يقيم بها الحجاج بكل من عرفات ومنى، وذلك برفقة كل من مجدي شلبي المشرف على الحج السياحي، وناصر تركي نائب رئيس غرفة الشركات، وكل من إيمان قنديل، ومحمد بكر، وَعَبَد الحميد عبد الحميد، وأسامة عمارة أعضاء البعثة.

 

بعثة الحج: نهتم بالبسطاء

«شلبي» خلال معاينته المخيمات أكد في تصريحات لـ«بوابة أخبار اليوم» أن هناك تعاقدات بين الشركات والمطوفين تتضمن كافة تفاصيل الخدمات التي يحب أن يتم تأديتها للحاج، وأن هناك رقابة على تنفيذ تلك العقود، قائلا: «إن وزارة السياحة تقدم خدمات متميزة لجميع حجاجها بما فيهم أصحاب برامج البسطاء التي توليها الوزارة اهتماما كبيرا»، فيما أوضح «تركي» عضو اللجنة العليا للحج السياحي أن هدف المعاينة الرئيسي هو التأكد من توافر كافة الخدمات المقدمة وفقا للعقد الموقع مع مؤسسة الطوافة قبل أن تتسلمها الشركات.

 

«أيس كريم» في استقبال الحجاج

«تركي» خلال جولة المعاينة قال: «إن كل حاج من حجاج السياحة وعددهم 36 ألف حاج له مكان داخل المخيم و«sofa bed» للجلوس والنوم عليها، إضافة إلى مكيفات فريون ومراوح، ومصدر بديل للكهرباء حال حدوث أي انقطاع بالتيار الكهربائي، مع تخصيص حمام لكل 50 حاجا بالمستوى البري فضلا عن أحواض مخصصة للوضوء، مع تقديم أيس كريم ومثلجات للحجاج فور وصولهم إلى المخيمات، فضلا عن تقديم 3 وجبات اثنان منها ساخنتين تحتويان على لحوم أو فراخ أو سمك والثالثة مجففة يأخذها الحجاج أثناء ذهابهم إلى المزدلفة للمبيت بها، أما وجبات حجاج المستوى السياحي الـ4 و5 نجوم فيخصص لهم بوفيه مفتوحا».