حكايات| مغامرات التوأم حسن الأوروبية من سالونيكي إلى نيوشاتل

 حسام حسن وكامل أبو علي وفاكينيتي في سويسرا معهم هاني رمزي
حسام حسن وكامل أبو علي وفاكينيتي في سويسرا معهم هاني رمزي

حسام وإبراهيم حسن.. التوأم الأشهر في تاريخ الكرة العربية والأفريقية، ليس فقط لإنجازاتهما مع منتخب مصر وأندية الأهلي والزمالك، وإنما لكونهما نموذج حي لإرادة الانتصار، للمثابرة دائمًا من أجل الفوز، لتخطي العقبات والظروف وتجاوز كل شيء، وحتى نسيان الماضي والتحوّل من النقيض إلى النقيض.

 

مسيرة كبيرة يحفظها عشاق كرة القدم المصرية عن ظهر قلب، ويتذكرون دائمًا الصدمة التي تلقاها جمهور الأهلي بانتقال حسام وإبراهيم حسن إلى الزمالك في الموسم 1999/2000 بعد أزمات عديدة مع الجهاز الإداري للنادي الأهلي وخصوصًا الراحل ثابت البطل الذي لم يكن على وفاق مع التوأم في نهاية التسعينات.

 

ولكن للتوأم حسن «حكايات» في الأوراق المنسية من رحلتهما مع الاحتراف الأوروبي في الدوري اليوناني وكذلك الدوري السويسري في فترة وجيزة مطلع التسعينات، وهي الفترة التي كانت كافية لترك بصمة لا تُنسى من التوأم، وحفلت بالمواقف الغريبة والمفارقات.

 

من حلوان إلى اليونان

 

فوجئ النادي الأهلي بطلب التوأم حسن الرحيل للمرة الأولى بعد ارتباط الجمهور بهما وتحولهما رويدًا رويدًا إلى أهم عنصرين في التشكيل الأساسي للقلعة الحمراء منذ منتصف الثمانينات وحتى مشاركتهما في نهائيات كأس العالم «إيطاليا 1990»، وتقديمهما لأداء مميز.

 

حضر من نادي باوك سالونيكي اليوناني، وأتم إجراءات الانتقال بشكل رسمي، وخلع توأم حلوان الشهير قميص النادي الأهلي للمرة الأولى متجهين إلى اليونان لبدء الرحلة الاحترافية مع أحد أكبر أندية اليونان جماهيرية رفقة زميلهما مجدي طلبة الذي تألق أيضًا في نهائيات كأس العالم وكان قد سبقهما إلى باوك عام 1988.

 

استقبلهما مجدي طلبة في سالونيكي، استعدادًا للموسم 1990/91، ولم يتأقلما بسرعة على أجواء المدينة الباردة في شمال اليونان، ولكن كعادة التوأم كان الأداء رائعًا بقميص باوك الشهير ذو اللونين الأبيض والأسود.

 

كان نصيب إبراهيم حسن من التألق في اليونان أكبر من حسام، فشارك مع باوك في 24 مباراة في الدوري اليوناني، وسجل 6 أهداف منها هدف تاريخي في مباراة كبرى أمام باناثينايكوس عملاق العاصمة أثينا من ضربة خلفية مزدوجة لا تنساه جماهير باوك، وسبق شقيقه حسام أيضًا للمشاركة في البطولة الأوروبية بقميص النادي اليوناني أمام إشبيلية ذهابًا وإيابًا.

 

وتأخر حسام حسن في الظهور مع باوك بسبب الإصابة، لكنه كان قادرًا على ترك بصمته بالقميص الأبيض والأسود بعد مشاركته في 19 مباراة بالدوري اليوناني وسجل 4 أهداف، لكن الرحلة اليونانية لم تستمر طويلاً بسبب أزمات التوأم.

 


 

 

من سالونيكي إلى نيوشاتل

 

شعر التوأم حسن بأن اليونان ليست وجهتهما المفضلة، وخصوصًا عقب أزمة كبيرة تسبب فيها إبراهيم بالدخول في مشادة مع أحد مشجعي نادي لاريسا في مباراة بالدوري اليوناني وكادت أن تتطور لعقوبة الحبس بعد تحرير محضر من قبل هذا المشجع ضد التوأم في قسم الشرطة.

 

واضطر مجدي طلبة للتدخل باعتباره صاحب الشعبية الجارفة في اليونان، وأنقذ إبراهيم حسن بسبب علاقاته الطيبة مع اليونانيين ووجود أحد كباتن فريق باوك من أبناء مدينة لاريسا، وكان طلبة أيضًا أحد الكباتن الذين تم انتخابهم من قبل لاعبي الفريق، وبعدها بدأ تفكير التوأم في الرحيل عن اليونان، فقد شعر حسام وإبراهيم حسن بأن بلاد الإغريق ليست الوجهة المفضلة.

 

 

في صيف العام 1991، كان رجل الأعمال البورسعيدي كامل أبو علي يبدأ رحلة الملايين في سويسرا واستغل علاقته الوطيدة بالملياردير السويسري جيلبرت فاكينيتي مالك نادي نيوشاتل زاماكس الشهير لجلب لاعبين مصريين للنادي السويسري فبدأ الرحلة مع طارق سليمان، نجم المصري البورسعيدي، والذي لم يوفق ورحل سريعًا، فوجد ضالته في هاني رمزي، مدافع الأهلي الصاعد آنذاك، بعد تألقه في كأس العالم والذي أثبت كفاءة كبيرة وأصبح أحد عناصر نيوشاتل الأساسية مع الإنجليزي روي هودجسون المدير الفني للفريق السويسري.

 

 

«إذا أردت إبهار فاكينيتي فعليك بالتوأم حسن.. لديهما مشاكل مع باوك اليوناني وهذا هو الوقت المناسب».. نصيحة تلقاها أبو علي من أحد أصدقائه المصريين في سويسرا، فما كان منه إلا الاستجابة السريعة وبالفعل أتم التعاقد مع التوأم حسام وإبراهيم حسن قادمين من باوك اليوناني إلى نيوشاتل السويسري صيف الموسم 1991/92».

 

التوأم.. أساطير في «لا مالاديير»

 

في «لا مالاديير» معقل نادي نيوشاتل زاماكس وتحت القيادة الفنية للإنجليزي روي هودجسون استقبلت جماهير الفريق السويسري ومعهم المصري هاني رمزي التوأم القادم من اليونان بحثًا عن المجد الأوروبي.

 

كل الظروف مهيئة للتألق في نيوشاتل.. والتوأم أيضًا في الموعد، بعدما شارك إبراهيم في 13 وحسام في 8 مباريات بالدوري السويسري، لكن المفاجأة كانت في بطولة أوروبا.

 

وافتتح إبراهيم السجل التهديفي للمصريين في المسابقة الأوروبية الكبرى عندما أحرز أول أهدافه بقميص نيوشاتل في الدوري التمهيدي لمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي في مرمى فلوريانا بطل مالطا وفاز الفريق السويسري بنتيجة 2-0.

ثم جاء دور الأسطورة الذي دائمًا ما يبهر الجمهور، ففي يوم الأربعاء 22 أكتوبر عام 1991 على ملعب «لا مالاديير» استضاف نيوشاتل منافسه سيلتك بطل اسكتلندا الشهير في ذهاب دور الـ 32 من المسابقة ذاتها وكان حسام حسن حاضرًا بقوة ليسجل رباعية تاريخية في الدقائق 10، 20، 55، 76، ليصبح اللاعب العربي الأول والأخير الذي يسجل "سوبر هاتريك" في بطولة أوروبية كبرى، محققًا بذلك رقمًا قياسيًا وهو في الخامسة والعشرين من عمره، بعد فوز فريقه السويسري على ضيفه بطل اسكتلندا بخماسية مقابل هدف وحيد وخسارته بهدف في الإياب.


 

وتبادل حسام وإبراهيم الأدوار أمام ريال مدريد ضمن منافسات المسابقة ذاتها، وفي الدقيقة 36 من عمر المباراة بين نيوشاتل والعملاق الإسباني، تُحتسب ركلة حرة مباشرة على حدود منطقة جزاء الريال يتقدم إبراهيم ويسددها مباشرة لتسكن شباك الحارس باكو بويو معلنة تقدم الفريق السويسري الذي أنهى المباراة لصالحه بهذا الهدف محققًا فوزًا يفتخر به جمهوره حتى الآن.

 

 

وبعد رباعبة حسام في مرمى سيلتك وهدف إبراهيم الصاروخي في مرمى ريال مدريد أصبح التوأم المصري في صدارة عناوين الصحف الرياضية العالمية في القارة العجوز، وكتبت صحيفة "بليك" السويسرية صبيحة الفوز على الريال ( إبراهيم الكبير يسجل في مرمى ريال مدريد )، وتوالت العروض على الثنائي لضمهما من أندية مختلفة، ولكن الفرحة لم تدم طويلاً، فخسر الفريق السويسري أمام ريال مدريد في لقاء الإياب برباعية نظيفة افتتحها إبراهيم حسن بهدف في مرماه بشكل غريب أثار ذهوله هو شخصيًا وجعله ينظر إلى مواطنه هاني رمزي ضاحكًا لدقائق معدودة عقب تسجيل الهدف.


وفي يناير 1992 رحل هودجسون ليتولى تدريب منتخب سويسرا بأمر من الرجل القوي في بلد المال فاكينيتي ليحل الألماني الصارم أولي شتيليكه بدلاً منه في القيادة الفنية لنيوشاتل، وتتزايد شعبية التوأم لدى جماهير الفريق السويسري وتتزايد أيضًا حدة الإحساس بالنفس والنجومية لديهما، ومن ثم توترت العلاقة بين حسام وإبراهيم حسن والمدرب الجديد للفريق.

 

 

وتزايدت المشكلات بين شتيليكه والتوأم ليبعدهما بعد ذلك عن التشكيل الأساسي لنيوشاتل ثم يطلب من الإدارة عرضهما للبيع وهو ما أعطى للأندية الأخرى انطباعًا عن الأخوين المصريين بأنهما مثيران للمشاكل وبمرور الوقت اختفت العروض المقدمه لهما مع ابتعادهما عن المباريات، وتدخل وسيط انتقالهما لنيوشاتل أبو علي واستغل تواجد المخضرم صالح سليم في سويسرا عام 92 وطلب منه التعاقد مع التوأم وإعادتهما للأهلي وهو ما تم بالفعل وعاد الثنائي الشهير إلى الدوري المصري.