حوار| «عبد العال»: الأحزاب فى مصر.. حبر على ورق

جانب من الحوار
جانب من الحوار

- الاندماجات تصلح للشركات وليس الأحزاب.. والحل هو التواصل مع الجماهير
- الإخوان استقطبوا شباب الجامعات لضعف الأحزاب


 على الدولة القيام بدعم للأحزاب ماليا.. تفعيل عمل الأحزاب.. ضرورة أن يكون المعيار الحقيقى لتأسيس أى حزب هو تكوين قاعدة شعبية عبر التأثير المباشر على الجمهور.. برنامج قومى تشرف عليه الدولة ويتبناه الرئيس عبد الفتاح السيسى للتدريب السياسى للشباب حول قضايا الوطن.. عدد من الرسائل وجهها السيد عبد العال رئيس حزب التجمع، عضو مجلس النواب لتفعيل دور الأحزاب والنهوض بالحياة الحزبية.. وإلى نص الحوار..

 

< ما تقيييمك للتجربة الحزبية فى مصر الآن؟
-  التجربة الحزبية مرت بمرحلتين الأولى نشأة الأحزاب الحديثة عام 1976، والثانية فترة ما بعد 25 يناير والتى تضاعف خلالها عدد الأحزاب ليتجاوز 100 حزب، ومن الصعب الحكم على الأحزاب إلا بعد ممارسة طويلة نسبيا من العمل السياسى لأن هذه الأحزاب تعمل فى ظل أوضاع داخلية بعضها غير موات لحزبه، والدولة تتحمل جزءا من هذا وكذلك بعض القوانين التى تعمل فى إطارها هذه الأحزاب.. ولا يزعجنى عدد الأحزاب بقدر مدى فاعليتها، والحكم النهائى سيكون للشعب المصرى.


< كم عدد الأحزاب التى يحتاجها الوطن حتى يستوعبها فئات ومكونات الوطن المختلفة؟
- الأمر ليس بالكم وإنما بالتمكين.. وما يزعجنى هو وجود أكثر من 100 حزب فى لجنة شؤؤن الأحزاب مجرد حبر على ورق وليس لها أى تأثير يشعر به المواطن لأن الدولة لا تشجع وجود أحزاب إلا فى إطار قانونى ودون منحها الفاعلية للعمل الحقيقى. 


< وماذا عن الحلول المقترحة لتقوية الأحزاب؟
- لابد من تعديل قانون الأحزاب ومنح الأحزاب أساسا قانونيا يمكنها من الحركة والعمل والذى يتمثل فى الدعم المالى، وهناك حظر قانونى للأحزاب بعدم تلقى أية تبرعات إلا بعد الإعلان عنها فى جريدتين رسميتين وغالبا ما تكون التبرعات أقل بكثير من تكاليف الإعلان الواحد. 


على الدولة القيام بدعم للأحزاب ماليا مع تحديد قواعد وشروط لتحديد مدى أحقية هذا الدعم للأحزاب حال توافر الشروط.


والقانون يحظر على الأحزاب ممارسة أى نشاط اقتصادى، بخلاف الأنشطة المرتبطة بالحزب نفسه.


كذلك قاعدة العدد التى يحددها القانون لتأسيس أى حزب وفى تقديرى ليس لها أى أهمية تذكر وأنه من الممكن أن ينشأ أى حزب يكون مستوفى العدد المطلوب لتأسيسه ويتقلص كما نرى فى بعض الأحزاب ليصل إلى مؤسس الحزب وبعض أقاربه، فلابد من إلغاء هذا النص، وضرورة أن يكون المعيار لتأسيس اى حزب هو تكوين قاعدة شعبية وذلك بعد تأثيرها على الجمهور بشكل مباشر تؤهله من التأسيس، فالعدد ليس معيارا للتأسيس.


بحكم القانون
< غالبية الشعب غير راض عن الأحزاب والحياة الحزبية.. فما السبيل لتغيير هذه النظرة؟

- الأحزاب غير ممكنة من التواصل مع الشعب المصرى بحكم القانون الذى يحظر على الأحزاب العمل فى الوحدات الجماهيرية أو أماكن التجمع الجماهيرى مثل الشركات والمصانع والجامعات، وغير ذلك عندما نبحث عن الأماكن التى يتواجد بها الجمهور نجد المقاهى والذى يستمتع بها الجمهور بقضاء وقت فراغه وليس ممارسة العمل السياسى.. وفى الجامعات لاتتواجد الأحزاب بين الشباب مما يمنح الفرصة لأى تيار سياسى حتى وإن كان متطرفا أن يشغل الفراغ لدى قطاع عريض من الشباب، وهناك مثال لتنظيم الإخوان الإرهابى الذى لا يلتزم بالقانون وأنه الوحيد الذى كان يقدم أفكارا داخل الجامعة مقارنة بالقوى السياسية الأخرى غير الممكنة.. لنرى بعد ذلك انقسام خريجى الجامعات لنوعين الأول غير مهتم بقضايا الوطن، أو شباب مهتم من زاوية العلاقة الدينية أو التفسير الدينى لقضايا الوطن والذى يفسر التفاف عشرات الآلاف من الشباب حول التيارات الدينية، فلا وجود لثقافة سياسية ولا ثقافة مجتمعية بديلة فى ظل تراجع دور قصور الثقافة تجاه الشباب والتى تعد حائط الصد فى مواجهة الفكر المتطرف، بل وسيطرت الجماعات الإرهابية من خلال بعض موظفيها على بعض أنشطة قصور الثقافة التى من المفترض أن تقوم بدورها.


< من وجهة نظرك.. ما النموذج للتجربة الحزبية الذى تراه قابلا للتطبيق فى مصر؟
- من الصعب القول بأن هناك تجربة حزبية تنطبق على مصر.. كل مجتمع يجرى تجربته الحزبية وفقا لقواعد الممارسة الديمقراطية داخل هذا المجتمع وما تفرضه أطراف العملية السياسية من قواعد، وبالتالى الديمقراطية غير قابلة للتصدير وكذلك النماذج الحزبية، ولنا تجربة صعبة مررنا بها عندما كانت الجماعة الإرهابية تحكم وهى مرحلة استهداف الدولة والتى تصدى لها الشعب المصرى عبر القوات المسلحة، ومن المفترض أن تقوم الأحزاب بمواجهة الفكر المتطرف والتصدى له ولكنها غير ممكنة.. فالدولة تواجه الإرهاب فى سيناء والرئيس عبد الفتاح السيسى طالب بضرورة تجديد الخطاب الدينى لمواجهة الفكر الظلامي  فى الوقت الذى نجد فيه الأحزاب مكتوفة الأيدى أمام القيام بدورها.


تمكين الأحزاب
< هل فكرة الاندماجات هى الحل الأمثل لتأسيس أحزاب قوية؟

- لست مع فكرة الاندماجات.. لانها ليست حلا فعالا أمام العدد الكبير للأحزاب، لأن الحل يتمثل فى تمكين الأحزاب من العمل والتواصل مع الجماهير وأن تختبر شعبيا، والشعب له الرأى الأخير فى دعم بعضها وتهميش الآخر.. الاندماجات فكرة تصلح فيما بين الشركات وليست الأحزاب التى لن تقوى عبر الاندماجات فلا يصح أن نبدأ بالحديث عن الاندماجات إلا بوجود أحزاب لها تأثير حقيقى على الشعب المصرى عبر تمكينها من التواصل، وإلا كان ذلك بمثابة «توحيد الضعفاء» وربما يكون هذا الاندماج بمثابة قنابل موقوتة داخل هذا الحزب لعدم وجود تواصل بين أعضاء الأحزاب المندمجة فى ظل التنافس على المواقع القيادية وعدم تقديم  تنازلات من كلا الطرفين،.


<  هل ترى أن 100 حزب يمثلون 100 مليون مصرى؟
- بالطبع لا.. فهم لا يمثلون 2 % من الشعب المصرى، وأن العمل الحزبى ليس مغريا للشباب، والرغبة فى العمل الحزبى أصبح عملة نادرة.. وجزء من هذا تتحمله الدولة التى لا تستدعى المواطن للعملية السياسية إلا فيما يخص صوته الانتخابى فقط.


هناك عدم تواصل بين الدولة والأحزاب من جهة والمواطن من جهة أخرى وهو ما يؤدى بدوره إلا تقليص عدد أعضاء الأحزاب.


الأيدلوجية الواحدة
< هل الاندماجات الحزبية مرتبطة بالانتخابات أم بالأيدلوجيات السياسية؟

- لا.. فمن الممكن أن يكون هناك تعدد بين الأيدلوجية الواحدة مثل الاشتراكيين فهناك أكثر من حزب اشتراكى.


< هل بناء الاحزاب يحتاج تأسيس قاعدة شعبية فى البداية أم الاعتماد على كوادر ونخب سياسية قوية؟
- الكوادر الحقيقية تتكون وسط حركة شعبية ولا يتكون فى المراكز الدراسية او التدريبية، وأى نخبة ليس لها امتدادات شعبية فهى معزولة.. فالنخبة الناصرية شاركت بالكامل فى 25 يناير وتواجدت فى ميدان التحرير ولكن من كان يوجه ميدان التحرير هو تنظيم الاخوان الإرهابى، فالنخبة هنا لأنها صلتها مع الجمهور لا تصل لدرجة قيادته، فقادها تنظيم سرى.. فالنخبة الناصرية عندما أرادت التصدى لجماعة الإخوان الإرهابية وإسقاطها لم تتمكن إلا بمساندة الشعب المصرى.


شباب الأحزاب
< لماذا لا يتفاعل الشباب مع الأحزاب.. وما أسباب عزوف الفئة العمرية الشبابية عن المشاركة الحزبية؟

- «الشباب مايعرفوش الاحزاب».. لأنهم لم يتعلموا ذلك منذ نشأتهم فى المدرسة والجامعة وحتى قصور الثقافة أو فى أماكن العمل التى تحظر على الاحزاب التواجد بها، كما أنه لا يرى أى دور للأحزاب وبالتالى لا يسعى إليها.. ويخطئ من يتوقع من الشباب أن الحزب سيمنحه ميزة شخصية أو وظيفة، غير الثقافة والمعرفة وفتح الطريق للمشاركة فى العمل العام.


والحزب الوطنى على مدار 30 سنة كان له دور فى ذلك والذى كان يدعو الشباب للانضمام عبر إغرائهم بالدورات التدريبية أو الرحلات والذى ساهم بدوره فى عزوف الشباب عن المشاركة فى أى حزب آخر ومن ثم إضعاف الحياة السياسية بشكل عام.


أدعو إلى تكوين برنامج قومى تشرف عليه الدولة ويتبناه الرئيس للتدريب السياسى للشباب حول قضايا الوطن.