حكايات| علي الغندور.. أستاذ جامعي «كفيف» بعيون تكنولوجية

علي الغندور.. أستاذ جامعي «كفيف» بعيون تكنولوجية
علي الغندور.. أستاذ جامعي «كفيف» بعيون تكنولوجية

من ظلمة العين استمد نور النجاح، رسم لنفسه طريقًا من الكفاح، فلم تقف الإعاقة يومًا في طريقة؛ بل حولها إلى مصدر تحفيز دائم له، فمر بكل المحن بنفس راضية دون الشعور باليأس أو الإحباط.

 

في رحلة كفاح سطر الدكتور علي محمد الغندور، واحدة من أعظم المحن التي تحولت إلى مصدر إلهام، فمنذ نعومة أظافره بدأ نظره يضعف بدون أية أسباب واضحة، فيما عجز الأطباء عن تقديم تفسير لحالته وأجمعوا على أنها إرادة الله فاستسلمت للقدر لكنه لم يسلم رقبته للفشل فتحول إلى ماكينة تتلقى الصدمات وتحولها إلى محطات نجاح.

 

الصف السادس.. كل شيء يتغير

 

الدكتور الغندور تحدث لـ«بوابة أخبار اليوم»، قائلا: «حتى الصف الثاني الابتدائي كنت أرى الأشكال والألوان وبعدها فقدت نظري؛ لكن هذه الفترة ساعدتني حتى الآن في تخيل الأشياء والألوان، وهذه المرحلة جعلت عقلي يربطها بصور معينة، مثل أكواد خاصة استدعيها عند الحاجة إليها».

 

اقرأ حكاية أخرى| حكايات| قرية العميان.. آفة بلدتنا «الزواج»

 

«بعد الثانوية أصريت على الذهاب إلى جامعة حلوان، وكان أمامي تحدي كبير؛ لأنني الكفيف الوحيد في دفعتي، فأردت أن أثبت نفسي، وبالفعل تفوقت وكان ترتيبي الأول على دفعتي وتخرجت في عام 2005 وحصلت على التمهيدي وسجلت الماجستير في عام 2007 وتعينت معيدا في ذات السنة، وحصلت على الماجستير في 2010 بدرجة امتياز، ثم الدكتوراه وكتبت في العديد من المجلات بطريقة برايل ودرست كأستاذ جامعة في العديد من الجامعات الخاصة، ثم أعطيت كورسات في العديد من الأماكن الخيرية»، لا يزال الكلام على لسان الدكتور الغندور.

 

السمع كلمة السر

 

كترجمة فورية للتعامل مع الواقع الجديد، بدأ الدكتور الغندور يعتمد على حاسة السمع في حياته، بداية من المشي وتمييز الأشخاص وبعض المهام الحياتية، وهنا يقول: «عندما أصب الشاي في الكوب أعرف متى امتلأ فنغمة الماء تختلف من القاع حتى القمة».

 

اقرأ حكاية أخرى| مصر أول وطن للاجئين.. 3 أنبياء لاذوا بها

 

ليس السمع فحسب بل أدت باقي الحواس دورها على أكمل وجه، فالشم واللمس أعانت الرجل كثيرًا على الحياة، قبل أن يصل إلى محطة التكنولوجيا هون عليه الكثير، عبر بوابة البرامج الناطقة وقارئات الشاشة وجهاز «اكتشاف الألوان»، الذي يضعه على ملابسه فينطق لونه، وهذا بالطبع يسهل على تنسيق الألوان مع بعضها والمحافظة على مظهره وأناقته.

 

White kine.. الأزمة والحل

 

باسم التكنولوجيا حاول الغندور استخدام عصا تسهل على المكفوفين السير في الطرق بسهولة دون مساعدة من أحد، لكن للأسف فشلت التجربة لعدم استواء الطرق، فهي مصممة للشوارع المستوية بأمريكا وهو ما يتعارض مع ظروف القاهرة؛ لكن يظل لها ميزة مختلفة؛ إذ تُعرف من في الشارع بأنه كفيف وبالتالي يفسحون له الطريق ويساعدونه.

 

 

أما طريقة التدريس فبدأت بعقبة كبيرة تمثلت في صعوبة الكتابة للطلاب على السبورة؛ لكن من رحم الأزمة خُلق الحل؛ إذ أحضر جهازًا خاصًا بالمكفوفين، وأصبح يتعامل مع الطلاب على أنه أخ لهم وليس أستاذًا جامعيًا حتى اكتسب ثقتهم وساعدهم على تجاوز مراحلهم الدراسية.

 

اقرأ حكاية أخرى| مدرسة «الأرتيست» للفتيات.. ضبط إيقاع الطبلة بالأيادي الناعمة

 

حاول الدكتور الغندور كسر الحواجز لإفادة طلابه بالمعلومة،  فبعد أن فقد إمكانية التواصل معهم بصريًا إلا أنه بالبروجكتور تجاوز الكثير حتى إن لم يجد في الكلية يحضر بنفسه جهاز صغير من منزله، أما تصحيح التكليفات فيكون عن طريق «برنامج القارئ»، والذي  يقرأ ما كتبه ويتدرب في النطق.. «نصيحتي للمكفوفين.. إذا حياتك أصبحت بلا هدف واليأس تملك منك فستصبح بلا قيمة».