الاقتصاد التركي مطوقٌ بـ«تهديدات أمريكية» و«معدلات التضخم القياسية»

رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب
رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب

تعيش بلاد الأناضول أيامًا عصيبةٍ على وقع الانهيارات المتلاحقة للعملة المحلية "الليرة"، والتي تهوى قيمتها بصورةٍ متتابعةٍ، جراء العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على أمريكا.

وهدد نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، تركيا يوم الأحد بأنه في حالة عدم الإفراج عن القس الأمريكي أندرو برونسون، الذي وصفه بالبريء، فإن واشنطن ستوقع مزيدًا من العقوبات على أنقرة.

وأندرو برونسون هو قسٌ أمريكيٌ تعتقله السلطات التركية منذ أكتوبر عام 2016، بعد أشهرٍ قليلةٍ من وقوع الانقلاب العسكري الفاشل (منتصف يوليو من نفس العام)، وتتهمه تركيا بالصلة بشبكة فتح الله جولن، المتهم الأول من قبل أنقرة بالضلوع وراء الانقلاب على الرغم من نفيه حدوث ذلك وتنديده بما حدث وقتها.

كما ترمي السلطات التركي برونسون باتهامٍ آخر يتعلق بموالاة حزب العمال الكردستاني، والذي يخوض تمردًا عسكريًا جنوب شرق البلاد منذ عام 1984، وتصنفه تركيا والولايات المتحدة إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي على إنه تنظيمٌ إرهابيٌ.

وترفض واشنطن الاعتراف بتلك الاتهامات الموجهة على برونسون، وتدفع ببراءته، وقد فرضت عقوباتٍ اقتصاديةً على مسؤولين أتراك، أثقلت كاهل الاقتصاد التركي.

ويقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تخوض حربًا اقتصاديةً، لكنها يشير في الوقت ذاته إلى أنها لن تخضع لأي دولة، وأن الولايات المتحدة مخطئةٌ إن اعتقدت أنها بإمكانها إخضاع تركيا.

وقال أردوغان أيضًا، في معرض حديثه خلال اجتماعٍ بأحد دوائر حزب العدالة والتنمية في مدينة ريزا الساحلية، إن الذين تآمروا على تركيا في الانقلاب الفاشل في يوليو 2016 يحاولون الآن استهداف البلاد اقتصاديًا، متعهدًا بالتصدي لذلك، ولم يسمِ أردوغان أي دولة بالاسم.

أوضاع عصيبة للاقتصاد التركي

وبين السجال السياسي من هنا ومن هناك، بات الاقتصاد التركي هو الضحية، وأصبح القس برونسون، الذي قال عنه أردوغان إن أمريكا تخسر حليفها من أجل قس، يمثل هاجسًا الآن للأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وهبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد عند 7.24 ليرة للدولار في التعاملات المبكرة في آسيا والمحيط الهادي، مع استمرار الضغوط على العملة بفعل مخاوف المستثمرين المتعلقة بحالة الاقتصاد جراء تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.

ومنذ بداية عام 2018 إلى الآن، فقدت الليرة التركية 40% من قيمتها التي كانت عليها في السابق، وباتت البلاد تعاني من أزمة التضخم، التي دفعت الرئيس التركي إلى مطالبة الأتراك بخفض أسعار الفائدة على أموالهم المودعة في البنوك التركية.

وقبل يومين، حلت تركيا في المركز الأول عالميًا، كأسوأ سوق دين بالعملة المحلية، متجاوزةً بذلك الأرجنتين، وذلك بعد أن هبطت الليرة التركية إلى مستوى قياسي جديد، رغم محاولات البنك المركزي هناك إنقاذ العملة وانتشالها من خسائرها الحادة.

وللتغلب عن الأزمة الراهنة التي يعيشها الاقتصاد التركي، يقول وزير المالية التركي براءت ألبيرق، وهو صهر الرئيس التركي أردوغان، إن بلاده أعدت خطة عمل وستبدأ مؤسساتها في اتخاذ الإجراءات الضرورية صباح الاثنين لتهدئة مخاوف الأسواق المالية، متحدثًا عن وجود خطةٍ جاهزةٍ لتجاوز الأزمة، دون أن يكشف تفاصيل عن هذه الخطة.

ومن دون خطةٍ حقيقيةٍ تنتشل الاقتصاد التركي من عثرته، فإن بلاد الأناضول ستدخل نفقًا مظلمًا مع بداية ولاية أردوغان الثانية في حكم البلاد من موقع الرئيس.