بعد خسارة الليرة التركية 30% من قيمتها.. إلى أين يتجه اقتصاد تركيا؟

بعد خسارة الليرة التركية 30% من قيمتها.. إلى أين يتجه اقتصاد تركيا؟
بعد خسارة الليرة التركية 30% من قيمتها.. إلى أين يتجه اقتصاد تركيا؟

خسرت الليرة التركية، حوالي 30% من قيمتها مقارنة بالدولار الأمريكي منذ بداية العام الجاري، وانخفض حجم التداول في سوقها المالي إلى 17%، أو إلى 40% إذا جرى قياسه على الدولار الأمريكي كما يفعل بعض المستثمرين الأجانب.

 

ويوجد مقياس آخر تتم متابعته في السوق وهو تكلفة ديون الدولة، فاستدانتها لمدة 10 سنوات من نفس عملتها تكلفها 18% سنوياً، بل وحتى الاقتراض بالدولار يعد باهظاً بالنسبة لتركيا بمعدل يقارب 7%.


وتعاني تركيا من عجز في ميزان تجارتها الخارجية، فوارداتها أكثر من صادراتها، ما يعني أنها تنفق أكثر مما تكسب، والعجز يجب أن يُمول إما من استثمارات أجنبية أو بالاستدانة، ولا يعتبر هذا بحد ذاته غريباً أو خطيراً، لكن العجز لدى تركيا أصبح كبيراً جداً فقد بلغ 5.5% من الدخل القومي أو من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي.


ويوجد مظهران للدين الخارجي في تركيا زاد من ضعف اقتصادها، الأول أن لديها مستوىً عالياً من الديون بعضها مستحق الدفع في القريب العاجل بالإضافة إلى الديون الجديدة، وهذا يعني بلغة السوق المالي أنه يجب إعادة تمويل الدين، وتقدر وكالة تقييم الاستثمار «فيتش»، أن الحاجة المالية الكلية لتركيا هذا العام ستبلغ ما يقارب 230 مليار دولار.


ويتمثل المظهر الثاني، في استدانة الكثير من الشركات التركية بالصرف الأجنبي، وتُعد هذه القروض أكثر تكلفة عند إعادتها في حال انخفضت قيمة العملة المحلية وهو ما حدث بالفعل.

 

وصعّد ضعف العملة مشاكل التضخم المُلحّة في تركيا، فكلما ضعفت قيمة الليرة زادت تكلفة الواردات، وكان لدى المصرف المركزي هدف في الحدّ من التضخم إلى 5% العام الماضي، لكن التضخم كان أكثر من ذلك بكثير حوالي 10%، ومنذ ذلك الوقت تراجع الوضع خاصة مع غلاء الأسعار التي زادت بمعدل سنوي يبلغ قرابة 15%.


ويوجد أمام المصرف المركزي التركي، خيار واضح وهو رفع معدلات الفائدة، وهذا يمكنه أن يحدّ من التضخم بطريقتين، إما بإضعاف الطلب في البلاد، أو من خلال رفع العوائد المالية في تركيا والتي ستشجع المستثمرين للشراء بالليرة، مما يقوي العملة ويخفض تكلفة الاستيراد.

 

وقام المصرف المركزي التركي بخطوات مشابهة، لكن دون تأثير ملموس أو وصول إلى حل للمشكلة.

 

العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية

 

ما يزعج السوق هو الاعتراض المعروف للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واعتماده على معلومات مغلوطة لديه كما يقول أغلب الاقتصاديين على رفع الفوائد، فقد وصف أردوغان نفسه بعدو نسب الفوائد، والنتيجة أن المستثمرين غير مقتنعين بقدرة المصرف المركزي على تحقيق استقرار للعملة والسيطرة على التضخم، ويجعلهم ذلك بالتالي أكثر قلقاً حول ما ستؤول إليه الأصول المالية التركية.

 

وتزعزعت الثقة أكثر بعد توتر العلاقات التركية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فقد اعتقلت تركيا مرشداً ومبشراً دينياً أمريكياً، كما أن هناك اختلافات حول الملف السوري، إضافة إلى أن واشنطن تعيد النظر في تأهل تركيا لتطبيق برنامج تصدر فيه عدداً كبيراً من منتجاتها عن طريق السوق الحرة في بلدان نامية إلى السوق الأمريكية.

 

كما أن تركيا معرضة للخطر من التطورات الحاصلة في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يستمر الاحتياطي الفدرالي برفع نسب الفائدة ما يشجع المستثمرين لسحب أموالهم من الأسواق الصاعدة، ولم يكن لذلك بالذات تأثير قوي، لكن يمكنه أن يكون عاملاً مقلقاً بالنسبة إلى بلدان تعاني من عدة نقاط ضعف مثل تركيا.

 

ويُعد الاختلاف الوحيد الهام بين الأزمة الاقتصادية الحالية في تركيا بالمقارنة مع أزمتها في بداية القرن أنه لا يوجد الآن هدف لقيمة التبادل خلافاً لعام 2001، إذ فرضت تركيا في حينها الضغط على أسواق العملة للتخلي عن أهدافها المعتادة، أما هذه المرة فلا يوجد مُحدّد لقيمة العملة، فسمح ذلك بكل بساطة لليرة بالتراجع.