رغم حظرها.. أدوية الضغط المسرطنة في الصيدليات

الأدوية المسرطنة تباع في الصيدليات رغم حظرها
الأدوية المسرطنة تباع في الصيدليات رغم حظرها

-  نقيب الصيادلة: الدواء فيه سم قاتل..والشركات ملزمة بسحبه
- الوكالة الأوربية للأدوية: المادة الفعالة تسبب أضراراً خطيرة

حالة من القلق والارتباك سادت بين العديد من مستخدمى أدوية الضغط بعد إعلان إحدى الشركات الصينية أن المادة الفعالة (الفالسارتان) التى تنتجها الشركة والتى ثبت وجود شوائب بها تؤدى الى الإصابة بالسرطان، وفور إعلان الشركة الصينية قامت وزارة الصحة فى مصر بإصدار نشرة حظرت فيه تداول 14 صنفاً دوائياً تحتوى على هذه المادة، وذلك بالتزامن مع ما اكدته منظة الأدوية الاوروبية وطالبت بسرعة سحب جميع الادوية التى تحتوى على هذه المادة من الاسواق.


المفاجأة أنه رغم صدور قرار سحب الأدوية التى توجد بها مادة(الفالسارتان) من الأسواق حماية للمرضى، إلا ان بعض الصيدليات لم تنفذ القرار وتهربت من التنفيذ.


وكشفت "الاخبار" عن بيع وتداول أدوية الضغط والقلب التى تحتوى  على المادة الفعالة للجمهور ودون أى التزام بقرار وزارة الصحة رقم 51 لسنة 2018 والذى صدر فى 12 من الشهر الجارى ويتضمن اسماء الادوية التى تحتوى على هذه المادة ومصدرها الشركة الصينية كما نص القرار على اسماء الشركات المصنعة وهى 6 شركات وارقام التشغيلات الخاصة بها.


 وشددت وزارة الصحة  على سحب جميع الادوية وعدم توزيع اى مستحضرات من المذكورة فى القرار على الصيدليات وكذلك التشديد على عدم بيعها للجمهور الا أن بعض الصيدليات خالفت القرار وتهربت من التنفيذ من اجل تحقيق ربح مادى على حساب صحة المواطن.

فى منطقة امبابة وبالقرب من معهد القلب دخل محرر الاخبار احدى الصيدليات وطلب الحصول على عقار اميلوبلس الذى ينطبق عليه قرار السحب - وكان اختيار ذلك المكان لان هذه الادوية تستخدم فى علاج الضغط المرتفع والقلب فلابد ان الطلب عليها سيكون اكبر فى الاماكن المجاورة لمعهد القلب،  فوجئت بالصيدلى يتحرك على الفور باتجاه الرف الخاص بالعقار واحضر منه عبوة بعد ان سألنى حضرتك عايز عبوة واحدة ولا أكتر فأجبت مندهشا عبوة واحدة يا دكتور .. وطلب منى 30 جنيها. تفحصت الدواء جيدا وقمت بمراجعة التشغيلة المكتوبة على العلبة، ورقمها ( 17160099) فوجدتها من التشغيلات التى نص عليها قرار السحب الذى اصدرته ادارة الصيدلة . توجهت الى صيدلية اخرى وسألت الصيدلى الموجود بها عن وجود العقار من عدمه فأجاب بانه موجود بالفعل واحضره .. وسألته ألم يصل إليكم قرار سحب هذا العقار لانه يحتوى على شوائب مسرطنة فنفى علمه بهذه المعلومة .


واصلت رحلتى بالدخول الى احد المستشفيات الخاصة الشهيرة بمنطقة المهندسين وكنت قد كتبت 4 اصناف من الاصناف ال14 المحظورة فى ورقة وقدمتها الى الصيدلانية الموجودة فى الصيدلية فتوجهت على الفور الى الادراج المفترض تواجد هذه الادوية بها فلم تجد أيا منها فذهبت الى اخرى اكبر منها سنا يبدوانها المديرة واعطتها الورقة وهنا نظرت الى المديرة وقالت بص هوواحد من دول فيه قرار بسحبه لكن الثلاثة اصناف الاخرى غير موجودة ( ناقصة)  فطلبت منها ان تحدد الصنف الذى صدر بحقه قرار السحب فأجابت "بلوكاتنس" .واذا كان الامر كذلك فى امبابة والمهندسين فما بال الصيدليات فى الضواحى والمناطق العشوائية وهنا قررت ان اتوغل داخل المناطق الشعبية ودخلت صيدلية وسط السوق فى منطقة المطار وحصلت على أكثر من نوع من الادوية المحظور بفاتورة رسمية منها عقار "اميلوبلس" تشغيلة رقم( 16160140 )و"بلوكاتنس 5/160" تشغيلة رقم( 180386) وهى من التشغيلات التى تضمنها قرار الحظر الخاص بوزارة الصحة.

  
تعويض المرضى
من جانبه أوضح محمود فؤاد مدير المركز المصرى للحق فى الدواء ان أدوية فالسارتان تستخدم لعلاج المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم للحد من المضاعفات مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، كما يستخدم مع المرضى الذين لديهم قصور فى القلب أو نوبة قلبية حديثة واوضح ان الشركة الصينية بيج فارما قامت بإبلاغ الوكالة الاوروبية عن وجود شكوك فى هذه  المادة الخام وطلبت منها تحليلها وفعلا تم إثبات أن الشوائب مسرطنة فقامت الوكالة الاوروبيه اليوم التالى بإصدار تحذير عالمى هو الرابع فى تاريخ الوكالة التى تأسست منذ ٦٠عاما وأمرت المستهلكين بالانتباه فتم سحب الدواء من ٢٢دولة وفعلا حذّر المركز فى بيان له المرضى وطالب رجوعهم مرة أخرى للأطباء لكتابة صنف جديد. . وأشار فؤاد الى ان  المركز انتظر عدة أيام ولكن الدواء مازال موجودا فى الاسواق شأنه شأن العديد من الادوية المحظورة التى تباع بشكل علنى فى الصيدليات ولصعوبة عمل التفتيش ٧٥ ألف صيدلية.


واوضح مدير الحق فى الدواء ان المركز اكتشف مفاجأة خطيرة وهى ان تشغيلة لشركة الفاكيور صدر بشأنها تحذير من وزارة الصحة موجودة فى السوق من سنتين ٢٠١٦ وهى التشغيلة رقم ١٦١٨٠١٨٥ وهذا انتهاك صارخ من قبل الشركة.


واعلن فؤاد ان المركز تقدم  ببلاغ للنيابة العامة رقمه ٥٦٢ لسنة ٢٠١٨ طالب  فيه بسرعة التحقيق ومتابعة المرضى الذين تناولوا الدواء ويستخدمونه منذ أكثر من سنتين وهذا يؤكد ان هناك تشغيلات اخرى لشركات اخرى قامت بالانتاج آخر سنتين فى الاسواق وللاسف استخدمها المرضى فى مصر طوال هذه المدة وقد تكون تسببت فى مشكلات صحية خطيرة طبقا لنتائج التحليل التى تم اجراؤها على هذا الدواء.


كما اوضح فؤاد ان مصر دولة ليس بها مراكز تكافؤ حيوى غير معتمدة دوليا بسبب وخوف كبار المصنعين من هذه المراكز التى ستكشف الجميع.


وان تصدير الدواء لأفريقيا يشترط الحصول على شهادة من مركز دولى معتمد بينما الانتاج المحلى لايتطلب هذا والمراكز الموجودة حاليا عبارة عن مراكز بدون إمكانيات تكنولوجية لا تكشف عن اى أضرار موجودة فى المواد الخام.


سم قاتل
من جانبه يقول د. محيى عبيد نقيب الصيادلة ان الدواء فيه سم قاتل واضاف ان المسئولية تقع على عاتق الوزارة ويجب ان تجبر الشركات بخروج سيارات بشكل فورى تمر على ال75 ألف صيدلية بالكامل لتقوم بسحب كل عبوة من العقار وان تقوم بالتأكد من ذلك عن طريق مرور مفتشيها على كل الصيدليات بل وتسليم  كل صيدلى نسخة من القرار مع توقيعه بالاستلام لاثبات العلم والتنسيق مع النقابة ووضع لجنة ادارة ازمة مكونة من الوزارة بكافة قطاعاتها والنقابة بكافة فروعها للتأكد من عدم وجود عبوة واحدة من العقار بالصيدليات وعمل مؤتمر صحفى موسع والنشر فى الصحف اوعن طريق الاعلانات التحذيرية بالتليفزيون لكل من الصيدلى والمريض بخطورة هذا الدواء الذى ثبت بما لا يدع مجالا للشك انه يحتوى على شوائب تؤدى للاصابة بالسرطان.

وأوضح ان النقابة اقترحت وضع شاشة فى كل صيدلية تكون مرتبطة بسيستم مع النقابة وزارة الصحة فور صدور مثل هذه القرارات تظهر داخل الصيدلية وان يتم ذلك برعاية الوزارة وشركات الادوية .


 المريض يدفع الثمن
ويؤكد د. خالد سمير استاذ جراحة القلب بجامعة عين شمس وعضومجلس نقابة الاطباء الاسبق ان المريض  هو من يدفع فاتورة جشع بعض شركات الادوية وان وزارة الصحة هى المسئولة عن سحب الدواء بعد ان كشفت الشركة الصينية صاحبة الدواء عن وجود خلل فى بعض محتويات الدواء واكدت التجارب التى تجريها بانه تسبب فى السرطان لعدد من الحالات

واشار الى ان كل الدول قامت بسحب هذه الادوية من الاسواق فور اعلان الشركة وأوضح ان زيادة عدد الصيدليات بهذا الشكل الكبير الذى بلغ 75 الف صيدلية من الاسباب المهمة لعدم السيطرة على سوق الدواء نحن كدولة لا نحتاج اكثر من 25 ألف صيدلية حسب النسب العالمية وبالتالى فوجود هذا العدد يشكل عبئاً كبيرا من ناحية الرقابة.. كما ان زيادة اعداد دفعات الصيدلة التى يتم تخريجها سنويا بمعدل 17 ألف صيدلى ستؤدى الى كوارث فى المستقبل لان السوق لا يستوعب هذا العدد الهائل فسوق الدواء فى مصر لا يحتاج اكثر من 2000 صيدلى فقط فى الوقت الذى بلغ فيه عدد الصيادلة  200 الف صيدلى كل هذه الاعداد تسببت فيها الجامعات الخاصة والبيزنس الذى يحقق المليارات لرجال الاعمال على حساب السوق لان هذه الاعداد سوف تندفع الى ممارسات إجرامية مثل المخدرات والادوية المهربة والادوية المنتهية الصلاحية لتحقيق ربح فى ظل انخفاض نسب البيع ،ولعل هذا ما تسبب فى قيام بعض الصيدليات ببيع منتجات اخرى بجانب الدواء مثل الجرايد والشيكولاتة واللبان "يعنى قلبوها سوبر ماركت ودى كوارث لا تنتبه لها الوزارة ولا المسئولون عن سوق الدواء".


غياب الرقابة
من جانبه اكد د. عبدالحميد اباظة استشارى الجهاز الهضمى ومسئول الاتصال السياسى الاسبق بوزارة الصحة ان ما يعانيه سوق الدواء سواء وجود ادوية محظورة بالصيدليات اوادوية منتهية الصلاحية وتم التلاعب فى تاريخ صلاحيتها او وجود تلاعب فى اسعار بعض الادوية عن طريق الباركود الذى تقوم بعض الصيدليات بطباعته تصرفات خاطئة يجب على وزراة الصحة مواجهتها.. وأوضح اباظة الى وجود قانون للصيدلة تم اعداده منذ 2010 وكان على وشك المناقشة بالجلسة العامة للبرلمان وقتها لكن هذا القانون اختفى تماما بعد الثورة واشار الى انه تحدث مع كل وزراء الصحة الذين تولوا المنصب بعد الثورة وإعادة طرح القانون كان كفيلا بالقضاء على كافة الكوارث التى يعانى منها سوق الدواء فى مصر  واضاف اباظة قائلا "مافيش وزير صحة طبيب مهما كانت قدراته بيفهم فى الدواء عشان كدا لازم تكون فيه لجنة عليا للدواء مع اعطاء فرصة اكبر للنقابة لانها هى الاقدر على التواصل مع اعضائها .