حوار| السفيرة سامية بيبرس: صدام الحضارات بدعة أمريكية لضمان أمن إسرائيل

جانب من الحوار
جانب من الحوار

- إعادة تسليط الضوء على دور الحضارة العربية فى خدمة الإنسانية
- نسعى لإقامة جسور تواصل مع الثقافات المختلفة وتدشين اتفاقية مع الفاتيكان

درست فى المدرسة الألمانية وتفوقت منذ نعومة اظفارها فحصلت على المركز الخامس على مستوى الجمهورية بالثانوية العامة.. والتحقت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عملت بوزارتين فور تخرجها بداية من هيئة الاستعلامات ثم وزارة الاستثمار والتعاون الدولى والتحقت بالجامعة العربية عام 93 وعملت فى قطاع الشئون السياسية، وتم تكليفها بملف العلاقات العربية الأمريكية ثم ملف التعاون العربى الأفريقى.

 

مثلت الجامعة العربية فى العديد من المؤتمرات الدولية والإقليمية، فتراكمت لديها الخبرات المختلفة نتيجة الاحتكاك بحضارات مختلف قارات العالم، لتتولى بعدها منصب مدير ادارة حوار الحضارات بجامعة الدول العربية لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب.. هى السفيرة سامية بيبرس، الوزير المفوض فى جامعة الدول العربية تتحدث إلى «الأخبار» عن دورها منذ توليها هذا المنصب والموقف العربى من حوار الحضارات والدور الرائد للحضارة العربية الإسلامية فى إثراء الحضارة الإنسانية وإنجازاتها فى مختلف المجالات، ودور الإدارة فى العمل على تحسين صورتنا نحن العرب وكيفية تعزيز الانتماء إلى الهوية العربية وإدماج حوارالحضارات فى حياتنا، وإلى نص الحوار.

 

 متى تم إنشاء إدارة حوار الحضارات، وما هى المهام الخاصة بها ؟


- تعتبر ادارة حوار الحضارات من الادارات حديثة النشأة بالجامعة، فقد أنشئت فى عام 2001 ويرجع انشاؤها إلى عمرو موسى الأمين العام الأسبق للجامعة العربية، كناتج لعديد من المستجدات أهمها أحداث 11 سبتمبر والهجمات الارهابية التى وقعت بالولايات المتحدة واتهام العرب والمسلمين بها، وتلتها الهجمات الشرسة على العرب والمسلمين، وبالتالى هجمة على الحضارة العربية الإسلامية بشكل عام، والمهام المنوطة بها كثيرة أهمها إقامة جسور التواصل مع الثقافات والحضارات المختلفة سواء حضارة صينية، أو عربية، أو أوروبية، بهدف منع الصدام وتفاقم النزاعات والهدف الأكبر هو استرداد الأمن والسلام العالمى وتحقيق أهداف التنمية المستدامة

 كما تهدف أيضاً إلى تسليط الضوء على الحضارة العربية الإسلامية على اعتبار ان بعض النظريات تتهم الحضارة العربية الإسلامية بأنها ليست لها اسهامات على سبيل المثال صامويل هانجنتون المفكر الأمريكى الذى يرى إن العدو القادم للحضارة الغربية هو الحضارة العربية الإسلامية وأنكر اسهاماتها وبالتالى بدأ العرب فى التحرك وبدأوا فى مبادرة لإعادة تقديم أنفسهم من خلال تسليط الضوء على دور الحضارة العربية الإسلامية فى إثراء الحضارة الإنسانية، وأيضاً الإدارة منوطة بمكافحة العديد من الظواهر السلبية أبرزها مكافحة الاسلاموفوبيا وهى الخوف المتواجد بالعديد من المجتمعات من الاسلام وليس فقط فى المجتمعات الاوروبية كما يظن البعض، ولكن أيضا الأسيوية.

فقد فوجئنا بذلك خلال الدراسات التى نقوم بها، أيضاً لنا دور فى مكافحة التطرف فقد أصبح ذلك ظاهرة عابرة للقارات وليست مقصورة على المجتمعات العربية، بل انتشرت فى جميع ارجاء العالم وهى ظاهرة خطيرة قد تفضى للارهاب، أيضا التمييز العنصرى الذى يمارس ضد العرب والمسلمين فى العالم فهذه مسألة تعنينا، وهى ترتبت على العديد من العوامل منها الاسلاموفوبيا، ومن اهتماماتنا أيضاً مسألة انخراط الشباب فى الحوار، فنحرص جداً على ذلك على الصعيد العربى والدولى وذلك من خلال تواجدهم فى ملتقيات حوارية يتم من خلالها التعرف من كل طرف على ثقافة الآخر ومناقشة العديد من القضايا التى تؤرق كل طرف تجاه الآخر.


 ما هى المنظمات والجهات التى تتعاونون معها ؟


- نتعاون مع جهات رسمية مثل وزارة الخارجية ومع منظمات دولية وإقليمية أيضا مثل منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات. وآخر تعاون كان عقد مؤتمر حول جامعة الدول العربية وتحالف الحضارات، كما ننظم برنامجا معهم سنويا نستضيف من خلاله قيادات شبابية من أوروبا والولايات المتحدة وكندا ومن خلال زيارتهم للجامعة وايضا العديد من الهيئات الحكومية فى مصر مثل وزارة الخارجية ومركز حقوق الانسان ومؤسسات دينية مثل منظمة التعاون الاسلامى والازهر الشريف والكنيسة.


ونسعى من خلال هذه الزيارات إلى تحسين صورة مصر والعرب والإسلام من خلال التحدث عن قيم الإسلام ولغة الحوار، وأيضاً نتعاون مع اليونسكو. ونظمنا العام الماضى ورشة عمل خاصة لمكافحة التطرف وتعزيز الحوار، ايضا نتعاون مع مؤسسة انا ليند الاورومتوسطية للحوار بين الثقافات، وسنوقع قريباً مذكرة تفاهم بيننا.


 هل هناك تعاون مع الأزهر والكنيسة ؟


- وقعنا العام الماضى اتفاقية مع الأزهر الشريف للتعاون وتنظيم أنشطة وبرامج مشتركة لمكافحة الإرهاب والتطرف وظاهرة الإسلاموفوبيا والحوار الحضارى، أما مع الكنيسة ليس لدينا اتفاقية تعاون ولكن لدينا برامج مشتركة مثل برنامج الزمالة الذى نقوم بتنفيذه مع الأمم المتحدة. فدائماً نحرص على أن تكون هناك زيارات للكنيسة المرقسية، ونسعى إلى أن تكون هناك اتفاقية مع الفاتيكان.


 تحدث الرئيس السيسى عن تجديد الخطاب الدينى ومواجهة التطرف، هل لديكم دور فى هذا ؟


- لا نشارك فى تجديد الخطاب الدينى بشكل مباشر، ولكن دائماً فى كل المؤتمرات نحرص على أن تكون من ضمن التوصيات التأكيد على مسألة الخطاب الدينى، لأن تجديد الخطاب الدينى المعنى به المؤسسات الدينية، ونحن منظمة اقليمية، ولكن نحرص على مخاطبة المؤسسات الدينية ومطالبتها بوضع تجديد الخطاب الدينى على أولوياتها.


ما هى النجاحات التى حققتها الإدارة فى ظل تلك الصورة عن العالم الإسلامى والعربى لدى الغرب؟


- صعب الاجابة عن هذا السؤال لأنه ليست هناك إحصائيات رسمية لمدى انجازنا فى البرامج التى قمنا بها ولكن أستطيع الرد من خلال نقطتين أن برنامج الزمالة على سبيل المثال الذى ننظمه مع الأمم المتحدة لتحالف الحضارات ونستضيف من خلاله قيادات الشباب الأوروبى فخلال هذه الزيارات نقوم بتوزيع استبيان وتكون مخرجاته ايجابية جداً فكثير منهم يقول أنه قام بتغيير رؤيته عن العرب والمسلمين بعد الزيارة.


أيضاً الملتقيات الحوارية التى ننظمها مثل ملتقى الحوار العربى اليابانى والالمانى وحرصنا على إلقاء محاضرات حول الإسلام وقيمه وأيضا قمنا بعمل كتيب مختصر لفهم الإسلام وترجمته إلى الإنجليزية ويتم توزيعه على الشباب عند حضورهم إلى مصر.. ولذلك أتصور أننا حققنا بعض النجاحات ولكن بالطبع حتى الآن لم نحقق كل ما نطمح إليه فجهودنا وحدها لا تكفى بل نحتاج لجهود من كل الدول العربية والاسلامية وجهات أخرى مثل وزارات الثقافة والأوقاف والتعليم. وهذا يأخذنى إلى مسألة مهمة جداً وقد عملنا عليها، فمن حرصنا على مبدأ قبول الآخر من خلال العملية التعليمية وتعزيز التعددية الثقافية ومن ابرز نجاحاتنا ان جاز التعبير قيامنا فى 2004 باستضافة مؤتمر حول صورة الإسلام فى الكتب المدرسية فى اوروبا

وكان أبرز ما توصل إليه هذا المؤتمر للاسف الشديد ان صورة الإسلام بالكتب سلبية جداً، وحرصنا على مشاركة أساتذة تاريخ ومفتشين سواء من العالم العربى أو أوروبا. وتم الإشارة من هؤلاء المتخصصين أن كتب التاريخ الأجنبية تقدم الثقافة الاسلامية والعربية بشكل سلبى للغاية، كما أكد أساتذة التاريخ فى أوروبا إن العرب أيضا كتب التاريخ لديهم ترى الحضارة الأوروبية بشكل سلبى جداً وتم التوافق بعد نهاية المؤتمر على أن يتم إعداد دليل استرشادى لمساعدة مؤلفى كتب التاريخ ليكون موضوعيا ومحايدا فى الجانبين فى أوروبا والعالم العربى والإسلامى وأعد هذا الكتيب 6 مؤلفين عربا وأوروبيين واستغرق منا مجهوداً كبيراً على مدار عامين وهو جهد مشترك بين جامعة الدول العربية واليونسكو ومؤسسة أنا ليند وأيضاً الأمم المتحدة والمعهد السويدى والايسسكو.


 ومتى سيتم تطبيق العمل بهذا الكتاب فعلياً وتغيير المناهج حتى تكون هناك نتيجة فعلية ؟


- اولاً قمنا بطبع هذا الكتيب باللغتين العربية والانجليزية. وربما ينظر إلى ترجمته إلى لغات اخرى، وتولت منظمة اليونسكو ومؤسسة انا ليند توزيعه على مختلف الدول الاوروبية وتزويد وزارات الثقافة والتعليم وقمنا نحن الجامعة العربية بتوزيعه على كل الدول العربية لتزويد وزارات التعليم والثقافة ايضا به ولكنه ليس ملزما. نحن فقط نساعد ولكن مسألة تغيير المناهج حساسة للغاية وتحتاج إلى قرارات سيادية، ولكننى لاحظت ان قرابة عامين تم ادخال كتاب قبول الاخر لمنهج الدين بالثانوية العامة بمصر. ولم يكن موجودا من قبل واتصور ان يكون تم هناك تغيير ببعض الدول العربية.


 هل هناك صدام بين الحضارات والثقافات من وجهة نظرك؟ وكيف ساعد التطرف والإرهاب فى ذلك ؟


- فى اعتقادى الشخصى ان المفكر الأمريكى صامويل هانجنتون حينما طرح نظرية صدام الحضارات وقال إن المرحلة القادمة ستشهد صداما بين الحضارات بشكل عام وعلى وجه التحديد بين الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الأوروبية الغربية كان يمهد لسياسة جديدة للولايات المتحدة فى هذه المرحلة، ليكون لها الهيمنة الكبرى على العالم وأن المنطقة العربية تشهد قدرا من الانقسام، وبالتالى يكون هناك تدهور أمنى فى العديد من الدول العربية، ولكن الجانب العربى انتبه وأدرك هذا التوجه وكان هناك دعم من المجموعة العربية لفكرة حوارالحضارات وليس الصدام

وبالرغم من ذلك نتيجة لتوجهات السياسة الخارجية الأمريكية، وقعت المنطقة العربية عقب ما يسمى بـ « الربيع العربي» للاسف الشديد فى تدهور شديد ونزاعات مسلحة فى العديد من البلدان مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق، فهذا هو غرض أمريكا وضع المنطقة العربية فى ظرف أمنى بالغ التعقيد، وذلك لضمان أمن اسرائيل، وذلك ليس مصادفة، فبعد إنهيار الاتحاد السوفيتى كان يجب خلق عدو جديد للغرب فوضعوا الاسلام كعدو.


ما هو دور وسائل الإعلام من وجهة نظرك لتصحيح سوء الفهم بين الحضارات والثقافات المختلفة ؟


- أتصور أن المؤتمر الذى قمنا بتنظيمه مؤخراً مع الأمم المتحدة واليونسكو وهيئة الاستعلامات حول دور وسائل الإعلام فى نقل ثقافة الآخر وقبول الآخر، كان حرصاً لوعينا بأن الإعلام يلعب دوراً محورياً فى تقديم ثقافة الآخر، وأن الرسالة الإعلامية يجب أن تتصف بالحياد والموضوعية، وللاسف الشديد فإن الإعلام معظمه موجه وليس حياديا. وهذا ما يذكى روح الكراهية وتحول الإعلام إلى وسيلة تحريضية ضد ثقافة الآخر وذلك يتنافى مع المعايير المهنية والدولية، فيجب الالتزام بالحيادية كما يجب أن يراعى التنوع الثقافى فى غرفة تحرير الأخبار حيث انه اذا تم التطرق إلى موضوع ذى طابع عرقى يتم النظر اليه بشكل موضوعى.


 لماذا لا تنظم الجامعة العربية فاعليات لمواجهة المروجين لصراع الحضارات وتعزيز الحوار بين الثقافات؟


- بالفعل نظمنا مؤتمرا فى 2001 عن صراع الحضارات وكان يضم نخبة من المفكرين العرب وكان مبادرة من عمرو موسى وكان الغرض منه نقل الرؤية العربية للعالم لرفض صدام الحضارات، وتلا هذا المؤتمر انشاء ادارة حوار الحضارات بالجامعة العربية، ونعمل من حينها على الحوار بشكل فعلى من خلال انشاء الملتقيات الحوارية الفكرية.


ماذا عن تمثيل المرأة فى المناصب القيادية بالجامعة، خاصة أنك أول امرأة تتقلدين هذا المنصب؟ وهل واجهتِ تحديات فى البداية ؟


- يوجد العديد من السيدات الدبلوماسيات بالجامعة العربية فى مناصب قيادية ولكن ليس بالشكل الكافى فالنسبة الأكبر للذكور، ونطمح أن يكون هناك تمثيل أكبر فى المناصب القيادية، وبدون شك واجهت تحديات كبيرة لأن المجتمعات العربية هى مجتمعات ذكورية بالأساس وبالتالى المرأة دائماً تواجه عقبات عندما تترأس أى إدارة وقد تعرقل فى بعض الأحيان أداءها، ولكن أنا مثابرة جداً وحريصة على نجاحى.