مخطط تفصيلي لإعادة المنطقة على خريطة السياحة العالمية

التطوير يمسح دموع سور «مجرى العيون»

سور «مجرى العيون»
سور «مجرى العيون»


بتلال القمامة.. والمباني المخالفة طمس الإهمال والعشوائية الهوية التاريخية لسور مجرى العيون لسنوات طويلة ومازالت تشوه حضارة مصر القديمة، ولكن سرعان ما تبدلت الصورة بعد أن بدأت الحكومة في محوها من خلال مشروع تطوير منطقة سور مجرى العيون، والذي يشمل ترميم الأجزاء المتهدمة وإحياء السواقي والإضاءة بالليزر وإقامة الحدائق والاستراحات والكباري المعلقة إلى جانب مرسى على النيل يربطه بالمناطق السياحية الأخرى وإنشاء فنادق سياحية بمنطقة المدابغ بعد إخلائها.... «أخبار اليوم» قامت بجولة في المنطقة لنقل صورة الإهمال التي سيطرت على المنطقة، بالإضافة إلى الكشف عن مخطط التطوير.

 

عندما تطأ قدمك في سور مجرى العيون الذي قام بإنشائه الناصر صلاح الدين الأيوبي، تشاهد تكدس القمامة جانبي السور، وغياب أعمال النظافة الدورية وعدم توافر صناديق للقمامة، بالإضافة إلى تراكم تلال من مخلفات البناء، كما طال الإهمال حديقة مجرى العيون الملاصقة لمستشفى سرطان الأطفال، بعد أن أغرقتها مياه الصرف، واتخذتها الكلاب الضالة مقرا لإقامتها، علاوة على أكوام «روث الحيوانات» والقمامة الملقاة بها.

 

خلف سور مجرى العيون حياة مختلفة تماما، مبان متلاصقة لا ترقى لتسميتها بالبيوت، بل ربما الأصح أن نقول إنها غرف متلاصقة مبنية فوق بعضها البعض بحوار ضيقة لا تتجاوز المتر فى عرضها وربما لا تسمح بمرور شخصين متجاورين، وربما لا يتصور البعض منا وجود هذه العشوائيات خلف هذا الأثر الهام.

 

العشش والأكشاك الصفيح والبنية الأساسية المنهارة، أضاعت الملامح المعمارية الأصيلة للسور نتيجة قيام الأهالي بهدم أجزاء من جدرانه لبناء منازل ومقاه وورش عمل ومحال تجارية وأكشاك بيع كلها ملاصقة للأثر التاريخي، كما رصدنا تعرض بعض الحوائط لأعمال التدمير نتيجة التخريب من المواطنين.

 

وخلال الجولة أيضا رصدنا وجود عدد من مدابغ الجلود ذات الإنبعاثات الكيميائية الضارة علاوة على انتشار الخيول والحمير وربطها بأجزاء من السور علاوةً على انتشار الكلاب الضالة.

 

إنقاذ السور

الحكومة لم تجد وسيلة لإنقاذ سور مجرى العيون إلا بتطويره، فقد قامت إدارة مشروع تطوير القاهرة التاريخية باعداد مخطط لتطوير السور والمنطقة المحيطة به، إلى منطقة ثقافية وسياحية وإنشاء المحلات والبازارات، إلى جانب المطاعم والمقاهي السياحية والمتاحف، وإنشاء سوق ترفيهي للزوار الأجانب والمصريين ومناطق خضراء.

 

ويقول د.محمد عبد العزيز مدير تطوير القاهرة التاريخية: المشروع يتضمن نقل المدابغ من المنطقة، مع ترك نموذج منها حيث إن فلسفة المشروع تقوم على تعريف الزائرين بمراحل صناعة الجلود التي ترتبط بتاريخ المنطقة، كما سيتم تحسين أداء شبكة الشوارع وتطوير شبكة المرافق وصيانتها لتتلاءم مع الكثافة السكانية، بالإضافة إلى تحسين البيئة العامة من الملوثات التي تسببها صناعات الدباغة والغراء بحيث يتم تأسيس تجمع عمراني بأنشطة غير ملوثة للبيئة وتنشيط نمط اقتصادي آخر يعمل على إيجاد مركز للأنشطة اليدوية والتجارية للمنتجات الجلدية.

 

كما يشمل تطوير المنطقة أيضا توطين بعض الأنشطة الحرفية الخفيفة والخدمية والتجارية والثقافية والترفيهية جنوب السور والتي تتلاءم مع طبيعة المنطقة، بحيث تعمل كمنطقة حماية للسور وتعزله عن المنطقة المتدهورة عمرانيا وذلك لحين انتهاء أعمال تطوير المنطقة بالكامل التي تقوم بها باقي الوزارات والهيئات المشاركة في المشروع، وهو ما سيوفر أيضا فرص عمل جديدة للسكان ويحسن الصورة البصرية للسور الذي لا يزال يحتفظ بطابعه رغم ما يشوبه من تشوهات وتداعيات.

 

فلسفة التنمية

وفيما يتعلق بفلسفة التنمية الشاملة للمنطقة على المدى البعيد والتي يشترط لها أولا إزالة منطقة «المدابغ ومصانع الغراء» فهي تعتمد على محاور عديدة أولها اعتبار المنطقة ضمن المسار السياحي الذي يبدأ من القلعة ثم منطقة سور مجرى العيون من تقاطعه مع شارع صلاح سالم وحتى كورنيش النيل ثم مقياس النيل ثم قصر محمد على بالمنيل، وإنشاء متحفين بمنطقة السور الأول يقع في المنطقة الترفيهية المزمع إقامتها مكان المدابغ وجنوب السور مباشرة ويعرض تطور صناعة الدباغة والجلود «ويعد بمثابة البوابة الشمالية للمحور الخدمي الترفيهي المقترح» والثاني في منطقة السواقي «في الجهة الغربية للسور» ويعرض أفكار الهندسة الهيدروليكية في زمن إنشاء السور.

 

محور خدمي ترفيهي

 

خلق محور خدمي ترفيهي عمودي على السور ومرتبط مع ما هو مقترح لمنطقة المدبح شمالا وحتى المنطقة الترفيهية جنوب صلاح سالم ليتكامل مع منطقة متحف الحضارة مع مراعاة خلق منطقة إسكان «مستوى اقتصادي مجاور للإسكان القائم يليه مستوى متوسط يليه مستوى فوق متوسط بحيث يطل هذا الأخير على المحور المقترح» يمين ويسار هذا المحور تعمل على تهيئة البيئة الملائمة لإنجاحه اقتصاديا، على أن ينتهي ذلك المحور الخدمي الترفيهي عند متحف الحضارة والذي يعد في هذه الحالة بمثابة البوابة الجنوبية للمحور المقترح، إلزام المناطق السكنية المقترحة بالبناء طبقا لنماذج محددة توزع مع الأراضي وذلك كضمان للحفاظ على التصور التخطيطي وعلى الطابع العمراني والبصري المقترح للمنطقة.

 

ويضم المخطط إقامة مباني خدمية ويتم تمويل المشروع عن طريق ضخ الاستثمار الخارجى وتوظيفه فى منظومة الارتقاء التنموي والاقتصادي بالمناطق الأثرية والتراثية بالقاهرة التاريخية.

 

ارتقاء عمراني

 

وأضاف عبد العزيز أن الفكرة التخطيطية ركزت على إيجاد محور ترفيهي موازى لمحور سور مجرى العيون، يعمل على حماية للسور واستغلال المنطقة المحيطة كمنطقة ترفيهية والذي يؤدى بدوره إلى الارتقاء العمراني بمنطقة الدراسة، وذلك من خلال إنشاء منطقة خضراء يتخللها مسار مشاة رئيسي يتجه من الشمال إلى الجنوب ويتخلله مجموعة من الانحناءات تخلق بدورها مجموعة من الفراغات بين مسار المشاة وكل من السور أو الطريق الآلي المقترح غرب المنطقة الخضراء وتستخدم هذه الفراغات كمناطق ترفيهية بها بعض الخدمات الداعمة للنشاط الترفيهي والسياحي.

 

وكذلك اعتمدت فكرة الحل على استغلال المنطقة المحيطة بمبنى السواقي والتي لها ميزة مكانيه نظرا لإطلالها على كورنيش النيل كمنطقة استقبال وأنشطة سياحية وترفيهية تعمل على إظهار المنظر العام لمبنى السواقي وتعيد تأهيل المنطقة.. كما سيتم إعادة وصل الموقع بشاطئ النيل من خلال حفر نفق بين الموقع والنهر، مع إدماج السور مع معروضات أخرى في متحف مفتوح بالمساحة المحددة بالسور شمالا والمنطقة السكنية جنوبا وخط مترو الإنفاق شرقا والكورنيش غربا.