صور| وسط مخاوف من الاندثار.. حكاية الحاج عبد الله مع صناعة الخوص بسيوة

الحاج عبد الله أشهر صانع لمنتجات خوص النخيل في سيوة
الحاج عبد الله أشهر صانع لمنتجات خوص النخيل في سيوة

في واحة سيوة الخلابة، يقطن الحاج عبد الله همام محمد، والذي يبلغ من العمر 66 عامًا، ورغم أنه بلغ من العمر عتيا، إلا أنه لا يزال يمارس مهنته التي شب عليها، حيث يعتبر من أشهر صناع منتجات الخوص، والجريد، في سيوة.

 

وعلى الرغم من التجاعيد التي في وجهه، ولحيته البيضاء التي تعبر عن حكمة السنين، إلا أن روح الشباب والأمل تشعر بها أثناء حديثه عن مهنته التي ورثها عن والده وجده.

 

الحياة الأسرية للحاج عبد الله

 

 لا تمل من حديثه الشيق، في مجالات العلوم المختلفة، وتاريخ الواحة الفريدة التي تقع في قلب الصحراء الغربية، ويقول الحاج عبدالله، إنه ولد عام 1952، في منطقة اغورمي بسيوة، و تزوج في سبعينيات القرن الماضي، وأنجب 9 أبناء؛ 4 ذكور، و5 من البنات.

 

وأضاف الحاج عبد الله همام، أنه التحق بمرحلة التعليم الابتدائي، في سن مبكرة، وفي وقت لم يكن في سيوة سوى مدرسة واحدة، وهى مدرسة آمون الابتدائية، لكن الظروف المادية حالت دون إكماله المرحلة الإعدادية.

 

ويتذكر "همام" معالم الزمن الجميل قائلا: "الإنارة بالكهرباء لم تدخل واحة سيوة إلا في عام 1957، أما قبل ذلك فكانت الإضاءة  من خلال مصابيح فتيل الزيت، و"لمبات الجاز".

 

بداية تعلم  الحاج عبد الله الحرفة

 

وعن الحرفة التي اكتسبها، يقول الحاج عبد الله أنه تعلم حرفة صناعة منتجات الجريد والخوص من والديه وجده، مضيفًا:

"كان كل الناس قديمًا يمارسون هذه الحرفة سواء كمهنة لاكتساب لقمة العيش أو للاكتفاء الذاتي، فكنت أستيقظ مبكرًا، ثم أذهب إلى مناطق بعيدة، يتوفر بها جريد النخيل، ثم أقسم كل جريدة لنصفين، وأتركها حتى تجف، ثم أصنع أنواع متعددة من السلال، ومنها؛ القفة التي تسمى باللهجة السيوية "تعدلت"، والمرجونة التي تسمى "الصاع"، بالإضافة إلى  صناعة الحصائر التي تفرش بالمنازل، ولها أنواع ومسميات مختلفة، منها، حصيرة العروس "البرش"، وأطباق الخوص، والحبال التي تصنع من ليف النخيل، وكانت السيدات تصنعن منتجات من الفخار التي يحتاجها البيت السيوي مثل القلل، وأواني حفظ زيت الزيتون".

وعن الأدوات المستخدمة في مهنته، أوضح الحاج عبد الله، أن هناك آله تسمى باللغة السيوية "تشتت"، وهى خشبية وتصنع من شجر الزيتون، ويتم تقطيع جريد النخيل والزعف منها، وكذلك الإبرة التي يتم بها تشبيك الجريد بجانب بعضه، ويكون سمكها كبيرًا.

 

الخوف من اندثار المهنة

 

وفيما يتعلق بطموحاته، قال الحاج عبد الله، إنه يتمنى أن تظل حرفة تصنيع الخوص والجريد كما هي دون اندثار خاصة مع دخول الوسائل الحديثة، في التعبئة والتغليف والمصنعة أوتوماتيكيا من الكارتون، والبلاستيك، وخاصة أن من يعملون بصناعة الخوص بسيوة، أصبحوا لايتجاوزن أصابع اليد  الواحدة، مشيرًا إلى أنه كان يتمنى تعليم أحد أبناءه تلك المهنة.

 

وتحدث الحاج عبد الله إلينا بصوت خافت قائلا: " أخشى من انقراض هذه الحرفة التراثية، لعدم توافر الخامات بالمستوى السابق، لأن معظم الأراضي التي كان بها جريد تم استصلاحها، أو أصبحت في حيازة أشخاص بعد تمليكهم تلك الأراضي".

 

 ورغم مخاوف عبد الله همام محمد، من اندثار حرفته، إلا أنه يؤكد أنه ما زال هناك إقبال كبير على منتجاته في محله الصغير بمنطقة معبد آمون  وسط واحة سيوة.

 

مهرجان التمور مكان لتقدير الحاج عبد الله 

 

و شارك الحاج عبدالله بأعماله من منتجات الجريد والخوص، في مهرجان التمور الذي أقيم في سيوة أواخر شهر أكتوبر الماضي، ونالت منتجاته إقبالا كبيرًا من ضيوف المهرجان.