بعد الاتفاق الجديد لوقف النار بسوريا.. مصر تسعى لتخفيف «الحرب العماس»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 

في تحرك جديد للقيادة المصرية، يعكس مدى حرصها على قضايا المنطقة، وأنها لا تقف في صفوف المتفرجين، استطاعت اليوم وللمرة الثانية وخلال أسبوعين أن تقتنص توقيع جديد من فصائل المعارضة السورية المسلحة في شمال وشرق سوريا، لوقف إطلاق النار وبضمانة من روسيا وبوساطة من جانب رئيس تيار الغد السوري أحمد الجربا.

 

بنود الاتفاق

وشمل الاتفاق المشاركة في جهود مكافحة الإرهاب والعمل على الوصول إلى تسوية سياسية للأزمة السورية وعود اللاجئين والنازحين لمناطقهم والإفراج عن المعتقلين.

 

وكانت مصر استطاعت منذ أسبوعين في اقتناع عدد من فصائل المعارضة المسلحة في الساحل السوري بالتوقيع على اتفاقيات مماثلة في القاهرة، وذلك في إطار الدور الذي تلعبه مصر لحقن دماء الشعب السوري وإنهاء حالة عدم الاستقرار بالدولة السورية، وبما يسهم في التوصل لتسوية سياسية، شاملة للأزمة خلال المرحلة القادمة، لاسيما مع سابق توقيع العديد من اتفاقيات الهدنة خلال العام الماضي برعاية القاهرة.

 

فصائل المعارضة السورية، أكدت – بدورها - أن مصر هي قلعة العروبة والمخولة بإنهاء الأزمة في سوريا خاصة مع عدم تورطها في النزاع المسلح بها وعدم انحيازها لأي طرف من أطراف الصراع، موجهة شكرها العميق للرئيس عبد الفتاح السيسي للجهود التي يبذلها لحل الأزمة السورية ورفع المعاناة عن أبناء الشعب السوري.

 

أبناء العمومة

أيمن الأسود عضو الأمانة العامة في تيار الغد السوري، قال في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من العاصمة الفرنسية باريس، إن مصر الشقيقة الكبرى لسوريا والدليل أنها لم تقم مخيمات لأكثر من 100 ألف سوري يقطنوها، لافتا إلى أنهم يعيشون بين أخوتهم المصريين ويتحركون ويتنقلون ويعملون بمنتهى الحرية، حتى أن أسواق كاملة باتت باسم السوريين في شوارع القاهرة وغيرها، ولم نسمع مصريا واحدا يقول أفقدونا فرص العمل كما يحدث في دول الجوار، مضيفا أن هذا هو الشعب المصري الحضاري وهؤلاء هم أبناء العمومة.

 

أما بالنسبة للدور السياسي المصري، أوضح الأسود، أنها محكومة بالواقعية السياسية وكانت أمال السوريين أفضل مما حصل بكثير، ولكن نظام متوحشا شن حربا على البشر والشجر والحجر بسوريا، وأصبح وقف النار شرطا لازما للحل السياسي، أما كفاية الشرط فتحتاج إلى جهود أممية كبيرة، هذا ما قامت به مصر ومستمرة في ذلك، فمن قبل وبرعاية مصرية وضمانات روسية تم وقف النار في ريف حمص الشمال وقبل عدة أيام وقف الاقتتال في شمال سوريا وشرقها، ونتمنى أن تشمل هذه الاتفاقات كافة الأنحاء السورية فلا حل سياسي دون وقف المعارك.

 

فعالية الدور المصري

سلمان شبيب رئيس حزب سوريا أولا، قال في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من العاصمة دمشق، إن هذا الاتفاق الجديد يؤكد ما توقعوه من زيادة في فعالية الدور المصري نتيجة العلاقة الجيدة والمتوازنة لمصر مع الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية الفاعلة في الأزمة السورية، لافتا إلى أن الاتفاقيات المتوالية التي يتم انجازها في القاهرة تشكل رافعة ثابتة للحل السياسي وتمهد بقوة له.

 

وأكد شبيب، أن هذا الجهد الكبير من الشقيقة مصر مشكور ومرحب به، ويأتي ضمن الرؤية التي أكدتها القيادة المصرية حول حرصها على وحدة سوريا وسيادتها، وحول ضرورة الوصول إلى حل سياسي يحافظ على هذه الوحدة ويلبي الطموحات المشروعة للشعب السوري، مشيرا إلى أنه يجب التنويه إلى أن القوى السياسية السورية وخاصة في الداخل ومنها حزبنا حزب سوريا أولاً تنظر بإيجابية لهذا الدور، وتأمل أن تلعب مصر دورا أكبر في الجهود للوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري وينسجم مع مصالحه العليا.

 

ولفت شبيب، إلى أن أهمية هذا الاتفاق تأتي من أن هذه المناطق التي شملها تضم تقريبا كل ما بقي من تواجد مسلح خارج سيطرة الدولة السورية بعد الانجازات الكبيرة التي حققها الجيش السوري في المنطقة الجنوبية وينتظر أن تستكمل خلال الأيام القليلة القادمة.

 

مصر مركز ثقل

بدوره اتفق د. محسن حزام المحلل السياسي السوري، من خلال تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم»، مع شبيب، وأكد أنه متوافق جدا مع الدور المصري وأهميته باستعادة هذا الدور مركزيا في المنطقة العربية على الأقل في الحالات المتوترة مثل دول الصراع خاصة سوريا، موضحا أن استعادة هذا الدور يثقل السياسة المصرية التي لم تتدخل في الشئون الداخلية بأي أزمة من أزمات المنطقة، مع سعيها مؤخرا بأن يكون لها دور إيجابي في تخفيف التوترات وحالة الاحتراب الموجودة وإعادة المناخ الإيجابي خاصة في سوريا.

 

وأضاف حزام، أن الاتفاق له أهمية كبيرة والاستمرار فيه يثقل دور مصر قوميا وضمن دائرة الأمن القومي العربي أيضا، وتأثيراته على سوريا مرتبط بالضامنين لأن مسألة الضامن مطاطة جدا خاصة في المسألة السورية تحديدا، في ظل أن روسيا تتحرك وفق مصالحها، لذلك موضوع الضمانة مرهون بكثير من الإشكاليات التي قد تؤثر على المناخ السياسي لأنه مرتهن بالإرادة الروسية، لافتا إلى أن سوريا حاليا دون سيادة في ظل الأطراف المتداخلة بالأزمة على الأرض خاصة روسيا.

 

وأكد حزام، أن مصر بالنسبة لهم مركز ثقل مهم وتدخله يفيد الحالة السورية في كل الأحوال واستمراره يعزز الوصول إلى حل سياسي داخل سوريا، خاصة أنها دولة عربية مركزية مؤثرة يمكن أن تلعب دورا في هذا المجال.