الإدارية العليا: مصر لها الولاية الكاملة في تقرير سياستها الشاملة في سيناء

مجلس الدولة
مجلس الدولة

أصدرت المحكمة الإدارية العليا، حكما تاريخياً، أكدت فيه على ولاية الدولة المصرية كاملة في تقرير سياستها التنموية في سيناء، وعلى حلم الشعب المصري في وضع الخطط اللازمة لتعود سيناء إلى الحضن التنموي المصري بخطط ومعايير منهجية.

 

كما أكدت على حرية الدولة في تغيير سياساتها التنموية المتعلقة بأمر تملك الأفراد والجهات الخاصة للأراضي الواقعة في شبه جزيرة سيناء، من خلال قرار صدر من رئيس مجلس الوزراء، حيث أبقت الدولة بمقتضى هذا القرار على حق الانتفاع فحسب، وحظرت تمليك تلك الأراضي.

 

صدر الحكم برئاسة المستشار يحيى خضري نوبي، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين أحمد منصور، وناصر رضا عبد القادر، ود. محمد عبد الوهاب خفاجي، وعبد العزيز السيد، نواب رئيس مجلس الدولة.

 

وأكدت المحكمة ولاية الدولة المصرية كاملة فى تقرير سياستها التنموية فى سيناء، وعلى حلم الشعب المصرى فى وضع الخطط اللازمة لتعود سيناء إلى الحضن التنموى المصرى بخطط ومعايير منهجية جزءا غاليا عزيزاً يضيف إلى طاقة التنمية وتفتح افاقا ارحب من خلال جهد بناء يدعم الاقتصاد الشامل  لبناء مصر المستقبل وأن شمس التنمية تشرق عليها.

 

 وأضافت أن خطط الدولة فى تملك الأراضي الصحراوية وفقاً لخططها السياسية والتنموية لتتمشى مع الظروف الاقتصادية التي تهب على البلاد وتعيد إليها 930 فدانا، وعلى حرية الدولة في تغيير سياساتها التنموية المتعلقة بأمر تملك الأفراد والجهات الخاصة للأراضي الواقعة في شبه جزيرة سيناء من خلال قرار صدر من رئيس مجلس الوزراء حيث أبقت الدولة مقتضى هذا القرار على حق الانتفاع فحسب وحظرت تمليك تلك الأراضي.

 

وقضت المحكمة برفض إلغاء قرار الحكومة السلبي بالامتناع عن تقنين وضع يد شركة القنال إنترناشيونال للاستصلاح الأراضي على  مسطح 930 فدانا بمنطقة شرق البحيرات بمحافظة الإسماعيلية لإقامة مشروع لتنمية الثروة الحيوانية والداجنة وهي أرض متاخمة لأرض مخصصة لذات الشركة مساحتها 1250 فدانا، وألزمت الشركة المصروفات. 

 

قالت المحكمة «إن النهوض بالثروة الزراعية والثروة الحيوانية وتوفير خدماتها والارتقاء بمستواها بات يمثل ركناً أساسياً من اهتمامات الدولة ومحوراً جوهرياً لها، وقد أدرك المشرع أهمية تحقيق هذا الهدف حتى في مجال الأراضي الصحراوية خارج نطاق مرامي الوادي ومن ثم حرص على إصدار القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية».

 

ونوهت «أن القانون توخى الغاية متلمساً في عباراته الوصول بالأراضي العجفاء وأجوائها الرمضاء إلى مروج خضراء وحقولاً غلباء تسعف رمقها فتتبدل أحوال الخارطة الزراعية للبلاد فتزخرف أراضيها بمساحات خضراء تطغى على سائر ربوعها فتستحيل ناضرة كمنهل لا ينضب لذلك سطرت نصوصه ونُشدت أحكامه محتسبة أهمية استغلال الأراضي الصحراوية واستصلاحها في الزراعة أو الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بها من قبل الأفراد والجهات الخاصة كوسيلة يُتطلع إليها للوصول بالتنمية الزراعية واستثماراتها وما قد يرتبط بها من تنمية للثروة الحيوانية والداجنة إلى آفاق النماء والحداثة».

 

وأضافت المحكمة «أنه على الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بحكم كونها أمينة على الأراضي الصحراوية أن تكون شغوفة بالمصلحة العامة حال إبرام عقود تملك الأرض للأفراد يكون مُوقدها دوماً أهداف اجتماعية تعززها خطط سياسية تنموية رسمت الدولة ملامحها وحددت سماتها إعمالا لوجه السياسة الاقتصادية والتنموية للدولة، وإذا كانت مآرب الأفراد نحو تملك أراضي الدولة لا تتغير بتغير الزمان والمكان وتدور حول بواعث شخصية فإن القبول الذي يصدر من الهيئة قد يتغير وتتبدل أحواله بتبدل أحوال وظروف مناحي التيارات الاقتصادية والتنموية التي تهب على البلاد».

 

وأوضحت أنه قد يصدر قبول لطائفة من الأفراد بتملكهم مساحات من أراضي الهيئة في ظل سياسات وموجبات تبرره ثم ينقلب الأمر على خلاف ذلك لطائفة أخرى في حقبة زمنية مختلفة ويصير أمر التملك متعارضاً مع سياسات تنموية مستحدثة حلت محل سابقتها ومن ثم توصد الهيئة هذا الباب ويُرفض طلبهم، بلا غضاضة في ذلك بحسبان إن اعتبارات المصلحة العامة لصيقة بمسألة تنفيذ سياسات الدولة الاقتصادية والتنموية وهذه السياسات بطبيعتها خاضعة لمنطق التغيير الدائم الذي لطالما لا يثبت على حال لكونه يوائم احتياجات الدولة ومتطلباتها التي هي أيضاً بطبيعتها متغيرة. 

 

وأشارت المحكمة إلى أنه لا يسوغ إلقاء اللائمة على الدولة في هذا المسلك ولا تثريب عليها إن هي لم تقبل "إيجاب" صادر من صاحب الشأن بموجب طلب مقدم منه لكونها عدلت مسار سياساتها في تملك الأراضي التي في جعبتها كانعكاس لتغير سياسة الدولة في هذا المضمار فلا يتحدى في هذا الشأن بسابقة موافقتها لطائفة من الأفراد بالتملك في ذات النطاق الجغرافي المرفوض لطائفة أخرى لكون هذا الأمر يجد مردوده في تغير سياسات الدولة التنموية والتي تعتبر قرارات الهيئة كيان لا ينفرط عنها، وترتيباً على ذلك فإن رفض الدولة الطلب المقدم من أصحاب الشأن لا يستنبط منه بالضرورة إنه إسقاط منها للمشروعية ولا يفسر إنه ضرب من ضروب التعسف في استعمال السلطة أو صورة من صور الانحراف بها.

 

وأكدت أنه لا يعني ذاك البتة إنه تحدي منها لقاعدة المساواة في الحقوق بين الأفراد المنتفعين من خدماتها إنما يجد مدلوله في إن الموجبات التنموية المحركة لقراراتها قد أصابها التغير ونال منها التبديل وكانت على نحو لا تجد معه الهيئة ملاذاً سوى الانصياع إليها وتعقب مواطنها ومن ثم رفض طلب التملك، مادامت الهيئة قد اعتصمت بسياسات الدولة ومن منهجها اختارته طريقاً ومن موجباتها التنموية اتخذته سبيلاً وكان باعثها في ذلك الأخذ بأسباب المحافظة على دعائم المصلحة العامة وتعزيز أركانها فلا غبار على تصرفها برفض الطلب المقدم إليها في هذا الخصوص ويكون موقفها صائباً لا جناح عليها فيه.

 

وشددت المحكمة على أنه فى مجال تملك الأراضى الصحراوية  لا يعول على الطلب المقدم من الأفراد أو الجهات الخاصة الذي لم يصادف قبول للتلويح بمركز قانوني أو حق مكتسب لهم على الأرض موضوع طلبهم بحسبان إن هذا المركز المزعوم لم يولد أصلاً مادام لم يتلاقى مع قبول صريح وليس ضمنيا  يتحد معه تحت مظلة موجبات قانونية تظلله، وبالتالي فإن الاعتصام بوجود حق أو مركز قانوني لأصحاب الطلب هو ادعاء باهت بهتاناً بيناً لا يقام له وزناً حتى وإن تواكب مع الطلب إجراءات اُتخذت ومعاينات أُجريت من قبل الهيئة باعتبار إن جملة ما قد يحيط بالطلب من إجراءات وما يحظى به من معاينات لا يستوي بديلاً عن قبول معتبر صادر بإرادة صريحة من السلطة المختصة بالهيئة.

 

وتابعت «إن القول بخلاف ذلك يفتح الباب على مصراعيه للعبث بأراضي الدولة فيعرضها لأهواء تجافي الغايات المرصودة لها تذكيها مآرب غير سوية تأباها المصلحة العامة ومن ثم هدم للبواعث السالف بيانها والتي حرص المشرع على توخيها وذلك لمجرد تقديم طلب لتملك الأرض، والأمر برمته ينصب في نهاية المطاف في تقدير القاضي الإداري الذي عليه أن يوازن بين هذه الأمور مجتمعة في ضوء الأوراق والمستندات التي تحت نظره وحصيلة ملابسات وظروف الموضوع الذي هو بصدده في كل حالة على حدها».    

 

وانتهت المحكمة إن الشركة الطاعنة بعد أن تقدمت بطلبها لتملك مساحة من الأرض تبلغ 935 فدان بمنطقة القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية فقد غيرت الدولة سياساتها التنموية المتعلقة بأمر تملك الأفراد والجهات الخاصة للأراضي الواقعة في شبه جزيرة سيناء من خلال قرار صدر من رئيس مجلس الوزراء برقم 350 لسنة 2007 بتاريخ 17/2/2007 حيث أبقت الدولة بمقتضى هذا القرار على حق الانتفاع فحسب وحظرت تمليك تلك الأراضي.

 

وقالت «إن هذا التغيير كان بالأداة القانونية الصحيحة المنوط بها هذه المسألة، ولما كانت الأرض المنشودة بطلب الشركة تدخل ضمن نطاق هذه الأراضي المحظور تملكها وتخضع لموجباتها فقد رفضت الهيئة الطلب ضمنياً من خلال قيامها بحفظه، ومن ثم فإن الهيئة بذلك قد اعتصمت بحبل المشروعية وأعملت مقتضى سياسات الدولة التنموية واتخذتها طريقاً واجب السير على خطاه والاقتران بها بلا عتاب عليها في ذلك، وعليه فأن "الإيجاب" المقدم من الشركة بموجب هذا الطلب برز منفرداَ لم يصادفه "قبول" من جانب الهيئة يعاضده فكان عقيم الأثار القانونية». 

 

واختتمت المحكمة إن موقف الدولة بالإعراض عن طلب الشركة موقفاً وفاقاً جاء في كنف أسباب تبرره من الواقع والقانون وباتت سائر المثالب والمطاعن التي ألقتها الشركة على بساط النزاع الراهن وتحدت بها موقف الدولة هشيماً منثورا تذروها الرياح ومن ثم أخذت الأسباب التي ارتكزت عليها الدولة في رفض طلب الشركة طريقها في الانسياب بكثافة في سياق دافق لتعلن في إفصاح جهير عن مشروعيتها وأمست بذلك أمراً مقضياً فحبطت دعوى الشركة وكان الرفض مثواها.