تغيرات جذرية تاريخية في منطقة «القرن الأفريقي»

منطقة القرن الأفريقي
منطقة القرن الأفريقي

أعوام تراكمت لعقودٍ حملت أيامًا وليالي من الحروب تارةً والقطيعة في تارةٍ أخرى بين شعوب منطقة القرن الأفريقي، طوتها تلك الشعوب الآن والتي باتت تعيش منعطفًا تاريخيًا، يضع للحروب أوزارها، ويحل السلام محلها.

البداية من حيث انتهى الوضع هناك، فقد بدأ الرئيس الصومالي محمد عبد الله فرماجو زيارةً نادرةً إلى إريتريا يوم السبت 28 يوليو، في إشارةِ إلى سعي أسمرة لاستغلال فرصة التقارب مع إثيوبيا لتحسين علاقاتها مع دول المنطقة.

إريتريا أرادت أن تضع حدًا لسنواتٍ من التوتر بينها وبين الصومال، كانت ترى في إثيوبيا، البلد التي كانت قبل عام 1993 جزءًا من أراضيها، سببًا في إشعال هذا التوتر.

واتهمت حكومات صومالية سابقة تعاقبت على سدة الحكم في مقديشو، أسمرة بإمداد الإسلاميين المتشددين، وعلى رأسهم حركة الشباب الصومالية المصنفة على إنها تنظيمٌ إرهابيٌ، بالأسلحة التي يستخدمونها في أعمال القتال ضد قوات الحكومة الصومالية.

في حين كانت إريتريا تواجه تلك الاتهامات، بالحديث عن أنها محض تلفيقٍ وافتراءٍ من أديس أبابا، التي كانت دائمًا إما في حالة قطيعة أو حرب مع أسمرة.

وانسحبت من قبل إريتريا من الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا "إيجاد" عام 2007 احتجاجًا على توغل قوات إثيوبية في أراضٍ صوماليةٍ لقتال المتشددين هناك.

علاقة عداء

العلاقة بين إريتريا وإثيوبيا، إحدى بلدان منطقة القرن الأفريقي، كانت على مدار أكثر من نصف قرنٍ علاقة عداء، بدأت بين الحكومة الإثيوبية والانفصاليين في إريتريا بدايةً من عام 1961، ولمدة ثلاثين عامًا، قبل أن يضع الجانبان أسلحتهما عام 1991، ولتنفصل إريتريا بعدها بعامين عن إثيوبيا بصورةٍ رسميةٍ، ليشهد عام 1993 ميلاد دولةٍ جديدةٍ في منطقة القرن الأفريقي.

لكن الأمر لم يكن النهاية بالنسبة للجانبين، فقد نشبت حرب مجددة على الحدود بين إريتريا وإثيوبيا فيما بين عامي 1998 و2000 أدت إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى.

تلك الحرب أُطفأت شرارتها في ديسمبر عام 2000، على وقع اتفاقية، تم توقيعها في الجزائر، تقضي بإعادة ترسيم الحدود بين البلدين، وقد أفضى الاتفاق الذي حظي برعاية الأمم المتحدة على أن تُسلم إثيوبيا بلدة بادم المتنازع عليها بين أديس أبابا وأسمرة إلى إريتريا بحلول عام 2015، إضافةً إلى مناطق حدودية أخرى مجاورة.

ولكن مع حلول عام 2015، امتنعت أديس أبابا عن تسليم بلدة بادم إلى إريتريا، ورفضت سحب قواتها من البلدة، لتحنث بالاتفاق الموقع قبل خمسة عشر عامًا.

وضع مغاير

الوضع بين الجانبين ظل على ما هو عليه، ليبرز العداء بينهما للواجهة مرة أخرى، إلى أن حلّ أبي أحمد في رئاسة الحكومة الإثيوبية، والذي أبدى استعداده لتسليم بلدة بادم ومناطق أخرى.

وعقد آبي أحمد اتفاقًا مطلع يونيو الماضي مع إريتريا يعلن فيه موافقته على تسليم المناطق الحدودية المتنازع عليها بما في ذلك بلدة بادم، إعمالًا باتفاقية الجزائر المبرمة بين البلدين، لينتهي النزاع الجاثم في منطقة القرن الأفريقي منذ عقودٍ، في انتظار أن يجد الاتفاق الجديد التنفيذ الفعلي على أرض الواقع.

وتجدر الإشارة إلى أن إريتريا قد أعادت فتح سفارتها لدى أديس أبابا منتصف الشهر الجاري، وقد أشّر الرئيس الإريتري إسياس أفورقي، ومعه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على مراسم إعادة الافتتاح السفارة من جديد.