حكايات| «الأرابيسك» على أبواب الضياع.. وداعًا ديكورات «الأسطوات»

«الأرابيسك» على أبواب الضياع.. وداعًا ديكورات «الأسطوات»
«الأرابيسك» على أبواب الضياع.. وداعًا ديكورات «الأسطوات»

بـ«الأرابيسك» فرض المصريون عضلاتهم الفنية، منذ فترة زمنية طويلة على الجميع، حتى أن السوريين، الذين نقلوه للأتراك، لم يصلوا لمكانة أبناء المحروسة فيه، إذ أنه فن لم يتقنه الكثير على مدار العقود.

 

إلا أن الجديد أن صناعة الأرابيسك أصبحت مهددة بالانقراض خاصة في قرية العجميين التابعة لمركز أبشواي بالفيوم والتي تواجد فيها مئات الورش لصناعة فن الأرابيسك وبيع القطع الخاصة به لورش الموبيليا بدمياط، وبدأ هذا الفن في الانقراض شيئًا فشيئًا حتى وصل عدد الورش التي تعمل في صناعته بالقرية إلى 5 فقط، ولعل أبرز الأسباب هو ضعف الإقبال وقلة الربحية وفق تأكيدات العاملين بالمهنة.

 

5 أسر فقط

 

يقول محروس سيد محمد (46 سنة) إنه كان في القرية مئات الورش العاملة في صناعة «الأرابيسك»، ولم تقاوم سوى 5 أسر فقط ولم يتبق في القرية التي كان فيها ما يقرب من 5 آلاف «صنايعي»، سوى نحو 25 «صنايعي» فقط يعملون في الـ 5 ورش المتبقية بنظام الأجر اليومي وبالإنتاج.

 

اقرأ حكاية أخرى| مدرسة «الأرتيست» للفتيات.. ضبط إيقاع الطبلة بالأيادي الناعمة

 

وأشار محروس إلى أن مصنعية متر «الأرابيسك» 40 جنيهًا في اليوم،  وأحسن «صنايعي» لا يتمكن سوى من صناعة متر ونصف في اليوم، بالإضافة إلى أن المهنة شاقة وتحتاج إلى إتقان ووقوف بالساعات على المخرطة لإنتاج العمل المطلوب ويقول : «لو حدث لأحد فينا مكروه لا يجد قوت يومه لأننا غير مؤمن علينا ولا لنا معاشات». 

 

من الكنايس للقلل

 

محروس تحدث أيضًا عن أن سعر كيلو الخشب يبدأ من 150 قرشًا حتى 4 جنيهات حسب الخامة، ويتم من خلالها صناعة كل أشكال الأرابيسك المعروفة «الكنايس- الكور- الصليبة- البطيخة- القلل»، ويقوم بشراء الإنتاج بعض الورش التي تصنع الموبيليا بدمياط ويتحكمون فى هذه الصناعة.

 

اقرأ حكاية أخرى| بندق.. لبيسة فنانين تعمل «أسطى إكصدام»

 

ولعل أهم أسباب إغلاق الورش في القرية عدم جدوى الصناعة في الوقت الحالي، وضعف الإقبال على شراء الأرابيسك الذي كان يتهافت عليه صناع الموبيليا وكان يتم تصديره في الخارج للدول التي تعشق التراث المصري الأصيل، بحسب محروس.

 

في طريق الانقراض

 

ويضيف: لدي من الأولاد 5 جميعهم في مراحل التعليم المختلفة ولو أصابني مكروه في يوم من الأيام لن استطيع الإنفاق عليهم، ولكنني بكل أسف لا أعرف عملا غير صناعة «الأرابيسك» منذ صغري.

 

اقرأ حكاية أخرى| «الكوالينجي» موسيقار المفاتيح.. الحارس المجهول للخزن وأبواب البيوت


ويوضح أنه على الرغم من أن المهنة في طريقها للانقراض إلا أنه لا يعرف ماذا يعمل، فهناك المئات من الصناع ممن تركوا المهنة وتوجهوا لأعمال أخرى، فمنهم من قام بالعمل سائق توك توك ومنهم من يعمل بمصر في حراسة العمارات ومنهم من يعمل في الأرض الزراعية باليومية التي تزيد على 60 جنيهًا، مطالبًا بضرورة النظر في مهنة صناعة «الأرابيسك» باعتبارها من التراث المصري الأصيل.

 

سر العودة «المُنتظر»

 

ويؤكد أحمد عبد العزيز «أحد صناع الأرابيسك»  أنه فن لا يتقنه الكثير وكان له شعبيته الكبيرة ويضيف: «نتعامل بهذه المهنة مع ورش بعينها تعشق فن صناعة الموبيليا خاصة في محافظة دمياط»، لافتا إلى أن ارتفاع الأسعار وظهور آلات حديثة تعمل على صناعة أشكال جديدة جعل مهنة صناعة الأرابيسك على المحك على الرغم من أنها فن يحتاج إلى مبدعين للعمل فيه.

 

اقرأ حكاية أخرى| إيمان مرعي.. قصة مروضة «الكائنات الدقيقة» مع تحلية المياه

 

ونبه إلى أنه يجب على المسئولين الاهتمام بهذه الصناعة قبل أن تنقرض باعتبارها من الفنون التي تتميز بها الفيوم ومن غير المعقول أن تنقرض دون أن تجد من يساندها خاصة أنها تحتاج إلى بعض التطوير حتى تعود كما كانت ولكننا نفتقد إلى آليات التسويق وإن تم توفيرها فإنني أؤكد لك أن معظم من تركوها سيعودون للعمل فيها مرة أخرى .