الشاعر جرجس شكري: الثورة أسهمت في ازدهار الحركة المسرحية

الشاعر جرجس شكري
الشاعر جرجس شكري

أكد الشاعر والناقد المسرحي الكبير جرجس شكري، أنه أثناء الثورات وبعدها تقف الأمم عند مفترق الطرق، فمناخ الثورة يهيئ الظروف الملائمة للتفكير في حاضر الفن ومستقبله، وتاريخياً حدث هذا بعد يوليو 1952، وخاصة في فن المسرح الذي كان  يعيش ازدهارًا ملموسًا رغم تأثره بالأزمة الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، وأيضًا تأثير السينما الذي كانت سببًا في القضاء على بعض الفرق الخاصة باستثناء فرقة نجيب الريحاني، وإلى حد ما فرقة على الكسار.

 

ويذكر أن المسرح الجاد قد أفلس تمامًا قبل عام 1952، ورغم هذا كانت العقود الثلاثة التي سبقت تلك الفترة، هي من أزهى فترات ازدهار المسرح المصري، وساعد هذا دون شك في إضاءة الطريق بعد يوليو 52، حيث كان الطريق ممهدًا لبناء نهضة مسرحية.  

 

ويتابع جرجس، أن ثورة يوليو طرحت أسئلة على ضمائر المسرحيين ما زالت تتردد حتى يومنا هذا، أولها: هل المسرح الذي يتم تقديمه مسرح شعبي أم مسرح للمثقفين؟ وسؤال آخر حول هوية المسرح المصري وهل هو وثيق الصلة بتراث الوطن أم هو مستورد؟ وأحدثت هذه الأسئلة حراكًا كبيرًا، حيث أجاب يوسف إدريس من خلال مسرحية "الفرافير" التي وضعها في قالب كوميديا السيرك، ووضع توفيق الحكيم كتاب "قالبنا المسرحي" حول استخدام طريقة المسرح الشعبي، وأنتج هذا الحراك عددًا كبيرًا من النصوص المسرحية ذات الطابع المصري.

 

 وبعد يوليو 52 ظهر عدد كبير من الكتاب المسرحيين آمنوا بالثورة والثقافة الثورية، فالناتج المسرحي في يوليو 52 بدأ يثمر على استحياء بعد ثلاث سنوات من التفكير والتأمل والدراسة، حيث بدأت النصوص التي عبرت عن المرحلة الجديدة وطرحت أسئلتها مثل مسرحية "المغماطيس" لنعمان عاشور التي قدمت على مسرح الأوبرا في أكتوبر 1955 وتلتها مسرحية "الناس اللي تحت" لنفس الكاتب، ثم أعمال يوسف إدريس "ملك القطن وجمهورية فرحات" موسم 1956، 1957، و"سقوط فرعون" لألفريد فرج، في الموسم التالي، وتوالت أعمال لطفي الخولي وميخائيل رومان وغيرهما.

 

ويوضح جرجس، أنه لا يمكن في كل الأحوال دراسة النهضة المسرحية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي بمعزل عن أسباب ازدهار المسرح المصري في النصف الأول من القرن العشرين على يد رواده الكبار، الذين أسسوا هذه النهضة، لكن التراجع الذي حدث  للمسرح في سبعينيات القرن الماضي طرح أيضًا العديد من التساؤلات حول هذه النهضة، فهل هذا الازدهار لم يكن سوى ما تبقى من وهج العقود السابقة للرواد، وما إن نفدت هذه الطاقة إلا وبدأ الانطفاء والذبول منذ بداية السبعينيات؟ هل كان التراجع المفاجئ نتيجة لإحكام المؤسسة الثقافية الرسمية قبضتها على المسرح، لينتقل المسرح من إعادة صياغة أسئلة الواقع على أيدي الرواد ويصبح مرشدًا سياسيا في خدمة أهداف الحكومة ومذاهبها السياسية وأهدافها، بدلًا من أن يتفهم دوره الاجتماعي فراح يفقد دوره ومعناه في العقود الثلاثة التالية لثورة يوليو؟ وهي أسئلة تحتاج إلى مزيد من البحث!