إيهاب الحضري يكتب: شهادة وفاة اتحادات الكُتّاب!!

إيهاب الحضري
إيهاب الحضري

عادة ما نختلف، لكننا غالبا ما نتفق علي إعادة صياغة الخيبة، وفي أحيان كثيرة تحمل الأزمات السمات نفسها بتطابق يثير الدهشة، حتى انه يمكننا أن نقرأ الأحداث - على تباينها-  دون أن نشعر بالفارق. وحده اختلاف الأسماء يمنحنا القدرة علي تمييز مكان الأزمة الجديدة في كل مرة!

فجّر اتحاد الكتّاب العرب قنبلة «شبه متوقعة»‬ قبل نحو شهر، عندما قرر في اجتماعه الأخير ببغداد تجميد عضوية نائبه الأول رئيس اتحاد كتاب المغرب، نتيجة مخالفات مالية ولائحية. وكالعادة في مثل هذه الظروف انفتحت أبواب التحرش اللفظي علي مصراعيها، فبدأ رئيس اتحاد المغرب إطلاق قذائفه الكلامية، لم يواصل فيها هجومه علي حبيب الصايغ رئيس اتحاد الكتّاب العرب فحسب، بل امتد إلي رئيس الاتحاد المصري، واتهمه بالمشاركة في مؤامرة عليه، بعد أن تحري النائب «المُجمّد» في الصراع القائم بين أطراف متنازعة في اتحاد كتّاب مصر، وأثبت تورط رئيسه في مخالفات مالية! الغريب أن هذه النوعية من الاتهامات لم تعد حكرا على أحد، حتى أنها امتدت إلى رئيس اتحاد كتّاب المغرب نفسه من بعض مبدعي بلاده، وزادت إحداهن عليها اتهامات بمخالفات جنسية! ولو تابعنا المشهد عن قرب لوجدنا أن الحال لا يختلف كثيرا في بلدان عربية أخرى.

وهكذا تظل أنباء صراعات الاتحادات هي المتصدرة، وسط أخبار متناثرة في وسائل الإعلام عن أنشطة ما أنزل الله بها من سلطان، ومجرد ضغطة على «جوجل» كفيلة بأن تُفجر طوفانا من الأزمات، عبر بيانات تمتلئ بسيل من الاتهامات التي لا تعترف بالحدود. رئيس الاتحاد سعيد الحظ فقط هو الذي يجد نفسه متهما بانعدام الجدوى، في مقابل آخرين تلاحقهم تُهم الفساد والتحرش، لتنضم إلي سلسلة اتهامات تقليدية يتداولها المثقفون عن العمالة للسلطة أو ديكتاتورية المسئول الأول عن الاتحاد وحاشيته.

لا أعرف بدقة أعداد أعضاء كل اتحاد عربي، لكن الثابت أن الأعداد المتكاثرة لا تعبر بالضرورة عن ثِقل نسبي، لأن هناك عددا كبيرا من الكتّاب المتميزين انفضوا عن هذه الاتحادات، بينما تفاخر متوسطو الموهبة بعبارة «عضو اتحاد الكتاب» ، وكأنها وحدها تمنحهم صك الاعتراف بهم كمبدعين.

عموما ليس الهدف هنا هو الانحياز لطرف أو لآخر، فالاتهامات المتبادلة كثيرة، سواء علي صعيد الأزمة الأخيرة أو سابقاتها ، وهي اتهامات لا يمكن أن تحسمها إلا ساحات القضاء، بتوقيع عقوبة علي الفاسد، أو بإدانة من اتهموه إذا ثبت أنهم قاموا بالتشهير به كذبا. لكن ما يعنيني هو تأكيد قناعتي الشخصية، بأن كل هذه الاتحادات فقدت كينونتها حتي لو كان وجود بعضها شرعيا، لن أبرهن بأحاديث عن أزمة في طنجة، أو مهزلة وضع صورة أحدهم علي «‬كارنيه» الاتحاد في القاهرة، ولا ممارسات محل انتقاد في دمشق، ولا أستثني من العواصم العربية أحدا، فكل اتحاداتها في الهم سواء! وإذا لم يكن للإصلاح الجذري سبيل فالحل الأمثل هو إصدار شهادات وفاتها جميعا، بما فيها الاتحاد العربي الأكبر، الذي أصبح الصراع علي رئاسته هو أكبر إنجازاته!