«العودة الطوعية».. حلم السوريين بين مقصلة الاقتصاد وسندان الإرهاب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

مُحملين بالكثير من الذكريات والحنين والهزائم وعدد لا نهائي من أصداء أصوات الانفجارات المتلاحقة والصراخ المتعالي، تكدس عدد من السوريين أطلق عليهم «الدفعة الأولى» في شاحنة صغيرة، تحمل أكثر مما يبدو عليها من رجال ونساء و عدد من البطاطين وبقية أثاث محطم، تحمل كل هذا وتحاول عبور الحدود عائدة به من لبنان إلى موطنه الأصلي «سوريا» الذي ظن جميع راكبي الشاحنة ذات يوم أنهم لن يروه قريبًا.


كان ذلك في مطلع عام 2018، عندما بدأت أولى دفعات اللاجئين السوريين في العودة من لبنان، وتحديدًا من بلدة عرسال، متجهين إلى سوريا، الأمر الذي أعقبه أزمة حقيقية وقعت بين الحكومة اللبنانية ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين عندما اتهمت الثانية الأولى بإجبار اللاجئين على العودة إلى بلادهم بسبب تضرر اقتصاد البلاد، بينما تصر الحكومة على أن عملية العودة تحدث بصورة «طوعية» من قِبل اللاجئين.


أعقب الدفعة الأولى الكثير من الدفعات المتتالية، على الرغم من تحذيرات عدد من المنظمات الدولية السوريين من العودة إلى بلادهم، واتهام الحكومة اللبنانية لهم بأنهم يتعمدون «تخويف» السوريين، وإقناعهم بعدم العودة وترهيبهم بأسباب أمنية. وعلى الرغم من ذلك فإن مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين أعلنت أن هناك حوالي 13 ألف لاجئ سوري في دول الجوار قرروا العودة لديارهم في النصف الأول من عام 2018 إضافة إلى 750 ألف نازح.


وتعتبر لبنان من دول الجوار التي فتحت أبوابها للاجئين السوريين خلال الأزمة إلى جانب الأردن، حيث استقبلت وحدها ما يقرب من مليون ونصف لاجئ فروا خلال الحرب، إلا إن وجود عدد كبير من اللاجئين في لبنان، أثر على البلاد بشكل كبير وأدى لتضرر مصالحها الاقتصادية والاجتماعية، حيث اقترب أعداد اللاجئين حوالي من ثلث عدد سكان البلد الأساسي البالغ 4.5 ملايين نسمة.


ووفقًا لوكالة «سبوتنيك» الروسية فإن التقارير تشير منذ بداية نقل دفعات السوريين الأولى أن هناك ما بين 400 و500 نازح سوري يغادرون لبنان يومياً، كمعدّل وسطي، وذلك في إطار حركة تنقل من الأراضي اللبنانية إلى المحافظات السورية، إلا أن الحكومة اللبنانية تبدي تحفّظاً على الأعداد التي يتم تداولها في التقارير الإعلامية.


وفي تقرير نشره موقع «ديلي ستار» اللبناني الناطق باللغة الانجليزية، نقلت الصحيفة تصريحات عدد من اللاجئين السوريين الذين عبّروا عن سعادتهم في العودة على بلادهم مرة أخرى. ومن ضمن هؤلاء اللاجئين، «هنادي مسعود» التي قالت وهي في طريق عودتها مع زوجها وبناتها الثلاثة، «إنها لا تستطيع أن تصف سعادتها بالعودة مرة أخرى إلى بلادها بعد أن غادرتها عام 2013 دون أي أمل في العودة».


وفي الوقت الذي تؤكد فيه الأمم المتحدة أنها طرف غير مسئول في عملية العودة ولا تشارك في تنظيمها بأي طريقة، تستمر المحادثات اللبنانية مع الحكومة السورية وحليفتها الروسية من أجل التنسيق لعودة مزيد من الدفعات على مدار الأيام القادمة.


وتشير عدد من التقارير الإعلامية إلى أن القمة التي جمعت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية، هلسنكي، 7 يوليو الماضي، على الرغم من عدم الإفصاح بشكل رسمي عما دار فيها، وتوجيه الكثير من الانتقاد لها خاصة من الجانب الأمريكي، شملت مناقشة عدد من القضايا على رأسها القضية السورية، ومن بعدها تزايدت المباحثات بين الحكومة اللبنانية ونظيرتها الروسية حول المقترحات التي أبدتها الثانية حول المساعدات التي ستقدمها لمساعدة اللاجئين السوريين في العودة للأماكن التي كانوا  فيها قبل اشتعال الأزمة.


وفي تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، تعليقًا على القمة الروسية الأمريكية  أكد على أن الزعيمين اتفقا على ضرورة وجود آليات تسمح بعودة اللاجئين السوريين على أراضيهم مرة أخرى.


كما نقلت عدد من التقارير الإعلامية تصريحات مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية سعد الحريري، الخميس 21 يوليو، أن جورج شعبان مستشار الحريري للشئون الروسية، اجتمع مع الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوجدانوف، واطلع منه على تفاصيل المقترحات، التي أعلن عنها رئيس المركز الوطني الروسي لإدارة شؤون الدفاع ميخائيل ميزينتسيف، حول «تنظيم عودة النازحين إلى الأماكن، التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب».