يائيل ابنة ديان ... طوبي للخائفين «6»

 هبة عبدالعزيز
هبة عبدالعزيز

‎إنني أريد أن يكون نيمرود شجاعا، فالشجاعة صفة حميدة... أما عدم الخوف فهو صفة بشعة ذميمة ... إنك تمارس تأثيرك عليه ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم ... تريد أن تقتلع منه كل خوف ... ولكن يبقي له خوف رهيب ، وهو خوفه من أن يخاف! هذا ما يسيطر عليه الآن . إنه لن يكون شجاعا إذا مضيت في تربيته علي هذا النحو ، ولكنه سيشب عاجزا عن أن يخاف، وسوف يكرهك لهذا السبب يوما ما!.

‎كنا قد توقفنا في المقال السابق عند هذا الجزء من الحديث، والذي جاء علي لسان الإسكاف العجوز "لاميش" أحد الأبطال الرئيسيين في رواية "طوبي للخائفين" حينما كان يتحدث إلي "إيفري" والد "نيمرود" البطل الذي تدور حوله أحداث الرواية.

‎وها نحن اليوم نعود سويا ونستكمل باقي أحداث الرواية والتعليق عليها ....

‎ففي لمحات سريعة تجتاز الكاتبة "يائيل" فترة الحرب العالمية الثانية، وبعض الأحداث حول اشتراك العصابات الصهيونية مع إنجلترا، حتي تصل إلي ما بعد الحرب، ثم تمر علي حرب فلسطين، وتصل بنا إلي إعلان دولة إسرائيل.

وقد لفت نظري أن " الإنسان العربي" - وهو ما أردت مخاطبته بالأساس من خلال سلسلة مقالاتي هنا - لم يظهر في الرواية كلها إلا قرب انتهاء أحداثها، وظني أنها قد وفقت وبل وأصابت في اختيارها هذا، فالرسائل غير المباشرة والرمزية غالبا ما تصل بشكل أرقي، كما وتحقق التأثير المرجو منه بطريقة أعمق وأقوي.

‎وقبل أن أنتقل لأتحدث معكم عن دور العربي" الرمزي في هذه الرواية، أود أن أنقل لكم الجزء الأخير من حوار الإسكاف مع الأب في ليلة عيد ميلاد الابن "نيمرود" والذي كنا قد بدأناه في مقالنا السابق، والذي بدوره أيضا سيلقي المزيد من الضوء ويكشف لنا عن مدي العوار في العقيدة الصهيونية العنصرية الفاسدة واللا إنسانية المضادة لمبادئ الديانة اليهودية وكل مبادئ الأديان التي تدعو إلي الخير و المحبة والسلام.

‎- فقد قال الأب "إيفري" للإسكاف العجوز "لاميش": وما العيب في ألا يخاف ؟؟؟ وكان يقصد بالطبع ابنه " نيمرود".

‎- فرد عليه الإسكاف - بجملة هي قلب الرواية - وأدعوكم لقراءتها بشيء من العمق ...حيث قال :

‎من لا يخاف لا يستطيع أن يحب. والله يريد منا أن نحب. ابنك سيتمني أن يحب . ولكن عدم الخوف سوف يجعله وحيدا ... معزولا ... عزلة قاتلة ... انك تريد أن تتخلص من ذاتك القديمة ... ولكنك لست واثقا من ذاتك الجديدة ... ولهذا تحاول أن تصب ابنك في هذا القالب الذي تتخيله أنت ....

‎وقد كانت تلك آخر نصائح "لاميش" الذي مات وهو حزين ، حزين علي مجتمعه الذي بعد كل البعد عن الإيمان بالله، واتجه إلي عبادة القوة، وعدم الاعتراف بالحب وكذلك بالخوف. ‎ومازال لحديثنا بقية