خبير المقامات القرآنية أحمد مصطفى كامل: القراء المصريون الآن «بعافية»

خبير المقامات القرآنية مع محرر الأخبار
خبير المقامات القرآنية مع محرر الأخبار

كنز من الأسطوانات وشرائط الكاسيت تتجاوز المئات مع عشرات الأجهزة الإذاعية الضخمة التى قد لا تتواجد فى كبرى المحطات الإذاعية، وكل هذه الثروة الضخمة موقوفة على قارئ واحد هو الشيخ مصطفى إسماعيل الذى لا ينطق اسمه إلا ويسبقه بكلمة: هبه الله الشيخ مصطفى إسماعيل.

 

إنه أحمد مصطفى كامل خبير الأصوات ومدرس المقامات الذى يضم منزله القرآنى العتيق مئات التسجيلات النادرة ويكفى أن تكتب اسمه على صفحات الإنترنت لترى معلما فريد المقامات القرآنية قيخرج القرآن منه رقراقا كأنه حبَّات الغيث فى الصباح الباكر.. عشرات التلاميذ من القراء الشباب يُحيطون به ليتعلموا القراءة بالمقامات، وقد أتوه من كل بقاع مصر، وحتى تليفونه لم ينقطع عن الرنين، حيث يطمئن عليه تلاميذه أو يطلبون إليه تصويب قراءتهم ولو بالتليفون، والشيخ مع كل هذا ينتقل من مقام الرصد إلى الحجاز إلى البياتى إلى السيكا، ويستمع إلى هذا ويُصحح لذاك دون كلل أو ملل، وهو مريض غاية المرض.. وكان لنا هذا الحوار:

 

كيف بدأ اهتمامك بالأصوات والمقامات القرآنية وماذا دفعك لاتخاذ هذا الطريق؟
 

- كان والدى محبًا للفن وصديقًا للشيخ الجليل مصطفى إسماعيل رغم عمله بوزارة الداخلية، كما كان صوته جميلًا جدًا، ومن هنا لفت انتباهى كل تلك الأصوات الرائعة المحيطة بى من كل جانب.. ثم اتبعت الشيخ مصطفى وظللت أسمعه يوميًا دون انقطاع منذ أن تربيت على حجره حتى الآن كما أن أبناءه إخوتى ودائم التواصل معهم، حتى إنهم يقولون لى: «حاسب على نفسك لأنه إذا حدث لك شىء فإن أبانا سيموت مرة أخرى»!

 

ولماذا قصرت اهتمامك على الشيخ مصطفى إسماعيل فقط دون باقى القراء؟

- لأننى أعتقد أن صوت هذا الرجل العظيم كان هبة من الله تعالى دون باقى المشايخ والقراء الذين- حسبما أظن- يكفى أن يقرأوا على المقابر، وأقصد فى علوم المقامات وفخامة الصوت، لكن بالطبع هم أساتذة فى القراءات، ويكفى أن أقول لك إن كبار الملحنين والمطربين القدماء كانوا يدورون وراء الشيخ فى كل مكان ليتعلموا منه، ومنهم صالح عبد الحى والموجى والقصبجى وعبد الوهاب وأم كلثوم، وعندى تسجيلات نادرة لأم كلثوم وهى تقلد الشيخ فى المقامات وتغنى على طريقته فى القراءة.. ولذلك أعتقد أن كل الأصوات التى نسمعها مؤذية بخلاف صوت سيدنا.
أصوات «بعافية»!

 

وما الذى تعيبه على أصوات السادة القراء الكبار الآن رغم انتشارهم فى البلاد الإسلامية؟

- القراء المصريون الآن «بعافية» وأسهموا فى تراجع التقدم المصرى فى هذا المجال خاصة أن معظمهم لا يعرف شيئا عن المقامات بل ويتجرأ ويُنكر علاقتها بالقرآن مع النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، بل وأرى أن معظم القراء القدامى ليست لديهم أصوات مُطربة لأنهم لا يعرفون المقامات، رغم أفضالهم فى علوم القراءات، ورغم شخصياتهم الخيرة والطيبة، ولكنهم لا يملكون تمكن الشيخ مصطفى إسماعيل من المقامات التى هى تخصصى، ولذلك يأتينى الطلبة من كل بلاد الدنيا، فقط لأننى أدرس لهم طريقة «هبة الله».


وهل ترى أن نقابة القراءبرئاسة الشيخ الطبلاوى تقوم بدورها كما يجب فى خدمة القراء؟

- الحقيقة أننى لا أرى أى عمل لهم فى الواقع لخدمة القراء، بل وأعتقد أن أصوات بعض هؤلاء القراء الإذاعيين الذين يظنهم الناس كبارًا «تجيب السرطان»! كما أن لجان اختيار القراء فى الإذاعة والتلفزيون تشوبها الكثير من التشوهات والوساطات مما ينتج عنه تلك الأصوات الرديئة التى نسمعها، لأن البعض يريد فرض نفسه على عالم الأصوات دون أن يملك الموهبة الصوتية، كما أن المقامات موهبةأيضا من الله لا يتم تدريسها، وللأسف كثير من القراء الشباب لا يعرفون شيئًا عنها.

 

نغــم إلهــي

 

ولكن، ألا ترى أنك تفرض ذوقك ومدرستك على باقى المدارس الأخرى؟


- عندى 32 أذانًا للشيخ مصطفى إسماعيل، القطط تقف لتستمع إليه وإلى هذا النغم الإلهى الذى يصدر عنه، ومع هذا لا نسمع فى الإذاعة والتلفزيون سوى أصوات يكفى فقط أن «تُعدد» على المقابر، ونترك هذا الهرم القرآنى الكبير.. وصحيح أننى لا أعترف فى المقامات بغير مصطفى إسماعيل، وأنا غير ملتزم بأذواق الناس وإنما بما أفهم به وأقوم بتدريسه منذ سنين طويلة، فهؤلاء الناس هم أنفسهم من يسمعون شعبولا وشركاه، وإنما أنا معلم مقامات وأقول لك بما عملته طوال ستين عامًا.

 

لديك تلاميذ منتشرون فى كل مكان.. ما الشروط التى تفرضها على راغبى تعلم القراءات القرآنية؟

 

- لابد من توافر الخامة الصوتية الجيدة وإتقان التلاوة والرغبة الشديدة فى التعلم والصبر عليه، والأهم أن يكون مستمعًا جيدًا للشيخ مصطفى إسماعيل لأننى سأقوم بتدريبه على المقامات بطريقة الشيخ، وغير ذلك لا أقبل.. وللأسف يأتينى تلاميذ لا يعرفون كيف يقرأون القرآن أو حتى يشعروا به وهؤلاء لا أقبل تعليمهم.. والحقيقة أن الله وهبنى قدرة على التدريس فى علوم المقامات.. وأهم تلاميذى: الدكتور مصطفى أبو زيد وهو طبيب صيدلى وقارئ متمكن جدًا ورائد لمدرسة الشيخ مصطفى من بعدى، وكذلك القارئ الشهير محمود الطوخى والقارئ ياسر الشرقاوى، وغيرهم كثيرون فى ماليزيا وإندونيسيا وتركيا وفيينا بالنمسا الذين كانوا يستمعون لى بالسبعين ألفًا ويصفقون عند كل آية، والجزائر والمغرب وغيرها.. وللأسف هناك طلاب كثيرون تعبت معهم جدًا حتى أصبحوا مشهورين ثم أنكروا ذلك بكل جحود.. والحقيقة أننا بعدما كنا سادة فى تلاوة القرآن أصبحنا أقل الدول، لأن هذه الدول تستعين بالمعلمين المصريين وتقدر دورهم بخلاف ما نفعل نحن، وقد عرض عليّ  وزير ماليزى الإقامة الدائمة فى قصر بماليزيا لتعليم الطلبة هناك؛ ولكننى رفضت لأننى لا أستطيع الابتعاد عن أحفادى.