في حوار لـ«بوابة أخبار اليوم»

«الجنائية الدولية»: نبحث اتهامات فلسطين لقادة إسرائيل..وتهجير الروهينجا قيد التحقيق

فادي العبد الله - المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية
فادي العبد الله - المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية

المحكمة: المدعية العامة طلبت الإذن بفتح تحقيق مع أفغانستان وقوات أمريكية 

المحكمة الجنائية الدولية: نجدد طلب اعتقال سيف الإسلام القذافي

المحكمة الجنائية توضح حقيقة مواجهتها أزمة مالية

المحكمة تدافع عن تبرئة نائب رئيس الكونغو سابقًا

«الجنائية الدولية»: قد نلاحق المشتبه بهم في بوروندي رغم انسحابها من المحكمة

المتحدث باسم المحكمة: لا نمتلك قوات لتنفيذ أمر الضبط والاعتقال

«الجنائية الدولية»: إسرائيل لم تطلب الانضمام للمحكمة


منذ تأسيس المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا في يوليو عام 2002، بموجب ميثاق روما الذي دخل حيز التنفيذ في أبريل من العام نفسه، لا تتوقف الاتهامات التي توجه إلى المحكمة، فالبعض يتهم المحكمة بالعنصرية واستهداف قادة أفارقة، ويستدلون على ذلك بصدور أول أمر اعتقال في المحكمة بحق توماس لوبانجا، وهو زعيم إحدى الميليشيات في الكونغو الديمقراطية، ثم صدر أمر آخر  بحق الرئيس السوداني عمر البشير في 4 مارس عام 2009، وفي عام 2011 أصدرت مذكرة توقيف بحق الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي ونجله سيف الإسلام، لكن آخرين يرون أن المحكمة الجنائية الدولية تعاقب مجرمي الحرب لإعطاء العالم رسالة تهدف لمنع اقتراف أية جرائم أخرى مستقبلا.

 

وفيما يتعلق بإسرائيل، فهي ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، لكن يمكن مقاضاة مواطنيها حال ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، في أراضي دولة عضو بالمحكمة، فنظام روما الأساسي الذي تم تبنيه في يوليو 1998 والذي بموجبه أنشأت المكمة الجنائية، اشترط على الدول غير الأعضاء التعاون مع المحكمة في تسليم الأشخاص الذين يصدر بحقهم أحكام توقيف أو قرارت بالسجن والمحاسبة.

 

فقد سبق أن سحبت أمريكا وإسرائيل، توقيعهما من على قانون المحكمة الجنائية الدولية، وبذلك لم يعد عليهما تنفيذ أي التزامات تجاه المحكمة، وفي هذا السياق تجيب المحكمة الجنائية الدولية في حوار مع «بوابة أخبار اليوم» عن حقيقة اتهامها مسئولين إسرائيليين بممارسة جرائم.

 

وفي الذكرى الـ20 للتصديق على النظام الداخلي بروما في يوليو 1998، والذي مهد لميلاد المحكمة الجنائية الدولية، أجرت «بوابة أخبار اليوم» حوارًا مع فادي العبد الله، المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية.

 

مئات من مسلمي الروهينجا تقدموا بطلب للتحقيق في عمليات ترحيلهم عنوة من ميانمار إلى بنجلادش.. هل ستدينون ميانمار؟

 

فيما يتعلق بالروهينجا، فإن ميانمار ليست عضوًا في المحكمة، وفِي غياب طلب من مجلس الأمن يلزمها باختصاص المحكمة، فإننا لا نستطيع فتح تحقيق في شأن الجرائم التي يدعى بارتكابها على أراضي هذه الدولة.

 

لكن المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودة، طلبت من القضاة النظر في مسألة معرفة ما إذا كان بإمكانهم فتح تحقيق بشأن جرائم الإبعاد القسري لمسلمي الروهينجا إلى بنجلادش التي هي عضو في نظام روما، وننتظر حاليًا رد القضاة على هذا السؤال.

 

هل المحكمة الجنائية الدولية ستصدر أمر اعتقال بحق أي مسئول إسرائيلي؟

 

الدولة الفلسطينية طلبت من المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودة، فتح تحقيق في هذا الشأن منذ أشهر قليلة، وهذا الطلب تنظر فيه المدعية العامة، وبعد أن يصدر قرارها سيتم فتح التحقيق وتوجيه الاتهامات فقط إذا كانت هناك أدلة كافية معروضة أمام القضاة، وفي كل الأحوال فإن المحكمة لا توجه أي اتهام ضد أي شخص، إلا بعد فتح تحقيقات، وجمع الأدلة، وتقديمها إلى القضاة.

 

هل تقدمت فلسطين بطلب للتحقيق في ارتكاب إسرائيل جرائم أثناء حربها على غزة في عام 2014؟

 

بعد حرب غزة أعلنت السلطة الفلسطينية أنها تقبل باختصاص المحكمة، وبعد ذلك انضمت إلى المحكمة في عام 2015، لكن فلسطين لم تتقدم بأي طلب رسمي لفتح تحقيق عن حرب غزة إلا قريبا، فالمدعية العامة هي من فتحت تحقيقًا أوليًا عن هذا الموضوع، لمعرفة ما إذا كان من الضروري أن تفتح تحقيقًا فعليًا في هذا الشأن، وطلبت عددًا من المواد والتقارير من مختلف الأطراف، وفِي مايو ٢٠١٨ قدمت السلطة الفلسطينية طلبًا رسميًا لفتح التحقيق، وهو ما تنظر فيه المدعية العامة الآن.

 

بمناسبة مرور 20 عاما على إنشاء المحكمة، طالبتم الدول بتكثيف ملاحقة المسئولين عن الجرائم.. ماذا يعني هذا؟

 

بمناسبة مرور ٢٠ عاما على إقرار معاهدة روما، التي نتج عنها إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، قامت المحكمة، وعدد كبير من ممثلي الدول الأعضاء، بالتأكيد على أهمية احترام القانون الجنائي الدولي، وضرورة تقوية التعاون مع المحكمة، لتأمين العدالة للمجني عليهم، وإلقاء القبض على المشتبه بهم، وتسهيل التحقيقات.

 

هل طلبتم من إسرائيل الانضمام للمحكمة؟

 

المحكمة تتمنى انضمام كل دول العالم إلى نظام روما، لكن الانضمام إلى المعاهدات الدولية شأن سيادي، ولكل دولة أن تقرر ما تراه في شأنه، ولَم تعلن إسرائيل عن نيتها الانضمام إلى نظام روما.

 

هل تستهدفون الدول الإفريقية دون غيرها؟

 

المحكمة لا تستهدف أية رقعة جغرافية محددة، فما حدث هو فتح تحقيق بشأن عدد كبير من الدول الإفريقية، بناءً على طلبات هذه الدول نفسها مثل الكونغو، وأوغندا، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، كما تم فتح تحقيق بناءً على إحالة من مجلس الأمن الدولي، كما حدث في ليبيا ودارفور.

 

«الجنائية الدولية» قامت بفتح تحقيقات أخرى بعيدًا عن إفريقيا، فقضاة المحكمة فتحوا تحقيقًا بخصوص جورجيا، وننتظر فتح تحقيق بشأن أفغانسان، فالمدعية العامة طلبت من القضاة الإذن بفتح تحقيق بشأن أفغانستان، وهو الأمر الذي ينظر فيه القضاة الآن ليقرروا منحها الإذن أم لا، فالتحقيق يتعلق بالأطراف الثلاث وهم الحكومة، وحركة طالبان، والقوات الأمريكية.

 

ماذا عن محاكمة سيف الإسلام القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية؟

 

أوضح بشكل جلي، أن أمر القبض على سيف الإسلام القذافي لا يزال ساري المفعول، والمحكمة تطلب القبض عليه وتسليمه إليها، متى أصبحت الفرصة سانحة لذلك.

 

هل لديكم آلية لملاحقة المتورطين في الجرائم ؟

 

تنفيذ أمر الضبط بحق من تصدر بحقه أية تهم، يتم من خلال الدول وليس من خلال المحكمة الجنائية الدولية، فالمحكمة لا تمتلك قوات لتنفيذ أمر الضبط والاعتقال، لكن عندما يكون الشخص مطلوبًا على أراضي دولة التزمت بنظام المحكمة، أو ألزمها مجلس الأمن الدولي بمعاهدة روما، فينبغي على هذه الدول إلقاء القبض على المتورطين في جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الإبادة الجماعية، أو جرائم العدوان.

 

هل تتجه المحكمة نحو إنشاء قوة لاعتقال من صدرت بحقهم أحكام؟

 

بالطبع لا، فعندما يكون الحكم صادر من المحكمة الجنائية الدولية، فأمر الاعتقال يكون متعلقًا بالشرطة في أية دولة، فالمحكمة تصدر أحكامًا فقط، أما تنفيذ الحكم فإنه يتعلق بالشرطة الدولية.

 

يرى البعض أن المحكمة الجنائية الدولية تلطخت سمعتها الشهر الماضى، بتبرئة أحد زعماء الحرب الكونغوليين السابقين، بماذا تردون؟

 

في شأن تبرئة نائب الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية، جان بيير بيمبا، من جرائم حرب ارتكبها في إفريقيا الوسطى بين عامي 2002 و2003، قرر قضاة دائرة الاستئناف تبرئته خلافًا لقرار الدائرة الابتدائية، ما يعني إلغاء الحكم السابق بسجنه لمدة 18 عامًا، فمبدأ التقاضي على درجتين، يعتبر من ضمانات المحاكمة العادلة في كل دول العالم، كما أنه جزء من ضمان احترام حقوق الدفاع، بالتالي فإن القرار في الحقيقة بمثابة تأكيد على وجود ضمانات للمتهمين.

 

قمتم بفتح  تحقيق بحق بوروندي لارتكابها جرائم «مفترضة» ضد الإنسانية، لكنها كانت أول بلد ينسحب من المحكمة.. هل لديكم آلية لمنع انسحاب الدول؟

 

بوروندي انسحبت من نظام روما بعد أن فتحت المدعية العامة تحقيقًا أوليًا بشأن الأحداث على أراضيها، فنظام روما الأساسي يسمح بانسحاب الدول، إلا أن هذا الانسحاب لا يؤثر على اختصاص المحكمة على الجرائم التي وقعت في الفترة التي كان البلد المعني فيها عضوًا في معاهدة روما.

 

هل تواجهون أزمة تمويل؟

 

لا، فجمعية الدول الأعضاء ملتزمة بتوفير الموازنة اللازمة لنشاطات المحكمة الجنائية الدولية، وقد أقرت في ديسمبر الماضي موازنة العام الحالي، كما هو مقرر رسميًا، ويتم إقرار الموازنة بناء على ما تعرضه المحكمة، وتناقشه جمعية الدول الأطراف.

 

هل تمارس ضغوط أمريكية عليكم؟

 

المحكمة مستقلة تمامًا، ولدى قضاتها جميع الضمانات اللازمة لحيادهم واستقلاليتهم، لذا فلا توجد أية دولة تمارس ضغوطًا علينا، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

 

عدد الدول التي انضمت للمحكمة 123 دولة.. هل هناك دول جديدة ستنضم؟

 

حتى اليوم؛ هناك ١٢٣ دولة منضمة إلى معاهدة روما، أي ما يقرب من ثلثي عدد دول العالم، وفيما يتعلق بانضمام دول جديدة فإننا نأمل بالتأكيد أن يرتفع هذا العدد، وأن يكون جهد المحكمة منصب على تأمين إجراءات عادلة بكل استقلالية، إنني أعتبر أن جهود الحقوقيين، والرأي العام في العالم، من العوامل التي تساعد في إقناع السلطات بمختلف دول العالم، في الانضمام إلى معاهدة روما، والاشتراك في مسيرة نضال عالمي ضد الإفلات من العقاب.

 

ما هي جريمة العدوان وماذا تختلف عن بقية الجرائم؟

 

المحكمة كانت مختصة بالنظر في 3 جرائم، وهي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، وتحت كل نوع تندرج جرائم فرعية.

وفي ديسمبر من العام الماضي، أقرت الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، إدخال جريمة العدوان في اختصاص المحكمة، والتي تعني استخدام أجهزة دولة للاعتداء على سيادة دولة أخرى بأشكال مختلفة، ويتم توصيف الجريمة بالعدوان طبقًا لعدد من الشروط القانونية.

 

هل هناك دول بصدد الإدراج على لائحة العدوان؟

 

دعني أوضح أن المحكمة الجنائية الدولية، لا تلاحق الدول والحكومات والأشخاص المعنويين، بل تلاحق الأشخاص الطبيعيين، وفيما يتعلق بمحور السؤال أود أن أقول إن المحكمة ليست بصدد ملاحقة أشخاص بتهمة جريمة العدوان حتى الآن.