الشوارع والميادين .. مولد وصاحبه غائب

مجمع الوزارات وضريح سعد.. «مفيش فايدة»

ضريح سعد زغلول
ضريح سعد زغلول

الشارع عنوان أي دولة في العالم وحين يكون علي درجة من العناية والتنظيم يعكس حضارة ورقي هذا البلد ويكون واجهة مشرقة للزائرين والوافدين إليه وحين يكون مشوها تسيطر عليه الفوضي والإهمال فيكون أسوأ دعاية وذكري للسائح والمواطن، والشارع في أي بلد ملك للجميع، وشوارعنا لا ترضي أحدا والفوضي تحتاج إلي وقفة في مواجهة اختناق مروري ولغة سوقية استباحت الطريق، واستغلال للرصيف من الباعة الجائلين وتشويه للمباني.

 

وتعد تلك مجرد مشاهد لحال أغلب شوارع العاصمة والمحافظات نتيجة السلوكيات السلبية وغياب القانون، وأصبحت الفوضي هي الغالبة في كل مكان وعدم الالتزام يضرب بقوانين المرور عرض الحائط وطاقة الشوارع الحقيقية تتضاءل أمام زحف السيارات الخاصة والميكروباص والتوك توك وأماكن الانتظار العشوائية مع نقص الجراجات وامتدت الفوضي حتي أعلي الدائري والمحور والكباري المخصصة للمشاة.

 

وأصبح شعار البقاء للأقوي يسيطر علي شوارع وميادين القاهرة الكبري وإذا كان تنظيم الشارع هو عصب الاقتصاد فالزحام والاختناقات المرورية تثبت أننا نحتاج لإعادة تنظيم شوارعنا وتخطيط مساراتها واصلاح عوراتها ولن يتحقق هذا إلا بوجود فعلي وتنظيم حقيقي وتفعيل القوانين وتطبيقها علي الفور دون تباطؤ وعلي الجميع بلا قيود فمن يحاسب من؟ وعلي من تقع مسئولية إهدار الوقت وصعوبة المرور بالطرق واستحالتها علي الأرصفة؟ ومن يجب أن نحاسبه علي غياب النظافة وانتشار القمامة بها؟  »أخبار اليوم»‬ قامت بجولة في شوارع وميادين القاهرة الكبري لنقل صورة حقيقية لما يحدث فيها.

 

علي بعد عدة  أمتار من وزارة الداخلية ومجلس الوزراء والشعب ووزارة الصحة والعديد من الأجهزة والهيئات يقع شارع اسماعيل أباظة..الذي و بالرغم من كل الحملات الأمنية  المستمرة التي يقوم بها قطاع أمن القاهرة، بشارع إسماعيل أباظة الذي يطلق عليه شارع »‬الوزارات» لازالة عربات المأكولات و الخضراوات و بعض المقاهي والمحلات التي تعمل بدون ترخيص الا أن الشارع مازال حتي الآن  محتلا بالباعة الجائلين من كل نوع بدءاَ من بائعات »‬المش» و الخضار و انتهاء ببائعي الأحذية..نداءات متداخلة ما بين »‬حمرا يا قوطة» و »‬فرح حمادة و ميادة» أو وفر و اشتر بالجملة..  أصوات عالية مع روائح غريبة في مزيج صاخب أصاب ساكني المنطقة بالاختناق.

 

سكان شارع إسماعيل أباظة المقابل لضريح سعد زغلول الشهير أجمعوا علي أن الباعة الجائلين استولوا علي الشارع بأكمله حتي إنهم أتخذوا مداخل العقارات مركزا ثابتا و هو ما جعل معظم السكان لا يستطيعون دخول الشارع بسياراتهم أو ركنها أسفل منازلهم بإلاضافة إلي الضوضاء الشديدة الناتجة عن نداءات البائعين و أيضاَ المخلفات التي يتركونها بكل مكان بعد انتهاء اليوم كما لجأ عدد من الباعة الجائلين لوضع تندات بوسط الشارع لحماية بضائعهم،وهو ما جعل الشارع مكتظا ومزدحماً لا مكان فيه لقدم. و قالوا أن  الحكومة عندما بدأت في حملاتها لإزالة الإشغالات ألزمت الباعة في منطقة السوق بالعمل فوق الرصيف فقط و لكن بعد أيام قليلة عادوا مرة أخري الي فرش بضائعهم في منتصف الشارع.


ومنطقة السوق تعتبر منطقة حيوية قديمة ، وبها محال للخضار والفاكهة يتعامل معها الموظفون، الا أن الباعة الجائلين تجاوزوا منطقة السوق القديمة وبدأوا يحتلون الشارع من بدايته في قصر العيني وحتي نهايته ..و ليس الباعة الجائلون وحدهم هم مشكلة شارع اسماعيل أباظة و لكن الشوارع المجاورة له لم تخل من السيارات التي تركن »‬صف ثالث» ليصبح الشارع مكتظا بالسيارات و البائعين و القمامة في وقت واحد.


شارع اسماعيل أباظة اكتسب أهميته من كونه في موقع مميز يضم العديد من الوزارات الهامة حيث يبدأ الشارع بوزارة التعليم العالي وأكاديمية البحث العلمي، ثم وزارة الإسكان وبعدها وزارة التعليم، ثم وزارة الإنتاج الحربي وأمامها ضريح ومحطة مترو سعد زغلول والخزانة العامة وبجوارها مبني الضرائب العقارية.


ضريح سعد زغلول
ضريح سعد زغلول الذي يتوسط شارع اسماعيل أباظة يعتبر قيمة كبيرة لكنه وبسبب وجود الباعة الجائلين  شهد إهمالاً غير مسبوق، فقد استغل الباعة تواجد الضريح بالقرب من محطة مترو سعد زغلول، وانتشروا بشكل كبير حول الضريح، الا أن عدد البائعين يقل بعد الحملات الأمنية علي المنطقة.


الميراث الذي تركه الزعيم الراحل سعد زغلول و الذي من المفترض أن يكون مزارا تاريخيا من الممكن أن يحول محيط المنطقة الي منطقة سياحية .. تحول الي سوق أطلق عليه مرتادو المنطقة اسم »‬سوق الجمعة الجديد» ..فالأرض مفروشه بكل أنواع البضائع حول سور الضريح، بل ان بعضهم يستخدم السور الحديدي كمسند خاص لعرض بضائعه و فردها حتي يتسني لرواد المنطقة أن »‬ينقي» علي كيفه، ووسط إقبال كبير وتدافع موظفي الوزارات والهيئات الموجودة بمحيط المكان أصبح الصعود من سلالم مترو الأنفاق مهمة شاقة علي ركاب المترو ، حيث تواجههم فرشات البضائع في كل مكان.