حكايات| «دفن الأحياء» في سيوة.. تفاصيل 3 أيام داخل الرمال الساخنة

الدفن في الرمال
الدفن في الرمال

مع حلول يوليو من كل عام وحتى أوائل سبتمبر، تستقبل «سيوة» أو «شالي» القديمة، السائحين من مختلف دول العالم مع بداية موسم السياحة العلاجية والتي تتفرد بها « الواحة الخضراء»، لتبوح بأسرارها وما تتمتع به من مقومات طبيعية برمالها الذهبية وصحرائها الشاسعة.


في الرمال الساخنة، تبدأ عمليات دفن مرضى التهابات المفاصل، والأعصاب، والروماتيرزم، وآلام الظهر، داخل واحدة من 5 «حمامات دفن» شهيرة بالواحة بمناطق «الدكرور» و«الشحايم» وسط الواحة، وقرية «بهي الدين» المجاورة للقطاع الغربي لمحمية سيوة.


ولعامل الطقس دور هام للغاية، حيث تتميز «سيوة» بطقس جاف خالٍ من الرطوبة، مما يساعد على عمليات الاستشفاء والعلاج، خاصة ممن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.
 

اقرأ حكاية أخرى| فن صناعة السفن واليخوت بدمياط.. «مش كل الخشب موبيليا»


يقول محمد أبو كرم، صاحب حمام «أبو كرم»، أحد أكبر الحمامات في الواحة، إن الواحة تُعد مكانًا فريدًا من نوعه، حيث الرمال الساخنة التي يمكن استخدامها في العلاج والاستشفاء، وبشهادة المتخصصين عالميا في هذا النوع من العلاج، تعتبر المكان الأمثل في العالم.


6 آلاف سائح من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، يقصدون الواحة سنويا، منهم 5 آلاف و500 من راغبي العلاج بالحمامات الرملية، وفقا للإحصائية السنوية لعام 2016، وبخاصة «السعوديون، والإماراتيون، والكويتيون، والليبيون»، فضلا عن السياح الأجانب من القارة الأوروبية. 


ويضيف «أبو كرم»، أن تنوع الرمال في الواحة أدى إلى توافر أنواع ممتازة من الرمال الصفراء الناعمة النظيفة الصالحة لأغراض الطب البديل والاستشفاء البيئي، مشيرا إلى أن حمامات الرمال يمكنها علاج الأمراض ما بين «الروماتيزم، والروماتويد المفصلي، والنقرس، والأمراض الجلدية، والكلى، والجهاز التنفسي، وقصور الشرايين، والتخلص من القلق والضغوط النفسية».


وحول مراحل استقبال راغبي العلاج، يشير أحمد واحي، صاحب أحد الحمامات من أبناء «واحة سيوة»، إلى أنه يتم مقابلة السائح في موقف السيارات، واصطحابه إلى مكان إقامته تمهيدًا لبدء إجراءات العلاج والاستشفاء بالرمال، مؤكدًا أن عملية الدفن تستمر لمدة 3 أيام وبعدها يمنع الخاضع للعلاج من المبردات والتكييف أو أي تيار هواء لمدة ١٢ يومًا.


وتابع: «يقدم للسائح أو المريض ٣ وجبات، وتتواجد سيدات للتعامل مع السائحات في برنامج العلاج، كما يوجد المياه الكبريتية التي تعالج الأمراض الجلدية».
 

تبدأ عملية الدفن، بحسب «واحي»، من اليوم الأول إذا كان الشخص متواجدًا في «سيوة»، فبعد تناول وجبة الإفطار في التاسعة صباحًا، يدفن في الرمال الساخنة عند الواحدة ظهرا لتبدأ رحلة العلاج، حيث يتم دفنه في الرمال حوالي ٧ دقائق ثم يخرج إلى الخيمة، وكلما طالت المدة زادت قوة العلاج، ثم يخرج من الخيمة إلى مقر الإقامة الذي تم إعداده بجوار الحمام الرملي مباشرة لتناول وجبة الغداء، حيث يقدم للشخص مشروبات دافئة أثناء تواجده بالخيمة والحجرة بعد الدفن. 


أما عن السيدات، فيتم علاجهن في أماكن مخصصة معزولة عن أماكن الرجال، وبعد الانتهاء من دورة العلاج يتم عمل «مساج» بزيت الزيتون والليمون الدافئ.


اقرا حكاية أخرى| أكلات العيد عمرها مئات السنين.. «على كل شكل ولون»

 

وأوضح عيسى أبو عيسى القناشي، من أبناء قبائل البادية، والمهتمين بالسياحة العلاجية، أن الحمام الرملي هو الطريقة المتبعة منذ القدم للاستشفاء في وقت الضحى وقبل غروب الشمس لتفادي الفيض الزائد من الأشعة فوق البنفسجية المصاحبة لأشعة الشمس.


وتابع: «يستمر الحمام مدة تتراوح بين خمس دقائق إلى نصف ساعة تبعا لتحمل المريض، ويراعى وضع مظلة شاطئ فوق رأس المريض للحماية، حيث تصل درجات الحرارة إلى أعلى معدلاتها، وتلقى بسخونتها على الرمال لترتفع لـ40 أو 45 درجة مئوية».