هل نقول وداعا لأمين الشرطة ومرحبا بالأساليب العالمية للتفتيش بالمطارات

محمد البهنساوي يكتب: الفريق يونس المصري.. واستغاثة «نص الليل»

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

استيقظت فجر أمس على مكالمة ملحة من أحد الرجال المهمين بالقطاع السياحي.. عصبي وغاضب لدرجة كبيرة.. وقبل أن ألقي عليه بتحية الصباح باغتني بسؤال "وأخرتها في المصيبة دي.. مين اللي مصر يودي السياحة والاقتصاد في ستين داهية".

 

هدأت من روعه واستفسرت عما حدث.. فإذا بالمشكلة الأزلية.. التفتيش والطوابير بمطار القاهرة.. مع قسم من الرجل بأغلظ الأيمان أنه ليس تفتيشا بقدر أنه شبه تحرش "وأسف على استخدام اللفظ.. لكن لعلنا نجد من يدرك المصيبة".. ويسرد لي موقفا في نفس الوقت لمديرة أجنبية عجوز في منتجعه بشرم الشيخ تستغيث به من طريقة تفتيشها بمطار شرم من قبل موظفة.. وعندما تحدث للضابط لتخفيف تفتيشها.. أخبره إما التفتيش الذاتي أو تتجرد من ملابسها تماما في غرفة مع نفس الموظفة.

 

المصيبة أن الحالتين تما دون أن يطلق جهاز التفتيش الالكتروني صفارة الإنذار.. واستحلفني أن أكتب كل ما قاله لأنه يرى "ومعه كل الحق" إن ما يتم تدمير للسياحة ولسمعة مصر.. لكن لم استطع إلا كتابة ما يمكن كتابته.

 

لا جديد في الأمر الذي تحدثنا فيه عدة مرات إلا متغير مهم.. وزير طيران جديد هو الفريق يونس المصري.. والذي بدأ بقرارات إصلاحية مهمة.. وجولات تفقدية متواصلة.. وروح إيجابية وحالة تفاؤل أسترجع معها الكثيرون بقطاعي السياحة والطيران أيام الفريق أحمد شفيق أول وزير للطيران المدني.. والذي لازال قطاع الطيران يعيش على المشروعات والأفكار التي وضع لبنتها الأولي الفريق شفيق

 

نعلم أن الرجل لازال أمامه الكثير والكثير .. ومن الصعب الدخول الآن في الملفات الشائكة منذ عقود حول علاقة الطيران بالسياحة.. لكن المؤكد أن هناك أضرار بالغة على اقتصادنا القومي من عمل السياحة والطيران كقطاع واحد

 

لكن تأمين المطارات يجب أن يكون في مقدمات الأولويات والملفات التي يبدأ بها الفريق المصري لأنه يتعلق أولا بسمعة مصر كافة .. وثانيا حله سيحل مشكلة معضلة إمام التدفق السياحي .. فالمطار أول وأخر انطباع يحمله السائح عن مصر كافة وليس المطارات لا و السياحة فقط .. وما يحدث بمطاراتنا حاليا من عشوائية وبدائية في التفتيش تسئ أبلغ إساءة لمصر ولنعيد للتذكرة بعض ما نستعرضه دائما بهذا الملف

 

ولنتحدث بصراحة وبنية الحل الجوهري الذي نثق أن الوزير الجديد قادر علي تحقيقه وحماية سمعة مصر.. فبعد حادث الطائرة الروسية.. سمعنا حوارات وقرارات عن تطوير المطارات.. البعض طالب بالاستعانة بشركات عالمية متخصصة لتأمين آو إدارة المطارات.. وأخر أعتبرها خطرا يهدد الأمن القومي المصري رغم أن كل مطارات العالم المحترمة تستعين بشركات عالمية .. وأخيرا وصلنا لكوكتيل أطلقت عليه الاختراع المصري الذي لا يهدف لتحقيق الصالح العام بقدر إرضاء كل الأطراف علي حساب هذا الصالح العام!

 

فرغم الإعلان عن الاستعانة بأحدي شركات الحراسة التي تعد شبه حكومية لتأمين المطارات بالتعاون مع شركة إنجليزية عالمية وبالتنسيق مع وزارة الداخلية.. وبعد كل تلك الشهور هذه هو الوضع على الأرض.. خليط من التأمين والتفتيش المزدوج الذي لا نجده في أي مطار في العالم إلا في مصر.. اللاعب الأساسي فيه أمين الشرطة!! مع تشديد في التأمين لا يؤدي إلى طمأنة السائح أو المسافر بقدر مضايقته ودفعه لأن يلعن اليوم الذي زار فيه مصر ومر عبر مطاراتها.. ساعات من طوابير ممتدة علي بوابات الدخول .. وهرج ومرج لعبور البوابات وبعد أمتار قليلة من البوابات يتكرر نفس المشهد المأساوي للتفتيش والطوابير!!

 

أما طريقة التفتيش فهي اختراع مصري أيضا تصل إلى حد " ومعذرة لاستخدام هذا اللفظ " التحرش بالمسافر أو المسافرة حتى ولو كان من يقوم بالتفتيش من نفس جنسه .. فحص وتفعيص وكأن المسافر  مجرم أو يخبئ ممنوعات أو متفجرات أسفل جلده.. ونجد نفس أمين الشرطة يقوم بإدخال الحقائب والتفتيش وفحص الأوراق.. وحتى لو عبرت أجهزة التفتيش الإلكترونية بأمان ودون صفارة إنذار.. يصر أمين الشرطة علي تفتيشك بالطريقة المصرية!

 

أمام تلك المعضلة.. فإن شركات السياحة والفنادق بشرم والغردقة توجه السائحين للمطارات قبل سفرهم ب 6 ساعات بسبب التفتيش وتمتد طوابير السائحين أمام بوابات المطارين بالكيلو مترات ولساعات وفي عز الحر ولا توجد أماكن انتظار .. أي انطباع يغادر به السائح بعد تلك "البهدلة"!!

 

ومن العجب أن المسئولين جميعا بالمطار كانوا يعلمون كل تلك السلبيات الرهيبة .. لكن كانت حجتهم التي قالوها صراحة " إحنا فعلا مزوديناه حبتين خلي الأجانب يتعبوا ويطلع عينيهم بس هيعرفوا إننا جادين في تأمين المطارات " !! ..

 

سيادة الوزير المحترم.. بنظرة علي مطارات الدول المحترمة خاصة الأوربية نجدها تطبق أقصي درجات التشدد في التأمين لكن دون إيذاء المسافر أو مضايقته ففي كل مطارات العالم.. يمر المسافر من بوابات التفتيش والحقائب علي السير بكل سهولة.. جيش من الموظفين.. و"أكرر الموظفين وليس رجال الأمن" يساعدون المسافرين في إنهاء الإجراءات والتفتيش.. ولا يلمسك أحد طالما لم تطلق الأجهزة صفرتها.. حتى ولو أطلقت يمرر يده على جسمك دون أن يلمسه وهذا يحتاج لتدريب وإعداد خاص .. وإذا ما أستمر الاشتباه والصفارة.. هناك الأجهزة الحديث يدخل فيه المسافر ليمسحه في لحظا

 

وبمناسبة هذا الجهاز الذي تم استيراده لمطاراتنا.. نسأل أين هو ولماذا لم يعمل حتى الآن.. أم أن ما سمعناه صحيحا أنه يعمل في حالات قليلة بصالات الوصول وليس السفر بطلب من وزارة المالية لزوم "الجمارك" رغم أن أهميته في السفر لتأمين المسافرين وحقائبهم قبل الصعود للطائرة.. ألم أقل لكم.. اختراعات مصرية بحته !!

 

ويبقي السؤال القديم الحديث أيضا.. إذا كانت معظم مطارات العالم يتولي التفتيش فيها شركات عالمية متخصصة.. فمطارات لندن تديرها شركة أسبانية.. وألمانيا وإيطاليا شركات إنجليزية.. هل لازال لدينا نفس الحساسية المفرطة في هذا الأمر ليستمر الكوكتيل الاختراع المصري في تشويه أقصد تأمين المطارات ؟


نثق أننا سنجد إجابات مختلفة وشافية لدى الفريق يونس المصري.