حكايات| كوارث «الخط العربي».. أخطاء في أوراق رسمية

الخط العربي حلم بعيد المنال
الخط العربي حلم بعيد المنال

قبل آلاف السنين، ظل القلم فوق السيف، فالكلمات ربما تكون مفتاح النجاة لمتهم أو قفل البراءة له، داخل أروقة المحاكم، ويبدو أن الإمام علي بن أبي طالب كان ممسكًا بزمام الأمور فيما يتعلق بالخط العربي، حين وجه ناصحًا: «أكرموا أولادكم بالكتابة، فإن الكتابة من أهم الأمور ومن أعظم السرور وأن حُسن الخط يزيد الحق وضوحًا». 

 

روايات من عانوا من محاضر ورطتهم أو شهادات ميلاد أو إجابات امتحانات أضاعت حقوقهم تحكي فصولا من مآسٍ تحتضنها كثير من مؤسسات مصر، وجاء الفصل الأخير باندثار الخطاطين ليزيد طين «الخط السيئ» بلة.

 

ومع استمرار «الورقة والقلم» داخل مكاتب السجل المدني تتزايد الأزمة، فربما تتشابك الحروف أو تتطاير بعضها من الأسماء لتضيع معها مواريث أو يتحول البعض إلى إخوة عرفًا فقط لكن الأوراق الرسمية تقول غير ذلك.

 

فصول بلا معلمين

 

حتى مادة الخط العربي لطلاب الصف الثالث الابتدائي لم تعد شفيعًا لتحسين خط الأجيال الصاعدة، بداية من معلمين غير مؤهلين، ومادة مهملة لا يتم التركيز عليها، وهو ما تعرضه «بوابة أخبار اليوم» من واقع أحد المحاضر الرسمية.

 

«خضير البورسعيدي – نقيب الخطاطين وشيخ الخطاطين المصريين» وصف مستوى الخط العربي لدى الموظفين والمعلمين بأنه «ممسوح ولا يتجاوز الصفر»، متهمًا وزارة التربية والتعليم بالتسبب في تراجع الدور الهام لمدارس الخطوط على مستوى الجمهورية، أو بمعنى أصح «وزارة التعليم تحارب الخط العربي».

 

اقرأ حكاية أخرى| النبي محمد «طفلا».. روايات عن بداية الكلام 

 

وقال «البورسعيدي» إن مدارس الخطوط أنشأت في مصر منذ عهد الملك فؤاد، وتحديدًا في سنة 1922 بهدف محو أمية الخط العربي، وجعل الالتحاق بهذه المدارس مفتوحًا لكافة الأعمار؛ لكن في عام 2006 تسبب وزارة التعليم في تدهور حالها، بعد أن فرضت رسومًا دراسية على كل طالب يلتحق بمدارس الخطوط. 

 

وأضاف: «حتى عام 2006 كان لدينا 12 ألف طالب يلتحقون بمدارس الخطوط على مستوى الجمهورية؛ لكن مع تراجع اهتمام وزارة التعليم بها، تراجع هذا العدد كثيرًا، فضلا عن تراجع أعداد مدارس الخط العربي من 340 مدرسة إلى 40 مدرسة خط».

 

أين الخطاطون؟

 

شيخ الخطاطين أكد أيضًا أن وزارة التعليم ترفض تعيين «خطاطين» بالمدارس لأنهم ليسوا «تربويين»، إضافة لرفع المصروفات من 60 جنيهًا إلى 200 جنيه، لينتهي الأمر بـ«بمدرسين ما بيعرفوش يكتبوا أصلا زي مدرسين العربي في مصر».

 

«لك أن تتخيل أن الخطاط الذي يدرس في أي مدرسة خط سعر الحصة الواحدة له 5 جنيه ممكن تتراجع لتصبح 3 جنيهات، يعني 120 جنيهًا في الشهر تقريبًا، رغم أن كل مدرس خط ملم بأنواع الخطوط (الكوفي والنسخ والثلث والديواني والفارسي والرقعة)».

 

اقرأ حكاية أخرى| فن صناعة السفن واليخوت بدمياط

 

وأوضح أن مدارس الخطوط تتبع إدارة التعليم الأساسي بوزارة التعليم، مطالبًا بتدريس مادة الخط العربي لكل تلاميذ مراحل التعليم العام «الابتدائي والإعدادي والثانوي»، وليس بالمرحلة الابتدائية فقط، وكذلك لطلاب الجامعات يجب فرض مادة خط العربي بجميع الكليات.

 

وشدد على أن نقابة الخطاطين تضم 4 آلاف و400 خطاط، بعد أن حصلوا على دراسة لأربع سنوات، مع التأكيد على أن الموهبة ليست ضرورية، مؤكدًا أهمية علاج ما أسماه بـ«التلوث الخطي» للموظفين والمعلمين والطلاب في مصر.

 

تجربة دار المعلمين

 

نقيب الخطاطين طالب كذلك بإعادة تجربة دار المعلمين والمعلمات التي كانت تسمح للمعلمين بالحصول على  دبلومات في الخط العربي، حتى أن حصول المعلم على هذه الدبلومة كان يرفع من قيمة مرتب المدرس وهذا أيضًا تم إلغاؤه.

 

اقرأ حكاية أخرى| أقدم 5 مدن مصرية لا تزال «حية»

 

ولفت إلى أن نقابة الخطاطين كانت تمنح أمناء الشرطة والعاملين بالسجل المدني دورات في الخط قبل ست سنوات، وتوقفت هذه الدورات لأسباب مختلفة، قائلا: «مستعدين لإعادة هذه الدورات». 

 

«بوابة أخبار اليوم» حاولت التواصل مع مستشار مادة اللغة العربية بوزارة التربية والتعليم، والذي تتبع له مادة الخط العربي بالمرحلة الابتدائية، إلا أنه لا يرد على كافة الاتصالات الهاتفية.