«استغلال السلطة» يمهد طريق «أردوغان» نحو القصر الرئاسي

«استغلال السلطة» يمهد طريق «أردوغان» نحو القصر الرئاسي
«استغلال السلطة» يمهد طريق «أردوغان» نحو القصر الرئاسي

شهدت تركيا، اليوم الأحد 24 يونيو، الانتخابات الرئاسية التي يتنافس عليها 6 مرشحين على رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي مهد الفوز لنفسه من خلال التغييرات الدستورية التي منحته سلطات مطلقة والتي استغل محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة لإحداث تلك التغييرات.

 

كانت تركيا قد شهدت في إبريل 2017 استفتاءا تاريخيا حول تعديلات دستورية غيرت نظام الحكم في البلاد، لتنتقل من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، وانتهت نتيجة الاستفتاء بالموافقة على تمرير التعديلات بنتيجة تصل إلى نحو 51.5%.

 

جاءت تغييرات «أردوغان» في أعقاب فشل محاولة الانقلاب العسكرية التي قام بها مجموعة من الضباط في 2016، حيث أرادوا إنشاء مجلس السلم من أجل أن تكون الهيئة الحاكمة في البلد.

 

قام هؤلاء الضباط ببث بيان بعد سيطرتهم على قناة «تي آر تي» الرسمية التركية والذي تضمن خلاله حظر التجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات، وحسب المصادر العسكرية التركية فإن قائدي القوات الجوية والبرية هما من نفذا الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن محرم كوسا، وهو المستشار القانوني لرئيس الأركان هو من خطط للانقلاب.

 

وأمام تلك الأجواء المشحونة، خرج أردوغان ليدعو أنصاره للتصدي لهؤلاء المتمردين غير عابئا بمصير أمته، وبالفعل خرج البعض وقامت اشتباكات بين الطرفين، لكن الأمور في النهاية حسمت لصالح القيادة والنظام، وظهر «أردوغان» وسط ترحيب شعبي، وأعلن عن إنهاء محاولة الانقلاب وتحدث بأن المتورطين سيعاقَبون بغض النظر عن المؤسسات التي ينتمون إليها، وانتشرت التظاهرات «الداعمة للشرعية» في أنحاء تركيا.

 

ولكن هل مر ما حدث مرور الكرام؟، بالطبع لا فأردوغان أبى أن يمر ما حدث دون استغلاله، فقام بتعديلات دستورية وصفت بالكارثية والغير ديمقراطية، أراد من خلالها حماية نفسه ومستقبله السياسي خشية تكرار ما حدث سواء شعبيا أو عسكريًا.

 

وشملت تلك التعديلات ما يلي:

 

أصبح بمقدور «أردوغان» نظريًا البقاء رئيسا للبلاد حتى عام 2029، حيث ينص مشروع الدستور على تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، على أن يشغل الرئيس ولاية من 5 سنوات لفترتين كحد أقصى، وفور البدء بتطبيق التعديلات الدستورية اعتبارًا من 2019، يمكن لأردوغان تمديد البقاء في السلطة حتى عام 2029 بشرط فوزه في الانتخابات الرئاسية.

 

كما يمتلك «أردوغان» الآن بعد تمرير التعديلات سلطات وصلاحيات تنفيذية واسعة للغاية تشمل تعيين وإقالة الوزراء وكبار الموظفين الحكوميين، نقلا عن وكالتي الأناضول وفرانس برس وصحيفة «الحياة».

 

يستطيع الرئيس التركي إلغاء منصب رئيس الوزراء الذي يتولاه حالياً بن علي يلدريم، وتعيين نائب أو أكثر لمساعدته في إدارة السلطة التنفيذية.

 

يحق للرئيس التركي التدخل في عمل القضاء من خلال تعيين 4 أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين، وهو المجلس الذي يملك سلطة التعيينات والإقالات في السلك القضائي، فيما يملك البرلمان سلطة تعيين 7 أعضاء.

 

يذكر أن الدستور الحالي الذي أقر عام 1982، عقب الانقلاب العسكري عام 1980، يضمن استقلالية المحاكم عن أي جهاز أو سلطة أو منصب.

 

كما يحق للرئيس الآن فرض حال الطوارئ حصرًا عند حصول «انتفاضة ضد الوطن» أو «أعمال عنف تهدد بانقسام الأمة»، وسيملك الرئيس تلك السلطة حتى قبل عرض قرار فرض الطوارئ على البرلمان، الذي يستطيع في وقت لاحق اختصار مدة الطوارئ أو تمديدها أو رفعها وفقاً لإرادة النواب.

 

أصبحت المدة الأولية لفرضة حالة الطوارئ 6 أشهر، مقابل 12 أسبوعًا في الدستور الحالي، ويستطيع البرلمان لاحقاً تمديدها بطلب من الرئيس 4 أشهر كل مرة.

 

احتفظ البرلمان بسلطة إقرار وتعديل وإلغاء القوانين والتشريعات والإشراف على أعمال الرئيس. وارتفع عدد أعضاء البرلمان من 550 إلى 600، مع خفض الحد الأدنى لسن النواب من 25 إلى 18 سنة، وتنظيم انتخابات تشريعية مرة كل 5 سنوات بدلاً من 4، بالتزامن مع الاستحقاق الرئاسي.

 

حظى الرئيس بموجب التعديلات الجديد بسلطة إصدار المراسيم الرئاسية حول كل المسائل المتعلقة بسلطاته التنفيذية، ولا يمكن بالمقابل للرئيس إصدار مراسيم في مسائل بت بها القانون.

 

وبالرغم من حالة الاستياء الواسعة التي طالت الأوساط السياسية بعد تلك التعديلات، إلا أنها مرت بموجب استفتاء شعبي وبحسب تبريرات لأردوغان الذي أخذ يدافع عن التعديلات مشددا على أنها ستعطي الحكومة مزيدا من الاستقرار في حربها ضد الأكراد وعناصر تنظيم داعش داخل تركيا وخارجها.