بروفايل| اللواء «باقي زكي يوسف» مدمر خط بارليف

بروفايل| اللواء «باقي زكي يوسف» مدمر خط بارليف
بروفايل| اللواء «باقي زكي يوسف» مدمر خط بارليف

لم يكن صغر سنه وسط  كبار الضباط في حرب 1973، عائقا أمامه حتى يطلق فكرته العبقرية التي ردت إلينا أرضنا وكرامتنا وجعلتنا نقهر العدو الذي تباهى بجبروته، بعد أن دمرنا خط بارليف المنيع باستخدام مضخات المياه لفتح ثغرات ودك حصون إسرائيل، من خلال عبقرية اللواء باقي زكي يوسف، الذي رحل عن عالمنا اليوم السبت 23 يونيو، عن عمر يناهز 87 عاما.


«مولده»

اللواء باقي زكى يوسف، من مواليد 1931 وتخرج في كلية الهندسة جامعة عين شمس، قسم ميكانيكا عام 1954، والتحق بالقوات المسلحة في ديسمبر 1954، وتدرج في القوات المسلحة بجميع الرتب والمواقع المختلفة حتى رتبة لواء، وتم تكريمه بنوط الجمهورية من الطبقة الأولى على أعماله الاستثنائية في حرب أكتوبر.


«خط بارليف»

لم ينسى التاريخ أن اللواء باقي زكى يوسف ياقوت، لواء أركان حرب، مهندس وظابط جيش مصري قبطي، -كان مقدم في الجيش المصري وقت حرب أكتوبر 73 - كان صاحب الفكرة العبقريو بتجريف رملة خط بارليف على الضفة الشرقيه لقناة السويس في حرب أكتوبر 73 حتى يستطيع الجيش المصري أن يمر ويقتحم الدفاعات الإسرائيلية، لتصبح فكرته مفتاح نصر أكتوبر، ومن غيرها كان صعب اقتحام خط بارليف.


«وحي الفكرة»

بعد عبور قناة السويس في 6 أكتوبر 1969 عقد اللواء أركان حرب سعد زغلول عبد الكريم، اجتماعا لمناقشة كيفية العبور والقضاء على خط بارليف، كان الحضور مشكلا من: العميد أركان حرب أبو الفتح محرم، ورئيس العمليات اللواء أركان حرب طلعت مُسلم، رئيس فرع المهندسين العقيد سمير خزام، ورئيس فرع الإشارة العقيد صبحي اليوسف، ورئيس فرع الاستطلاع الرائد عادل زكريا.

 

بدأ اللواء سعد زغلول الحديث؛ بعرض التفاصيل التي لديه، بعدها بدأ كل رئيس تخصص عرض وجهه نظره، منهم من قال: «التغلب على الساتر الترابي يكون بقذفه بالقنابل» ومنهم من قال بـ «الصواريخ المدفعية». ولكن حينما سأل اللواء «زغلول» عن الوقت الذي تستغرقه عملية فتح الثغرات، وجاء الرد بأنه 15 ساعة، هنا ومضت فكرة في ذهن الضابط المهندس باقي زكي يوسف.

 

في عام 1964 كان يقوم باستخدام المياه لتجريف جبال الرمال، باستخدام قوة دفع المياه ينهار أشد الجبال ويتحول إلى حبات رمال تغرق في قاع النهر ليتم سحبها مرة أخري وشفطها في أنابيب خاصة لاستغلالها في أعمال بناء جسم السد، هنا قفزت الفكرة إلى ذهنة فبادر قائلًا: «يا فندم .. ربنا حط المشكلة وجنبها الحل.. لكي نفتح ثغرات في الساتر الترابي علينا أن نوجه مدافع مياه مضغوطة إلى جسم الساتر لتجري رماله إلى قاع القناة».

 

«دهشة الحضور»

ساد الصمت المكان للحظات،  فلا أحد يستوعب إمكانية تطبيق الفكرة على أرض الواقع إلى أن قال «زكي»: «بالمناسبة .. هذه الفكرة تم تنفيذها في السد العالي بأسوان.. حيث رفعنا ربع السد العالي بالتجريف» ليضيف أن «الوضع هنا في القناة سيكون مختلفا، فلن نكون إلا بحاجة لمرحلة واحدة فقط، وهي استخدام طلمبات قوية، تدفع الرمال للغوص في أعماق القناة، يساعد على ذلك الميل الشديد لجوانب الساتر الترابي».

 

أعجبت الفكرة قائد الجيش الثالث فطلب من زكي يوسف، إعداد تقرير فني عن فكرته وكيفية تنفيذها، وقد نال هذا التقرير أعجاب الرئيس عبد الناصر، الذي أمر بدراستها وتجربتها.

 

قام زكى يوسف بتصميم مدفع مائي فائق القوة لقذف المياه، في إمكانه أن يحطم ويزيل أي عائق أمامه أو أي ساتر رملي أو ترابي في زمن قياسي قصير وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية.


«إدارة المهندسين»

قامت إدارة المهندسين بالعديد من التجارب العملية والميدانية للفكرة زادت على 300 تجربة اعتبارًا من سبتمبر عام 1969، حتى تم القيام ببيان عملي في يناير عام 1972 بجزيرة البلاح بالإسماعيلية، حيث تم فتح ثغرة في ساتر ترابي أقيم ليماثل الموجود على الضفة الشرقية للقناة، وعلى ضوء النتائج المرصودة تم إقرار استخدام فكرة تجريف الرمال بالمياه المضغوطة كأسلوب عملي لفتح الثغرات في الساتر الترابي شرق القناة في عمليات العبور المنتظرة.

وتم استيراد طلمبات المياه من انجلترا وألمانيا بحجة استخدامها في عمليات إطفاء الحرائق، والتنمية الزراعية.


وفي يوم 6 أكتوبر، نجحت الفكرة نجاحًا باهر خلال المعركة، فقد تم الانتهاء من فتح أول ثغرة في الساتر الترابي الساعة السادسة من مساء يوم العبور، بعد أربع ساعات، ووصلت الخسائر البشرية إلى 87 فردا وهو أقل بكثير من الحلول الأخرى المقترحة.


«نوط الطبقة الأولى»

وتقديرًا لجهوده تم منح الضابط المهندس زكي يوسف نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى، تسلمه من يد الرئيس الراحل أنور السادات، في فبراير 1974، وتسلم وسام الجمهورية من الطبقة الثانية من الرئيس السابق حسني مبارك، بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة عام 1984.