دراسة إعلامية تكشف «لماذا يعشق المصريون الاستماع للقرآن؟»

الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية بكلية الإعلام جامعة القاهرة
الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية بكلية الإعلام جامعة القاهرة

كشفت دراسة جديدة للدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الإعلام والدراسات الثقافية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، عن فوائد الاستماع إلى القرآن الكريم، ودوره في حياة المصريين خاصة والمسلمين عامة. 


نشرت الدراسة المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال التي تصدرها كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، وهي الدراسة التي يطورها الباحث الآن لتصدر في كتاب يحمل عنوان: (القرآن والناس .. دراسة إعلامية عن الأشواق والأسى).


ركزت الدراسة على الخبرات الشخصية أو الجماعية المستجيبة للنص القرآني المسموع في شكل طقوس يومية واستجابات موقفية تنتظم في حياة المسلم العادي، وهي كدراسة إعلامية بينية لها تقاطعاتها مع دراسات التلقي الكيفية ودراسات الثقافة الشعبية، وجزء منها يرتبط بنمط الإنتاج والاستهلاك الرأسمالي المقبول في مجتمع مسلم.  


وأشارت الدراسة إلى أنه ترتبط خبرة الاستماع إلى القرآن الكريم بمفاهيم البركة والتطهر وطرد الشياطين والأرواح الشريرة والوقاية من الحسد وجلب الرزق، وإسباغ الهدوء والسكينة على المكان الذي يتلى فيه.

 
وذكر أنه ترتبط خبرة الاستماع إلى القرآن الكريم نفسيا بالتطهير بالمفهوم الأرسطي والذي يشمل الاندماج مع النص القرآني لدرجة البكاء وتخليص الجسم من التوتر، بل بالشفاء من الأمراض النفسية والجسدية وتقليل الشعور بالألم إكلينيكيا، وترتبط خبرة الاستماع للقرآن أيضا كنص شعبي ومقدس في آن معا بمفهوم الطرب المستعار من الاستماع للموسيقى والأغاني والذي يعني: أن يكون المؤدي مندمج لحنيا وموسيقيا والتي ترفع المؤدي إلى ذروة من النشوة، وهو ما يتحقق أيضا لدي المستمعين ويتم التعبير عنه بالسلطنة أو الطرب، وهذا لا يحدث إلا في لحظات الاستماع المركز.


وأضافت أيضًا: وذهب البعض للقول بأن هناك تأثيرا لتلاوة القرآن وتجويده على نظام الموسيقى العربية جماليا، حيث ما زال الغناء العربي معتمدا على الميلودي أو اللحن الرئيس، وهو ما يؤديه المطرب الفرد أكثر من اعتماده على تعددية الأصوات أو البوليفونية.


ورأى المؤلف أن أفكار الشرود أثناء تيار الوعي أو الأفكار التي تنتاب المستمعين للقرآن أثناء الاستماع، والتي رصدها عبر نتائج كتابة اليوميات والمذكرات ثم المقابلات المتعمقة، تقدم لنا كنزا حقيقيا من الخبرات الإنسانية التي تأتي أثناء التفاعل مع النص القرآني، فمثلا من الطبيعي أن ينغمس المستمع المبتلى (حالات التروما أو الألم العميق المزمن) في ذاته بحيث تنعكس الآيات المتعلقة بالصبر والرحمة والإيمان على أفكاره فتقدم له معنى لهذا الألم. 


واستطرد: ويؤشر الاستماع على الدور الوظيفي الجمعي للقرآن في حياة المسلمين حول العالم، وكذا على مركزية الثقافة الشفهية في المجتمعات العربية الإسلامية، فالفعل اقرأ في هذه الثقافة مرتبط بالفعل اسمع وهو أمر - في الثقافة العربية الإسلامية - يتعدى القرآن الكريم إلى الشعر والقصص الشعبية وسير الأبطال.


وتابع: وتلاوة القرآن (ومن ثم الاستماع إليه وهو يتلى) ليست شعيرة تعبدية فقط وليست عملا فرديا ولا شخصيا فقط، ولكنها ممارسة اجتماعية تم رصدها عبر قرون الإسلام، وخير الناس على حد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من تعلم القرآن وعلمه، وهي العملية التي يظهر فيها القرآن المقروء بوضوح ومن هنا جاءت ممارسة الاستماع إلى القرآن الكريم.


ويرى الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل أن الدراسات الكيفية هي التي تستطيع رصد الظواهر الإعلامية بعمق مثل لماذا يعد القرآن الكريم بامتياز نصا من نصوص الثقافة الشعبية التي لا غنى عنها في الثقافة العربية الإسلامية كي يستطيع المنتمي إليها مواصلة العيش وتحمل وطأة الوجود وتعقيداته، جنبا إلى جنب مع إدراكه لقدسية ما يسمعه من خلال استبصارات ذاتية لما يمثله القرآن في الحياة اليومية لكل مسلم.