حكايات| بالدبابات والمدرعات.. معركة سياحية مصرية في قاع البحر

سياحة الغوص.. معركة مصرية في قاع البحر
سياحة الغوص.. معركة مصرية في قاع البحر

على جثث السفن الغارقة في البحر الأحمر، يحيى الآلاف من صانعي متعة الغوص، كمحاولة غير مباشرة لتخفيف الضغط من الشعاب المرجانية والأسماك ذات الألوان المميزة، إذ تمثل الآن رياضة الغطس عنصر الجذب السياحي الأول بالمنطقة.

 

أرقام رحلات الغطس و«السنور كلينج» تتحدث عن استحواذها على 60% من الدخل السياحي القادم للبحر الأحمر، ولا يختلف أي متابع لهذا القطاع على أن الغوص أكثر أنواع السياحة المربحة بالعملة الصعبة، ومن هنا بدأ التوجه نحو إنشاء متاحف للغوص في قاع البحر بإغراق السفن المتهالكة والمعدات الحربية المتهالكة.

 

الغوص على حطام السفن

 

الدكتور محمود حنفي، أستاذ علوم البحار بجامعة قناة السويس، لفت إلى أن عدد الرحلات البحرية اليومية والسفاري بالبحر الأحمر أصبح كبير جدًا، ما سبب ضغطًا كبيرًا على أماكن الغوص والشعاب المرجانية فكان لابد من مخرج لتلك الأزمة؛ حفاظًا على تلك الثروات، فتم التوافق على تقليل نسب تراخيص اللنشات السياحية. 

 

من هنا حلت فكرة الغوص على حطام السفن الغارقة كحل سحري للمنطقة، وتحديدًا عبر رياضة الغوص، حيث أن عدد الغطسات على كل مركب من تلك المراكب الشهيرة الغارقة قد يصل إلى 150 ألف غوصة سنويًا بمعد 50 دولارًا على الأقل كتكلفة كل غوصة مما يشير إلى معدل وعائد اقتصادي ممتاز.

 

ويفترض أن يكون الغوص في كل موقع من مواقع حطام السفن لا يزيد على 18 ألف غوصة سنويا كي لا يتم إرهاق تلك الأماكن والحيود المرجانية التي تتكون على جسد السفن الغارقة، وأصبح من الضروري تخصيص مواقع غوص جديدة.

 

إغراق سفن تالفة

 

ولجذب السياحة، تتجه بعض الدول إلى إنشاء حيود مرجانية عبر إنشاء مواقع غوص جديدة بإغراق سفن تالفة في أعماق مناسبة لضمان الغوص بها، وإنشاء الحيود عليها، فعلى مدار السنوات الأخيرة اتجهت الحكومات والمنظمات البيئية حول العالم إلى إغراق معدات حربية وطائرات وأحيانًا قطارات خرجت من الخدمة لخلق مواقع غوص جديدة.

 

وأثبتت الحيود المرجانية الاصطناعية قدرة على خلق مأوى للعديد من الكائنات البحرية وجذب ممارسي رياضة الغوص، خاصة محبي غوص الحطام، وانشغل أيضًا الفنانون بصنع التماثيل والأعمال الفنية التذكارية لتصبح مزارات تحت الماء تزينها الحياة البحرية. 

 

«هيبكا» جمعية متخصصة في الحفاظ على البيئة قدمت مقترح مشروع بإنشاء حيود مرجانية صناعية باستخدام معدات تم تكهينها من عربات مصفحة وناقلات جنود ودبابات وسيارات قديمة بغرض خلق مواقع غوص جديدة.

 

20 ألف غوصة

 

ويهدف المشروع بمضمونه إلى تخفيف الضغط على الحيود المرجانية الطبيعية التي تتعرض للاستخدام المفرط وخصوصا في المنطقة البحرية أمام مدينة الغردقة؛ حيث وصلت مواقع الغوص إلى أكثر من 200 ألف دولار، مثل موقع غوص الجفتون الصغير وقطعة أبو رماد مما تسبب في تدهور حالة الحيود المرجانية والتي يجب ألا تتعدى  20ألف غوصة سنويًا.

 

هبه شوقي المدير التنفيذي لـ«هيبكا» ترى أن إغراق مثل هذه المعدات لن يخلق مواقع غوص جديدة وحسب بل في القريب العاجل تصبح حيود مرجانية صناعية، حيث سينمو عليها الشعاب المرجانية وستقطنها أنواع عديدة من الأسماك واللافقاريات وستساهم في زيادة المخزون الطبيعي للأسماك.

 

سبعة مواقع أمام مدينة الغردقة حددتها «هيبكا» كمواقع مناسبة لإغراق معدات عسكرية، وتتبنى المرحلة الأولى إغراق 15 قطعة من المعدات العسكرية المكهنة في ثلاث مواقع كمرحلة أولى لهذا المشروع.


عدد من أصحاب مراكز الغوص تمسك بأن حطام السفن والمراكب الغارقة من أهم عناصر الجذب باعتبارها من أكثر الأماكن التوفر بها أسماك، خصوصًا كبيرة الحجم فكثير من تلك السفن تكونت عليها الشعاب المرجانية بسبب طول فترة بقائها تحت قاع البحر وتحولت إلى متاحف يحب زيارتها للخروج من رتابة الغوص العادي، ولعل «جلاس فيش» أحد أبرز أنواع الأسماك المتوفرة بكثرة في مناطق حطام السفن.

 

«سسلجورم».. حاملة الأسلحة الغارقة 

 

والآن توجد أربع سفن غارقة شمال مدينة الغردقة، وتحديدًا أمام جزيرة شدوان، وبجوار شعاب «أبو نحاس» المرجانية والتي كانت السبب وراء غرق السفن الأربع ومع مرور الزمن تكون على ركام تلك السفن شعاب مرجانية ضمت عددا من الأنواع النادرة من الأسماك.

 

وهناك كذلك سفينة سسلجورم البريطانية، والتي غرقت بعد عامين من تصنيعها بقذيفة ألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، وغرقت وهي محملة بالبنادق والذخائر وقطع غيار الطائرات واللنشات والسيارات والموتوسيكلات والدبابات الحربية لتسليح الجيش الثامن البريطاني بمنطقة جنوب المتوسط.