رئيس شبكة القرآن الكريم: لسنا «إذاعة مطبخ» .. ونعمل بقوة لمكافحة التطرف

جانب من الحوار
جانب من الحوار

- أحببت «الراديو» فى طفولتى.. و«الكنافة البلدى» جائزة الصيام

تتجمد مؤشرات الراديو فى بيوت معظم المصريين عند «إذاعة القرآن الكريم»، لمتابعة المصحف المرتل بأصوات الخمسة الكبار، أو للاستماع إلى خواطر الشيخ الشعراوى، أو لمتابعة «بريد القراء» أو «دقيقة فقهية» أو «ومضة تفسيرية» أو غيرها من البرامج التى تحتفظ للأذن الواعية بمكانتها فى ساحة المعرفة، كما تحفر عميقا فى الشخصية المصرية وتترك علامات بارزة فى المستمعين، رغم طغيان الصورة.. فى هذا الحوار مع د. حسن سُليمان رئيس شبكة القرآن الكريم نتابع أهم الآليات التى تقوم عليها هذه الإذاعة المهمة:


 ونحن فى أيام «العتق من النار».. ما أهم الذكريات التى تبقى عالقة بذهنك عن رمضان القديم وصيامك الأول؟

- هذا سؤال أعادنى إلى الوراء خمسين عامًا، حين كنتُ فى سن الصبا بالمرحلة الابتدائية، تقريبًا بالصف الرابع الابتدائى فى عُمر السنوات التسع، حيث أتممت صيام الشهر كاملا، رغم أن البداية كانت بالصف الأول ولكنه كان صيامًا متقطعًا، حيث كان نوعا من عادة تقليد الكبار، ولكنه تحوّل بعد ذلك إلى لون من العبادة لأننى كنت أرى أهلى يتعاملون مع شهر رمضان معاملة خاصة وقت المغرب ووقت السحور، تصطحبنا فى ذلك أصوات كبار القراء وعظماء المبتهلين.. ومع الراديو نعيش مع أحسن القصص وألف ليلة وليلة، وكل هذا جعلنى وثيق الصلة وشغوفا لانتظار شهر رمضان لأن له طقوسا خاصة لا تتوافر فى أى شهر آخر.


كنافة وقطايف!
وهل كان الترغيب فى الصيام يعتمد على مكافآت من الأطعمة والأشربة؟

- بالطبع، فلن أنسى كيف كنا نسعد بتلك اللحظات التى نلتف فيها حول الموقد الذى تصنع عليه أمى «القطايف» اللذيذة، و«الكنافة» البلدى الموسمية الرمضانية التى لم نكن نأكلها سوى فى هذا الشهر الكريم لأنها وثيقة الصلة به، وما زلت أتذكر طعمها حتى الآن.


 يعتقد البعض أن إذاعة القرآن الكريم تعتمد فى برامجها على المواسم الدينية فقط.. ما قولك؟
- هذا غير حقيقى، حيث إننا نعمل على تنويع برامجنا الموسمية مع إنشاء برامج جديدة فى كل مناسبة، وهذا طبيعى جدا، ونحن مثلا قد غيرنا برامجنا كلها لتتوافق مع شهر رمضان، ثم تليه مناسبة الحج، ثم الهجرة النبوية، وهكذا، فنستعد لهذه المناسبات ببرامج كاملة بالإضافة إلى البرامج الخاصة التى نتناولها بأفكار جديدة تتوافق مع المناسبة الجديدة.. أى أننا ننشئ برامج جديدة ونطوع البرامج القائمة بالفعل، كما أننى أحاول البحث بعين دقيقة عما يفيد المستمع، خاصة أن هناك قنوات تبلبل الفكر، لأمنح مستمع القرآن الكريم الفكر النقى السليم وعليه هو أن يقتنع بهذا وألا يلتفت إلى ما عداه.


ما أهم الآليات التى تتخذها إذاعة القرآن الكريم لدعم الفكر الأزهرى الوسطى؟
- الحقيقة أن اذاعة القرآن الكريم تسير دائمًا على الجادة، ونعتمد فى برامجنا على الدين الوسطى، ومهمتنا تتمثل فى كيفية الوصول بالمستمع إلى صحيح الدين الذى لا يحمل أى لون من التطرف أو الغلو، كما أننا نخاطبه بالطريقة السهلة البسيطة التى يستطيع استيعابها بسهولة بعيدًا عما تمتلئ به الكتب من معلومات لا يفهمها إلا المتخصص فقط.


 وهل يُعد هذا كافيًا لتتوافق هذه الإذاعة المهمة مع متطلبات الواقع المجتمعى؟
- لا يوجد حدث يقع فى المجتمع إلا وتنبرى إذاعة القرآن الكريم بتغطيته كاملا ومعالجته من كل زواياه، بل وتخصيص فترات مفتوحة يتحدث بها المتخصصون عن أسباب الحدث وطرق علاجه.. كما أننا نعتمد على دعائم ثلاث: الأزهر الشريف، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، بالإضافة إلى بعض علماء الجامعات المصرية التى تمتلئ بالكفاءات القادرة على إفادة المستمع بالثقافة والفكر الدينى العالى بطريقة سهلة وميسورة، مع تطعيمهم بشباب العلماء حتى يكون هناك انسجام فكرى مع طبقة الشباب من المستمعين لاجتذابهم إلى البرامج الدينية.


الدين المعاملة
القرآن الكريم ليست إذاعة للمسلمين فقط وإنما للمصريين جميعا.. كيف تؤكدون هذا الطرح؟

-هذه نقطة مهمة جدا، لأن الفترات المفتوحة التى نتحدث فيها عن مخاطبة الآخر نقصد بها تمامًا التعامل مع كل شيء على ظهر الأرض، مسلما أو غير مسلم، إنسانا أو غير إنسان، فالدين المعاملة، لذلك ندعم فكرة التعامل مع خلق الله، وبالتالى فإن الفترات المفتوحة التى تغطى أى أحداث من هذا النوع خاصة الأحداث الإرهابية، تخاطب المسلم وغير المسلم وتركز على دعم المواطنة، وكذلك كل اللقاءات التى تجمع الإمام الأكبر مع قداسة البابا تتم إذاعة اللقاء كاملا بما فيه كلمة البابا تواضروس بجوار كلمة د. أحمد الطيب، حتى نُظهر للمستمع تلك المودة التى تجمع بين الأديان فى وطن واحد ومحبة دائمة وتكاتف فى الأفراح والأتراح.


ازدياد التطرف يُقابله دائما نقص فى التوعية الدينية.. ما دوركم لتجنب هذا النقص؟
- دعم هذه القضايا التوعوية ليس أساس برامجنا المفتوحة فقط، وإنما كل فقراتنا وبرامجنا الأخرى، لأننا لسنا إذاعة دينية فقط وإنما تربوية وأخلاقية أيضًا، تُعلم المسلم وغير المسلم كيفية التعامل بدماثة خلق، ويأتى هذا استجابة لحض إسلامنا الحنيف على المعاملة الطيبة مع الجميع، مسلمين أو غير مسلمين، تلك المعاملة التى تجمع ولا تُفرق وتدعم أواصر الوطن والأمن القومي.


 هل جارت (الصورة) على حق الأذن المستمعة إلى راديو القرآن الكريم؟
- دائمًا تتصدر إذاعة القرآن الكريم نسب الاستماع الإذاعى، ويتضح من خلال إدارة بحوث المستمعين أننا، رغم المنافسات الشديدة مع الفضائيات، قد سحبنا البساط تماما من المحطات الإذاعية والفضائيات المتنافسة، بحيث لا تستطيع أى قناة أو إذاعة الادعاء بأنها تأخذ منا أحد مستمعينا،لأن المستمع الذى يتابعنا لن يجد ضالته إلا فيما نقدمه.


إذاعة المطبخ!
 ولكن البعض يتهمكم بأنكم إذاعة «المطبخ» لتسلية النساء.. أو أنكم «بَرَكة» فى البيت لوقايته من الشيطان.. ما ردك؟

- هذا غير حقيقى، فالقرآن الكريم ليست إذاعة المطبخ وحده وإنما إذاعة المكتبة والصالون وغرف النوم وكل مكان بالبيت، كما أنها إذاعة المساجد والمقاهى والسيارات والمحلات، وإذاعة كل الأماكن وكل الفئات لما تقدمه من جهد تنويرى وثقافى ودينى، ولكن فى معظم البيوت المصرية يكون أغلب وقت المرأة بالمطبخ وهى لا تريد إضاعة فرصة واحدة تستطيع فيها الاستفادة من إذاعتنا، وهذه شهادة لنا لا علينا.


 ولكن ألا ترى أن برامجكم تقتات على تراثنا القديم من القراء والمبتهلين دون تقديم الأجيال الشابة؟
-هناك أجيال مختلفة من القراء والمبتهلين والدعاة يتم الاعتماد عليهم فى برامجنا، والمستمع يُلاحظ دائما أننا نُطعم المشايخ الكبار بآخرين من الأجيال الجديدة، بالإضافة إلى أن هناك لجنة تُسمى «اللجنة الفرعية للقراء والمُبتهلين» تنتقل دائمًا إلى المحافظات كلها بحثًا عن النوابغ من القراء والمبتهلين، وبالفعل خرجنا بحصيلة طيبة جدا، وهؤلاء يتم تأهيلهم لإسعاد مستمعى القرآن الكريم.