حكايات| من «البنتيرة» للدولارات.. قصص أبناء «ميت بدر حلاوة» في بلاد الفرنجة

ميت بدر حلاوة
ميت بدر حلاوة

قرية محسودة على حلاوتها، فمن مبانيها المُطعمة ببصمات معمارية مميزة، إلى أراضيها الخصبة بإنتاج الموالح، باتت «ميت بدر حلاوة» تجسيد حرفي للحلم الأوروبي على أرض مصرية.

على أرض القرية الواقعة في سمنود بالغربية، يسكن 45 ألف مواطن، وتحظى تجارة الأخشاب بمكانة مميزة فيها، لكن مع منتصف ثمانينيات القرن الماضي، تحولت الأمور فيها؛ إذ لم يكتف شبابها بذلك بل سارعوا إلى رحلات الهجرة الشرعية وغير الشرعية «أفواجًا»، متدفقين على أوروبا، وخاصة فرنسا بحرًا وجوًا.

الحي الباريسي

أكثر من15  ألف شاب مصري ينتشرون في باريس حتى يردد البعض «ميت بدر حلاوة» على أحد أحياء العاصمة الفرنسية، كما أطلقوا على أحد شوارع القرية «حي باريس»، كونها حدوتة ريفية على الطراز الأوروبي، حيث حولت العملات الأوروبية مباني القرية البسيطة في سمنود إلى مجموعات متراصة من الفيلل والقصور.

اقرأ حكاية أخرىأقدم 5 مدن مصرية لا تزال «حية»

تضم أربعة مولات تجارية، إلى جانب محلات بيع المشغولات الذهبية والملابس والأحذية، لكن ما يلفت الانتباه هو ظاهرة انتشار المطاعم الفاخرة والسوبر ماركت التي تشتهر بها المدن الكبرى، بجانب الكافيهات الخمس نجوم، وفيها تقدم المشروبات الفرنسية الشهيرة، ويجتمع فيها الضباط والمهندسون وشباب القرية العائدون من إجازاتهم بفرنسا.

شبكة بمئات الآلاف

أمام هذا المستوى الاقتصادي لأبناء القرية، لم يعد هناك سقف محدج لشبكة العروس، والتي تصل في بعض الأحيان لمئات الألوف من الجنيهات، وهنا يقول عبد الرحمن محمد من أهالي القرية، إن هذا الاسم من أيام الفتوحات الإسلامية، حيث جاءت مجموعة من الصحابة ونصبوا ما يقرب من مائة خيمة فبدأ الناس مع عددهم القليل يتساءلون: لماذا 100 «بدر» - البدر يعني الخيمة - فأطلقوا على القرية ميت بدر، أما حلاوة فجاءت نسبة لأن أهل القرية تتميز بالجمال وحلاوة اللسان.

اقرأ حكاية أخرى| مُتعة أهل أسوان مع «الديو والويكة»

يضيف عبدالرحمن: «بدأ شباب القرية السفر إلى فرنسا منذ عام 1970 ، وعملوا في (البنتيرة) أي الدهان بالزيت، وبعد ذلك توالى السفر وكانوا يتعاملون بالإشارة إلى أن تعلموا اللغة، وبدأوا يقننون أوضاعهم بالزواج من الفرنسيات أو التونسيات والجزائريات والمغربيات، ممن يحملن الجنسية الفرنسية للحصول على الإقامة ومن أجل الاستقرار والحصول على لقمه العيش».

أسعار خرافية للأراضي

في ظل عدم وجود ظهير صحراوي لقرية ميت بدر حلو، دخلت المضاربة في أسعار الأراضي بالقرية، فيقول محمد أكرم إن بعض المناطق يصل سعر المتر فيها إلى 4 آلاف بما يعنى أن سعر القيراط 700 ألف جنيه، وعلى الطريق المتر بـ12 ألفًا، ما يعني أن القيراط بمليونين و100 ألف جنيه، ويتم بناؤه على أحدث طراز ويتكلف ما بين ثلاثة إلى أربعة ملايين جنيه، وكل شخص في القرية يمتلك ما بين 50  و60  فدانًا.

ويروي عبد القادر محمد قصص وصول أول أفواج من أبناء القرية إلى فرنسا، قائلا: «أول بداية السفر من ميت بدر لفرنسا كانت في أواخر السبعينيات، بمجموعة أفراد لا تتعدى أصابع اليد، وبدأ السفر بأعداد كبيرة في أوائل التسعينيات، وكل مسافر إلى باريس يستقبله شقيقه أو أحد أقاربه هناك، والجيل الأول استقبل الجيلين الثاني والثالث، حتى وصل عددنا هناك ما يقارب ١٥ ألف شخص من ميت بدر، ويرأس الجالية المصرية في فرنسا الحاج صالح فرهود من ميت بدر».

اقرأ حكاية أخرىأكل العيش بـ«نصف أصابع»

وأضاف: «أنا متزوج من مصرية، وأخي تزوج فرنسية، وطريقة الزواج تختلف من مصرية لأجنبية، فالزواج من قرية ميت بدر غالٍ نوعًا ما مقارنة ببلاد أخرى، فالزواج من مصرية مكلف جدًا للعريس، أما الزواج من أجنبية، فكلاهما يساعد الآخر وهو زواج عادي غير مكلف».