«الإصلاح الاقتصادى» يجنى ثماره.. تحرير سعر صرف الجنيه البداية الحقيقية

«الإصلاح الاقتصادى» يجنى ثماره.. تحرير سعر صرف الجنيه البداية الحقيقية- ارشيفية
«الإصلاح الاقتصادى» يجنى ثماره.. تحرير سعر صرف الجنيه البداية الحقيقية- ارشيفية

 مضى 18 شهرًا على القرار التاريخي الذي اتخذه البنك المركزي المصري، برئاسة طارق عامر، الخاص بـ«تحرير سعر صرف الجنيه المصري» تحريرًا كاملاً أمام العملات الأجنبية للمرة الأولى في تاريخ مصر.

واستهدف البنك المركزي المصري، من تحرير سعر الصرف كإجراء إصلاحي؛ معالجة التشوهات الموجودة في سعر الصرف، والقضاء على السوق السوداء للعملة، وبناء ما فقدته مصر من فوائض ومدخرات في الاحتياطي الأجنبي، وتوفير العملة الأجنبية والذي ظهر واضحًا في ارتفاع الاحتياطي النقدي بالبنك المركزي بقيمة بلغت نحو 18.349 مليار دولار خلال الفترة من أكتوبر 2016، وحتى أبريل 2018 ليسجل 44.02 مليار دولار وهي أعلى مستويات سجلها الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في البنك المركزي. بخلاف ارتفاع الاحتياطي الأجنبي في البنوك بقيمة بلغت 10 مليار دولار، بجانب توفير نحو 80 مليار دولار من فاتورة الواردات، وتحقيق 19.3 مليار دولار فائضًا في ميزان المدفوعات.

وبعد مرور عام ونصف على القرار التاريخي بتحرير سعر الصرف .. نحلل الوضع الاقتصادي لمصر قبل إجراء التعويم وتحديدًا بداية من تولي طارق عامر مسئولية البنك المركزي المصري في نوفمبر 2015.

ونرصد في تحليلنا المؤشرات الاقتصادية في مصر بعد التعويم، والمستهدف تحقيقه في 2018. حلول جذرية تولي طارق عامر مسئولية البنك المركزي في نوفمبر 2015، بعد 5 سنوات من تدهور ميزان المدفوعات وعجز الموازنة، الأمر الذي أدى في النهاية المطاف لفقد جزء كبير من الاحتياطي النقدي وصرف ما يتجاوز الـ 600 مليار دولار أنفقتهم مصر خلال الـ 7 سنوات الماضية لمواجهة متطلبات المواطنين دون وجود غطاء نقدي؛ لذلك قدم البنك المركزي، اقتراحا لوضع حلول جذرية لمعالجة الاختلالات النقدية وليس وضع حلول مؤقتة لتسكين الوضع.

تصحيح أوضاع السياسة النقدية

وبدأ البنك المركزي يتحرك في اتجاه تصحيح أوضاع السياسة المالية والنقدية، وكانت باكورة القرارات؛ هي قرار البنك المركزي بزيادة الحد الأقصى للإيداع بالعملات الأجنبية في البنوك للسماح باستيراد السلع والمنتجات ومستلزمات الإنتاج في يناير 2016، أعقبها مجموعة من الإجراءات لإزالة القيود على حركة الدولار والعملات الأجنبية؛ استعدادًا لإجراءات هيكلية لحل مشكلة سعر الصرف من جذورها، بعد موافقة القيادة السياسية «الرئيس عبد الفتاح السيسي» على وضع برنامج إصلاح اقتصادي مصري قوي مدته 3 سنوات، وتم التنسيق مع وزارة المالية بعد إجراء العديد من المشاورات مع المستثمرين الأجانب الراغبين في الاستثمار بمصر والذين طالبوا بإجراءات هيكلية، وبعد ذلك بدأ التشاور مع صندوق النقد الدولي كضامن للبرنامج الاقتصادي المصري ومصداقيته أمام العالم مع وضع جدول زمني لتنفيذ البرنامج.

بدأت الإصلاحات الهيكلية، بقرار البنك المركزي في 14 مارس 2016، بتحريك سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية بقيمة 112 قرشًا، وصاحبه رفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض؛ للحد من آثار تخفيض قيمة الجنيه التضخمية، ولكن ذلك لم يكن كافيا، وواصل الدولار رحلة صعوده أمام الجنيه حتى بلغ ذروته في سبتمبر 2016 ووصل سعره في السوق الموازية 20 جنيهًا في الوقت الذي كان يباع في البنوك بـ 8.85 جنيه، وبلغ التضخم 13.5%، لأن هذا القرار كان يجب أن تصاحبه مجموعة أخرى من الإجراءات وهو ما لم يتم؛ مما أدى لتفاقم الأوضاع ولم يكبح زمام الدولار ، لذلك تم التشاور مع عدة جهات في الدولة لتنفيذ برنامج متكامل لضمان نجاح الإصلاح الاقتصادي. 3 نوفمبر 2016 بداية الإصلاح قامت بعثة من البنك المركزي المصري، بتقديم تقرير لصندوق النقد الدولي، عن برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وتمت الموافقة على منح مصر قرض قيمته 12 مليار دولار لدعم الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي، بعد قيام البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية تحريرًا كاملًا في 3 نوفمبر 2016، وتبعه إعلان الحكومة تخفيض الدعم على المحروقات وأسعار الكهرباء،

وكان لدى قيادة البنك المركزي، توقعًا لما سيحدث سواء إيجابيًا أو سلبيًا، والمفاجأة أن نتائج الإصلاح كانت إيجابية بالنسبة للتدفقات المالية والنقدية التي بلغت 100 مليار دولار خلال العام ونصف الماضية في صورة تدفقات مالية أجنبية مباشرة كالاستثمارات الأجنبية، وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، ودخل قناة السويس، واستثمارات غير مباشرة في أدوات الدين من سندات وأذون الخزانة. 2017 عام الصعوبات شهد عام 2017 آثارًا إيجابية في ميزان المدفوعات ككل، وتراجع العجز في ميزان المعاملات الجارية بنسبة 64% في النصف الأول من العام المالي 2017/2018 ليسجل 3.4 مليار دولار، مقارنة مع عجز 9.4 مليار دولار قبل عام، كما ارتفعت إيرادات السياحة في 2017 ، بنسبة 123.5% بالمقارنة بعام 2016 ، لتسجل 7.6 مليار دولار، بالإضافة لـ 79 مليار دولار حصيلة تنازلات المصريين عن العملة الأجنبية، وارتفاع تحويلات المصريين العاملين بالخارج لـ 34 مليار دولار خلال الفترة من نوفمبر 2016 وحتى أبريل 2018، بالإضافة إلى تراجع الواردات وارتفاع الصادرات لبعض القطاعات، كنتيجة أساسية لارتفاع سعر الصرف، وإعادة ضخ الغاز للمصانع نتيجة التزام البنك المركزي بدفع مستحقات الشركات الأجنبية علما بأن باقي المستحقات لا تتجاوز الـ 2.3 مليار دولار، سيتم سدادها بالكامل في 2018، ومع بداية 2019 لن تكون هناك مستحقات للشركات الأجنبية .

3 مهام للمجموعة الاقتصادية لجني الثمار

تستهدف وزارة المالية في 2018، تحقيق فائض أولي لأول مرة منذ 10 سنوات بالموازنة العامة للدولة؛ بما يؤدي إلى تحقيق طفرة وتغير جذري في نظرة المستثمر الخارجي لمصر، خاصة وأنه من المقرر إجراء انتخابات الرئاسة في منتصف 2018، وفي حالة استمرار مصر في تنفيذ برنامجها للإصلاح الاقتصادي؛ مما يعطي رسالة قوية للعالم الخارجي أن مصر جادة في خطوات الإصلاح الاقتصادي التي بدأتها في 3 نوفمبر 2016 . وينتظر من وزارة الاستثمار، القيام بدورها في جذب المستثمرين من القطاع الخاص محليًا وأجنبيًا، خاصة بعد اعتماد لائحة الاستثمار، وقيام الدولة بإنشاء بنية أساسية ضخمة من طرق وكهرباء وغاز ، بجانب مجموعة من التشريعات، من المتوقع أن تؤدي إلى انطلاق القطاع الخاص في الاستثمار.

كما يستهدف البنك المركزي، تخفيض الدين العام الخارجي، وتخفيض التضخم لـ 13% وهي معدلات ما قبل التعويم، ولذلك يعمل البنك المركزي بصورة دورية مع البنوك وهذا يشمل القانون الجديد لإحكام الرقابة والتوسع في تمويل مشروعات القطاع الخاص؛ وخاصة الصغيرة، والمتوسطة، ومتناهية الصغر، والتأكد من تطبيق البنوك لمعايير بازل "3" والتي تتضمن كفاية رأس المال والسيولة، ليكون للبنوك رأسمال قوي، كما يسعى البنك المركزي؛ للتوسع في تطبيق الشمول المالي بهدف جذب فئات المهمشين ماليًا إلى فتح حسابات بنكية؛ للقضاء على ظاهرة النصب وتوظيف الأموال .