عباس شومان: «المشاهد مش عاوز كده» ولسنا ضد الفن والإبداع | حوار

د. عباس شومان وكيل الأزهر
د. عباس شومان وكيل الأزهر

أقول لصناع الدراما: ارتقوا بالأخلاق ولا تعلموا الشباب البلطجة والإرهاب

يركز د. عباس شومان وكيل الأزهر على مهمة الفن والإبداع والإعلام فى الارتقاء بالاخلاق، وتعليم الناس ما هو مفيد خاصة فى شهر رمضان، بدلا من التحجج بعبارة «المشاهد عاوز كده» لضخ سيل من المسلسلات والأفلام، التى تعلم الناس العنف وتمجد البلطجية وتجار المخدرات وتجعل منهم أساطير وكأنها تقول للشباب والمراهقين: كونوا مثلهم.. ويسترجع فى حواره مع «ايام وليالى رمضان» بعضا من ذكريات الشهر الفضيل، خاصة ما تعلق فى ذاكرته فى وقت الصبا من سماع نبأ الانتصار فى حرب أكتوبر 73 على العدو المحتل، ويتحدث متعجبا كيف حولنا شهرا هدفه تحقيق التقوى عبر السمو بالروح والبعد عن مطالب الاجساد إلى موسم للطعام والإسراف والتبذير؟..


 فى البداية كان السؤال: حدثنا عن رمضان القرية والفرق بينه وبين رمضان الآن؟


- رمضان له مذاق خاص بكل تأكيد بين الأهل والأصدقاء فى القرية حيث تختلف العادات والتقاليد عن المدينة كثيرا فرمضان القرية يبدأ من اجتماع الأسرة على الإفطار والسحور ويتميز بكثرة التواصل والزيارات واللقاءات فى المساجد وسهرات القرآن الكريم والاستماع اليه فى معظم البيوت أو الأماكن الخاصة بالعائلات والتقرب لله فى كل العبادات والمعاملات.


هل تتذكر فى أى سن بدأت الصيام؟


- بدأت مبكرا ولكن لا أتذكر تحديدا فى أى الأعوام ولكن بصفة عامة الاطفال لدينا يبدأون الصيام مبكرا وأتذكر انتظارنا صغارا لغروب الشمس حيث للإفطار فى الصعيد معنى مختلف نظرا لحرارة الجو والجميل ان الأطفال يحرصون على الصيام دون توجيه من الآباء لكنهم يصرون على الصيام مبكرا إحساسا منهم بالذات وأن لهم قيمة، فرمضان فى الصعيد يختلف كثيرا عن الصيام فى المدن، بما فيها من مظاهر متسارعة للحياة جعلت أفراد الأسرة يلتقون عبر وسائل التواصل أكثر من اللقاء فى المنازل. فالحياة فى ظل الريف أفضل وأكثر روحانية.


طقوس رمضان
ما طقوسك الرمضانية الآن وهل اختلفت عن الماضي؟


- لكل مرحلة ما يناسبها.. فى المراحل السابقة كعادة أى مسلم صائم بعد انتهاء عمله أبدأ فى قراءة القرآن وأتوجه بعد تناول الإفطار لصلاة التراويح، لكن الآن كثير من هذه الطقوس لم أعد أمارسها نتيجة ضغوط العمل الذى يستغرق معظم الوقت فى رمضان وغير رمضان أضف إلى ذلك كثرة الرسميات والاحتفالات التى تجعل من الصعب أن أمضى وقتا طويلا مع الأسرة فهذه المستجدات بما تحملها من ضغوط تؤثر على حياة المسئول. ومن المواقف التى مازالت متعلقة فى ذهنى حتى الآن ولا يمكن أن أنساها عندما كنا أطفالا وذهبنا للمدرسة فوجدنا الدراسة معطلة، ولما سألنا أخبرونا بأن الحرب بيننا وبين الكيان الصهيونى قد بدأت، فعدنا للبيوت وبدأنا نستمع للراديو مع الكبار باهتمام شديد وكنا نلتف معهم حول سماع الإذاعات، فهذا موقف محفور فى ذاكرتى لا يمكن أن أنساه وهو ذكرى انتصارنا على هذا الكيان الصهيونى الذى مازال يغتصب أرض فلسطين حتى اليوم.


ما الرسالة التى تحب أن توجهها لصانعى الدراما؟


- الدراما الرمضانية والاعمال الفنية بصفة عامة لها قبول كبير لدى النفوس، لذلك يقبل عليها الصغار والكبار يتابعون أوقاتها ويعرفون مواعيدها أكثر من مواعيد الصلاة، وهذا الحب الفطرى للنفس البشرية يجب أن يستغل من خلال المادة، التى توجه للمتلقى فإذا تم استغلال هذا الاقبال ووجهت الأعمال بصورة جيدة سيكون هذا مفيدا جدا، لذلك يجب أن يتم استغلال المادة الفنية التى يروج لها واختيار موضوعات جيدة بشكل يفيد المجتمع والوطن.. وقد قلنا مرارا وتكرارا إن الأزهر ليس ضد الفن والإبداع أو الدراما ويؤمن بأن الفن بصفة عامة يمكن أن يرتقى بالذوق العام والمشاعر ويستعيد كثيرا من الذوق العام والأخلاق التى افتقدناها فى الفترة الأخيرة، لكن مع ذلك هو سلاح ذو حدين اذا استخدم بضوابطه الهادفة يمكن أن يتفوق على الجهود الفكرية التى تقوم بها مؤسسات كبرى، أما إذا استخدم استخداما يخالف الضوابط فسيؤدى إلى الكثير من الانهيار الفكرى والأخلاقي، فمن المعروف ان رمضان شهر عبادة يجب أن تقدم فيه أعمال تليق بما يحمله الشهر الكريم من نفحات، نحن نحتاج لأعمال تخدم الجانب الروحى وتدعو للوحدة والألفة، تصحح الأخلاق التى دمرت فى المجتمع تستعيد التاريخ الإسلامى فهناك أعمال تاريخية مميزة ولدينا الكثير من التراث وسير العظماء ونحتاج أن نحييها من جديد، فالدراما مهمة لكن يجب أن يكون لها هدف وليست للتسلية والترفيه والجنوح إلى ما لا يجوز فى رمضان أو غير رمضان من خلال الهدف يمكن أن نقدم التسلية والترفيه نخرج من رمضان بأفكار جيدة بدلا من ان يعلق فى أذهاننا أفكار وألفاظ لا تليق بمجتمعنا.


المشاهد مظلوم
«المشاهد عاوز كده» مقولة يتحجج بها المنتجون لأعمال هابطة، ما رأيك فى المقولة؟


- يجب علينا جميعا الإحساس بالمسئولية والاعتزاز بثقافتنا وحضارتنا وتميزنا وتاريخنا وعدم الجرى خلف ما أراه مقولة ليست منضبطة «المشاهد عايز كده» واعتقد أن المشاهد فرض عليه ذلك، فلو قدمنا له أعمالا تليق بها سيقبل عليها وسيرتبط بذلك كل أفراد الأسرة وقديما تم تقديم أعمال درامية وتاريخية هادفة ارتبطت بها أسر كثيرة، أما اليوم فالأسر تخشى أن تجلس وتستمع لدراما بها ألفاظ يستحى منها الآباء والأبناء وهناك خوف من أن تتسرب إلى البنات، فإذا احترمنا المشاهد وقدمنا له أعمالا تليق به سيلتف حولها من جديد، وياليت القائمين على صناعة الدراما يشعرون بمسئوليتهم ويبتعدون عن تقديم الثقافة الضارة التى تضر بالشباب ويتحملون وزرها ووزرهم، ليتهم يقدمون الأعمال الهادفة التى تعود عليهم بالنفع والثواب وتعود على الوطن عامة وستبقى سيرتهم بما قدموه.


هم يلجأون إلى ما فيه الربح فقط؟


- أعتقد أن هذا التوجه ليس مربحا ماديا لكنه مربح فى جوانب أخرى وربحه موجود ولكنه سيأتى بعد إذا تعود عليه الناس لكن قصد التجارة من هذه الأعمال يفسدها تماما وإذا جعلناه الهدف الوحيد فهذا ثمن رخيص، لذا من المهم أن تعود الدولة للأعمال الهادفة وتستعين بالمتخصصين فى اعداد معالجات جيدة.. وعلى سبيل المثل إذا أردنا أن نقدم معالجة درامية لموضوع المخدرات يجب أن تكون بهدف كيف نواجه أخطارها وليس بعرض طرق تعاطى المخدرات وتقديم تاجر المخدرات على أنه الانسان الخارق للعادة والاسطورة وبهذه للأسف نعلم الشباب كيف يتعاطونها وكيف يخفونها من أجهزة الأمن؟ نريد أن نبرز الجانب السيئ لا أن نمجد الخارجين على القانون والاعمال الدرامية بدلا من ان تحذر من مخاطر الإرهاب نجدها توضح للشباب كيف يكونون إرهابيين وهذه بسبب أخطاء المعالجة لذا فنحن نحتاج لكاتب مدرك للمسئولية متخصص لديه الحس الوطنى يخشى التأثير الضار على الشباب.