بعد فوزها بالسعفة الذهبية من مهرجان «كان»

نادين لبكي لـ«بوابة أخبار اليوم»: أنا بنت المدرسة الواقعية

المخرجة نادين لبكي ومحررة أخبار اليوم
المخرجة نادين لبكي ومحررة أخبار اليوم

أهدي الجائزة لجمهور «كفر ناحوم«..واختيار الشخصيات الجزء الأصعب

أبطال الفيلم قدموا حياتهم الحقيقية أمام الكاميرا ويمثلون للمرة الاولى

صورت 12 ألف ساعة وقلصت دوري لإبراز معاناة الشخصيات

بـ«زغروطة» عربية، أعلنت المخرجة اللبنانية نادين لبكي للعالم من قصر المهرجانات بمدينة »كان» الفرنسية فوز فيلم عربي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في المسابقة الرسمية.

نادين لبكي ليست وافدة جديدة على هذا المهرجان العريق، ولكنها شاركت في الدورات السابقة من »كان« في قسم »نظرة ما« لتشارك هذا العام لأول مرة في المسابقة الرسمية بفيلمها »كفر ناحوم» الذي حظي على إعجاب النقاد والجمهور ولجنة التحكيم التي ترأستها هذه الدورة النجمة كيت بلانشيت.

في أول حوار لها بعد الفوز بالجائزة قالت نادين لـ»بوابة أخبار اليوم«

 

في أول مشاركة لك في المسابقة الرسمية للمهرجان، خطفتي سعفة لجنة التحكيم إلى من تهدي هذه الجائزة؟


»كفر ناحوم» اعتبره نقطة تحول في عملي بعالم السينما فهو أول فيلم أنافس به في المسابقة الرسمية، كما أنه تجربة واقعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى لذلك كان بمثابة رهان ولذلك أهدي الفيلم للجمهور الذي أعجب بالعمل والفكرة ودعمني بكل هذا الحب والحماس في المهرجان.

 

كيف تم اختيار الأبطال وكيف صورت الطفلة الصغيرة وهل خضعت لتدريبات مخصوصة؟

الفيلم منذ أن كان حروف على ورق، كنت أفكر مع طاقم العمل سمات الشخصيات وأشكالها وأدق التفاصيل التي يمكن أن تتخيلها، لذلك استمر البحث عن طفلين الأول في عمر 12 عام والذي قام به  الطفل السوري زين الرفيع والأخر رضيع عمره لا يتجاوز عام وهو ما قدمته الطفلة الأثيوبية »تريجير«، وهي بالفعل كانت كنز بالنسبة لي، ففي بداية البحث شهرت وكأنني أقوم بمهمة مستحيلة ولكني وجدتهم وشعرت أنني محظوظة لأن ذلك الجزء كان الأصعب في رحلة صنع الفيلم.

أما الأطفال فكان تدريبهم غير وارد لان هذه الرضيعة لم تكمل عامها الأول بالإضافة إلى أنني أردت صنع فيلم واقعي في أحداثة لذلك كن انتظر طويلا لالتقاط اللقطة المناسبة فقد كنت أتابعها وأنا في حاله استعداد لالتقاط هذه اللحظات وكان صعب على الطاقم الانتظار كل هذا الوقت.

 
لماذا اخترت فكرة "كفر ناحوم" وهل واقع الحياة في لبنان بهذه القسوة؟

صنعت فيلم أتحدث فيه عن النظام الذي يعمل في رأي الشخصي بشكل جيد في محاوله لمنع الهجرة غير الشرعية بالإضافة لإلقاء الضوء على المهمشين والأطفال الذين لا يتم النظر لهم لأنهم غير  مسجلين بشكل رسمي في الدوائر الحكومية الرسمية بسبب فقر ذويهم وعدم قدرتهم على تسجيلهم.

 لذلك كان مهم بالنسبة لي أن أكون قريبه من الأطفال في الشارع ومعرفه حياتهم الطبيعية وكنت اطرح سؤال على الأطفال الذين بحثت حالتهم «هل انتم سعداء؟ وكانت الإجابة لا أنا لا اعلم لماذا أنجبني أهلي إذا لم يحبوني».

 كما قمنا بعمل كثير من الأبحاث حتى نصل للحقيقة عن حياه هذه الأشخاص وكنا سويا نكتب القصة بعد اللقاءات وهل يمكن أن يحدث ذلك في الحقيقة وان نكون على الحياد ولكن هؤلاء الأشخاص حقيقيون وحاولت أن أقدم واقعهم بشكل حقيقي .

وبالفعل حياة الطفل زين في الحقيقة هي التي قدمها أمام الكاميرا، والممثلة الأثيوبية يوردانوس شيقروا، كانت محبوسة بالفعل ولم يكن لديها أوراق.

 

•     تعمدت تقديم نظرة عن كثب لحياة المهمشين، هل تنتمي للمدرسة الواقعية؟

أنا أؤمن بقوة الواقعية في الأفلام وهي الطريقة التي تعرف بها الكثير والكثير عن الحياة ولا أقول أنها مدرسه عظيمة ولكنها المدرسة التي انتمي إليها وأريد أن أتعمق فيها وأنا مؤمنة أن الحياة الحقيقية والأشخاص الحقيقيون مهمين مثل النجوم، وكنا نعيد تصوير المشاهد بعد شهور لرصد التغييرات التي تحدث للشخصيات في الواقع، وهو ما يجعلك ترى الطفل يكبر وتشاهد التغيرات التي تحدث له بمنتهي الواقعية، ولا اعتقد أنني أستطيع العودة لتقديم أفلام أخرى، أنا أحب هذه الحرية في التصوير والأحداث والشخصيات.

 
الفيلم يبدأ برفع الطفل دعوة قضائية على والده، هل مقاضاة الطفل لأهله أمر واقعي؟ 

الحقيقة أن الطفل لا يستطيع مقاضاة أهله ولكن »زين« كان رمز في الفيلم ويجب أن يقدم نموذج فكر جديد في الحياة، مع توضيح أن أفعاله نتيجة لما مر به في أهم سنوات عمره.

 
لماذا قمت بتقليص دورك وعدد مشاهدك في الفيلم؟

لأني أريد أن أسلط الضوء على حياتهم وإبراز المعاناة لذلك استمرت عملية المونتاج لعام ونصف وكنا نعمل كعائلة وكنا نعمل على دوريات و كان الفيلم مدته ١٢ ألف ساعة وثم بدأنا المونتاج ليصل إلي ساعتين وكنت أقوم بعمل عروض خاصة للاستماع لرأي من سيشاهد الفيلم لأول مره واعتقد أنني محظوظة لأنني صنعته مع هذه العائلة الفنية.

تصوير الفيلم تزامن مع ولادتك لابنتك الثانية، كيف استطعت انجاز كل هذا العمل ورعاية طفلتك الصغيرة؟ 

بالفعل ابنتي »مايرون« قريبة جدا في السن من الطفلة الرضيعة، أي أنني كنت أمر بنفس تجربة الأمومة التي تمر بها »رحيل« في الفيلم، حتى أنني كنت أمر بنفس فترة الرضاعة الطبيعية معها وهو ما جعلها تجربة ثنائية بالنسبة لي، وكنت اذهب لإرضاع طفلتي والاعتناء بها من وقت لأخر في الاستراحة من التصوير.

 
هل للفن دور مؤثر يستطيع التغيير في هذه الحياة ؟
دور الفن في المجتمع مهم جدا ونحن لدينا قوة في تغيير الواقع ولدينا مسئوليه كبيره تجاه المجتمع خاصة أننا نعاني من مشاكل كبيره في الشرق الأوسط. اعتقد انه يوجد حلول لهذه المشاكل ولكن علينا أن يكون لدينا النية لعمل ذلك التغيير فنحن نشعر بخيبة الأمل والبعض  يدفن رأسه في الرمال مثل النعام ولكن الحقيقة أننا لدينا حقوق في التعليم والصحة والحياة والسعادة ويجب أن ندافع عنها.

فهناك آلاف الأطفال في لبنان يعيشون ويموتون ولا احد يعلم عنهم شيء لأنهم ليس لديهم أوراق، وهم لا يضحكون ولا يلعبون وليس لديهم أي شعور لأنهم يفتقدون الحب والحياة.