الـتـوك توك.. غول يلتهم ٦ مليارات جنيه من دعم الوقود

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أمام أحد أسواق منطقة السيدة زينب الشعبية تصطف مجموعات كبيرة من «التكاتك»، وسائقون من مختلف الأعمار يتصارعون لاقتناص الزبائن الخارجين من السوق، يقول حازم أحمد «سائق توك توك» متزوج ولديه ابن ــ أنه قرر ترك عمله بأحد الشركات وشراء توك توك ليعمل عليه، وما شجعه على اتخاذ هذا القرار هو انخفاض ثمن شرائه «٢٧ ألف جنيه» مقارنة بما يدره عليه من دخل يومي ثابت وهو ضعف ما كان يتحصل عليه بعمله السابق، ويضيف حازم «يومية التوك توك» ٣٠٠ جنيه بالإضافة إلى أن تعبئة الوقود لا تكلفني شيئا فاحتاج إلى ٤٠ جنيه فقط فى اليوم للتعبئة، لكن عندما ترفض محطة الوقود دخولي بالتوك توك نظرا لعدم وجود أرقام عليه اتجه إلى محطات الوقود العشوائية الموجودة بالحواري مقابل ٥٠ جنيها». 
«وأصبح أن تكون سائق توك توك خير لك من أن تكون عامل» لما لقيادة التوك توك من مميزات تجذب الكثيرين ليصبحوا سائقى توك توك، وأهمها أن يومية سائق التوك توك ثابتة وأحيانا تتعدى الـ ٣٠٠ جنيه أى ضعف يومية العامل، كما أنهم لا يلتزمون بأى قواعد أو مواعيد في عملهم فهم يفعلون ما يحلو لهم وقتما يشاؤون، كما يحصلون على بنزين مدعم ولا يدفعون في المقابل أي ضرائب للدولة.
وعلى الرغم من عدم وجود أى إحصاءات رسمية لحصر أعداد التوك توك فى مصر.. إلا أن دراسات المنظمات المدنية تشير إلى تجاوز أعدادهم 3 ملايين توك توك من أصل 9 ملايين مركبة بنسبة 35%، وتؤكد نفس الدراسات أن استهلاكهم من «بنزين 80» يبلغ مليار و825 مليون لتر سنويا، بواقع 5 ملايين لتر فى اليوم، و بحسبة بسيطة استنادا لتلك الأرقام يتضح ان دعم البنزين الذى يحصل عليه سائقو التوك توك (6 مليارات و 660 مليون جنيه) وهو ناتج ضرب كمية الوقود المستخدم فى السنة (مليار و 825 مليون لتر) فى سعر الوقود المدعم  (3.65 جنيه)، أما فى حال رفع الدعم من البنزين سنجد أن استهلاكهم من البنزين يبلغ (10 مليارات و 400 مليون جنيه)، وهو ناتج ضرب كمية الوقود المستخدم سنويا (مليار و 825 مليون لتر) فى سعر الوقود غير المدعم (5.7 جنيه)، مما يعنى أن هناك حوالى 4 مليارات جنيه تضيع على الدولة فى صورة دعم لهم على الوقود لا يستحقوه..
«أنا متخرج من كلية التجارة ووجدت التوك توك أفضل من أى عمل. بهذه الكلمات بدأ عمر سيد يروى حكايته وكم أن عمله كسائق توك توك ساهم فى مساعدة. والدته فى مصاريف المنزل بعد أن توفى والده حيث يكسب يوميا ٤٠٠ جنيه بخلاف ما يدفعه لصاحب التوك توك من إيجار، وأضاف أن أكثر ما يتمناه هو أن يكون هناك تقنين لأوضاع التكاتك.
ويؤكد النائب محمد عبدالله زين، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، أن المشروعات العشوائية «كالتوك توك» أصبحت منتشرة بشكل غير طبيعى مؤخرا خاصة فى المدن، وقرار منع استيرادها أو قطع غيارها سيساهم فى وضع حد لهذه الظاهرة، لكن من لديه توك توك يعمل عليه، لابد من تقنين أوضاعه، ففى حال قيام الدولة بتقنين وجود التوك توك ستستفيد من ذلك لما سيدره من دخل كبير للخزانة العامة، حيث سيكون له «أرقام ورخص»  ويدفع ضرائب مثلما تدفع باقى وسائل المواصلات المرخصة، وأضاف أن إصدار الكروت الذكية للتوك توك عملية مهمة جدا، هناك ضرورة لتفعيلها على أرض الواقع فى ان يحصل على الوقود المدعم من يستحقه فقط وهو من يقوم بدفع ضرائب للدولة.
أكدت د. يمن الحماقى أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، أن سبب انتشار التوك توك يرجع إلى احتياج بعض الأماكن العشوائية له والتى لا تتوافر فيها وسائل المواصلات الخاصة بالدولة، لافتة إلى أن مشروع التوك توك من أسهل المشروعات الصغيرة التى يقدم عليها الشباب بسبب انخفاض ثمن شرائه مقارنة بعائده المادي، وأكدت أن قرار إلغاء الدعم تدريجيا من البنزين كان الأمثل فى ذلك الوقت حيث أن سائقى التوك توك لا يدفعون أى ضرائب بالتالى يستحقون الدعم المقدم من الدولة، وشددت على ضرورة وجود إدارة مختصة للتوك توك وذلك بسبب كثرة أعدادهم، وأضافت ان قرار الرئيس بإعفائهم من الضرائب لمدة ٥ سنوات سيشجعهم للدخول تحت مظلة الاقتصاد الرسمي.
ويقول د. عماد نبيل خبير النقل والمرور، أن التوك توك وسيلة غير آمنة للسير فى الشوارع والمناطق التى يوجد بها ازدحام مرورى أو سكاني، وهنا تكمن المشكلة، حيث يضطر الكثير ممن يعملون سائقين للتوك توك الخروج على قواعد المرور، وهو الأمر الذى يجعل تفعيل القانون وتطبيقه أمرا ضروريا، وانتشاره يمثل خطرا على الأمن القومى فنجد أن أغلبية القضايا يكون التوك توك متورطا فيها بشكل أو بآخر لذلك القيام بوضع تشريعات لتقنين أوضاعهم سيحد من الفوضى المتواجدة الآن والمتمثلة فى وجود الكثير من التكاتك بلا أرقام مرورية أو رخصة، ما يجعل هناك سهولة فى معرفة شخصية صاحب التوك توك إذا ما وقعت حادثة أو جريمة.