حكايات| قُبة السبع بنات.. «المرمغة في التراب بتجيب عيال»

قُبة السبع بنات
قُبة السبع بنات

أمام جدران متهالكة يعُم السكون بداخلها، تهمس سيدة للأرض ثم فجأة بين ترابها «تتمرغ» علها تنال رضا الأسياد، وتفك عقدة العقم، لتحمل بين أحشائها صغيرًا، أو هكذا تحكي روايات أهل البهنسا عن قدسية مسجد «السبع بنات».

بمرور السنوات، تحولت منطقة السبع بنات لأثر بارز في مركز بني مزار بالمنيا، حتى باتت قبلة الزائرين الأولى، واكتسبت قدسيتها من خلال الطقوس التي تمارس بالمكان، المرتبطة بالقصص التي تدور حول صاحبات الأضرحة. 

وفي البهنسا لا صوت يعلو عن الجامع، صاحب بركات الشفاء من الأمراض وتحقيق أمنيات راغبي الزواج والحمل، حتى وإن كان لا تقام فيه صلوات أو تخرج منه أصوات أذان، فمع الوقت صار الجامع ضريحًا للدعاء بداخله والتمرغ في ترابه بالخارج.

قتلتهن زغرودة

مع دخول جيش عمرو بن العاص إلى مصر لقتال الروم، لحقت مجموعة من النسوة بالجيش العربي، إذ ارتدين ملابس رجال وقاتلن معهم، وفي إحدى الجولات التي انتصر فيها «العرب» غلبتهن طبيعتهن كإناث، فزغردن ابتهاجًا بالنصر، ففطن الروم لكونهن نسوة، فتسلل الروم ليلاً وذبحوهن، وبعدها دفن معًا، وعددهن سبع، وكانت الأرض قد امتلأت بدمائهن.

اقرأ حكاية أخرى|  قبطي يجمع شمل المسلمين لـ«وجه الله»

إلى هنا ربما تكون الرواية عادية؛ لكن قدسية الموقع – بحسب مصدر أثري بالمنيا – تأتي من دماء الفتيات السبع التي تشبعت بها الأرض فصارت مقدسة، مضاف إليها مقابرهن وبه قبة أثرية؛ حيث يقع القبر السابع بجوار البئر الأثري من الناحية الغربية، ويحوي المكان أيضًا بئرًا قديمًا عمقها 15 مترًا تحت الأرض، ومياه لا تنقص.

في محيط الموقع الأثري، هناك ساحة المراغة، وكان بها ما يعرف بمجرى الحصى أو مجرى الدم أو مجرى السيل، ويضم مسجدًا صغيرًا قديمًا ومتهالكًا غير مهيأ للصلاة.

رجال ونساء.. الكل يتمرغ

تقف «صفية» خادمة الجامع والضريح، والفخر يعلو ملامح وجهها، متحدثة عما يحمله التراب من معجزات كشفاء المريض وفك كرب المهموم وإنجاب العاقر، ولا تخجل في الإفصاح عن دفعها يوميًا رجالا ونساء للتدحرج على التراب أملا في الإنجاب.

أقرأ حكاية أخرى| مخترع ينقل «دركسيون» سيارته للقدم

وللتمرغ طقوس لا يمكن تجاهلها، تبدأ بنوم الزائر أو الزائرة على جنبه الأيمن ثم تتولى «صفية» دفعة على الرمال للتبرك والإنجاب، وفي صبيحة كل يوم جمعة يتحول المكان إلى ما يشبه مهرجان «المرمغة» للجميع، فأعداد غفيرة من شتى بقاع الجمهورية تتوافد بقصد التبرك والشفاء.

حتى مع البرد الشديد، يواظب الزائرون على ممارسة الطقوس، بداية من خلع أحذيتهم ثم الدعاء مع تقبيل سطح الأضرحة، وبعدها يطوفون في شكل دائري حول الأضرحة المتباعدة قليلاً، ومنها للمنحدر الرملي وبه يتمرغ أو يتدحرج الرجال والنساء.

ذبائح وبركة الزواج

يوسف سيد, زائر من مركز أبو قرقاص, أتى مع خطيبته لرؤية مقامات السبع بنات البهنسا والتبرك بها قبل زفافهما حتى تزيل عنهما الهموم أو أي عقبات قد تواجههما حتى يتم زفافهما على خير، خصوصًا أن شقيقته الكبرى أنجبت طفلا بعد سنوات من الحرمان ببركة هذا المكان.

أقرأ حكاية أخرى| مصريون على حدود الكوكب

وفي ركن آخر بالموقع، وقفت «فتحية حسن - 34 عامًا» متحدثة عن زيارتها الدائمة للسبع بنات، وتبركها بالموقع، فكلما استجاب الله لدعوة منها سارعت بتقديم الذبائح وحلقات الذكر داخل مقام السبع بنات. ولا يختلف محمد معروف، الذي يحرص على التبرك بالمقام، بعد أن كان سببًا في شفائه من مرض السكر.